هل تعلمنا الدرس؟
" لا يلدغ مؤمن من جحر واحد مرتين " .. والتيارات والاحزاب والجماعات السياسية الليبرالية والمدنية ليست كافرة كما يتهمها شيوخ السلفيين، فهي مؤمنة!!، ويجب عليها ألا تقع في نفس الخطأ مرتين .. خطأ الانشغال بالمعارك الفرعية ذات النتائج المحسومة، وترك المعركة الرئيسية الكبرى التي يمكن ببعض الجهد والتخطيط والعمل الجاد أن تحقق فيها نجاحا كبيرا ومؤثرا في مسار العملية السياسية برمتها .
المعركة الرئيسية هي معركة مجلس الشعب القادم، أما المعارك الفرعية فهي ما تعتزم هذه التيارات والأحزاب اتخاذه من اجراءات تصعيدية ضد عملية الاستفتاء على الدستور، وفي مقدمتها رفع دعاوى قضائية لاثبات بطلان عملية الاستفتاء في المحاكم المصرية ، وهي دعاوى محكوم عليها بالخسارة مقدما في ظل تحصين عملية الاستفتاء بما صدر من اعلانات ستورية مؤخرا، ومن ثم فلا طائل من شغل الرأي العام بمثل هذه التصرفات وغيرها، ومن الاولى التركيز في هذه المرحلة الهامة على الاستعداد لانتخابات مجلس الشعب بعد شهور قليلة، هذه هي الموقعة الكبرى التي تحتاج إلى كل دقيقة عمل منذ الآن، وإلى كل صاحب فكر وجهد وبصيرة، تحتاج القوى السياسية الآن إلى تحالف جاد، وإخلاص للنوايا، وإدراك حقيقي لخطورة اللحظة الراهنة التي تعيشها مصر.
دائما ما تراهن القوى الاسلامية على تفتت وتشرذم قوى التيار الليبرالي، وأن هذه القوى تبقى متحالفة ومتعاونة ومتشابكة الايدي لحين القضاء على خصمها، ثم ينفرط عقدها بمجرد البدء في توزيع الغنائم.. بينما تبقى قوى التيار الاسلامي متوحدة دائما وقادرة على التعاون والصمود رغم اختلافاتها الكبيرة فيما بينها في كثير من الاحيان .. نجحت هذه القوى بنفس هذا المنطق في الانتخابات البرلمانية السابقة، وبنفس المنطق أيضا فشلت القوى الليبرالية.. فهل حاون وقت تعلم الدرس والاستفادة مما حدث ؟
واقع الحال، وما يزيد من خطورة وأهمية اللحظة الحالية هي أن مجلس الشعب القادم ليس كغيره من المجالس النيابية السابقة، فهو المجلس الاول بعد إقرار الدستور الجديد، وهو ما يعني أن هذا المجلس أمامه الفرصة مواتية لسن وتعديل العشرات من القوانين المفسرة لبنود الدستور الجديد ، والتي يمكنها بطبيعة الحال أن تغير كثيرا من مجريات الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتعليمية
نتائج عملية الاستفتاء على الدستور أثبتت بشكل واضح تراجع شعبية التيارات الاسلامية في العديد من المحافظات بعد أن هبطت نسب التأييد والموافقة من 77% في الاستفتاء على الاعلان الدستوري في مارس 2011، إلى 64% في الاستفتاء الحالي.. الامل ليس ببعيد .. والتغيير ليس مستحيلا .. فقط اعملوا من الان بإخلاص واتقان .. ولن يضيع الله أجركم اذا خلصت نواياكم وتوحدت جهودكم.