رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

دستور بلا دولة

هل لا يزال يشغلك الدستور ، وما يجري حوله من جدل وصراع بين نعم ولا ؟ واقع الحال أنا لم يعد يهمني في شئ هذا الذي يسمونه مسودة أو مشروع دستور لمصر .. لم تعد تنتابني نفس اللهفة المعهودة على معرفة النتائج أولا بأول ..

ولا معرفة الانتهاكات التي حدثت وتأثيرها على النتيجة النهائية .. لم أعد أشعر بنفس الرغبة في التنقل بين القنوات الفضائية ومواقع الانترنت لمتابعة عمليات الفرز في اللجان الفرعية على الهواء مباشرة .. أصبحت لا أرى فارقا بين أن تأتي النتيجة بنعم أو ب لا .. الامر سيان .. دستور لدولة لم يعد لها وجود على أرض الواقع .. دولة كان اسمها مصر .
لم تعد دولة تلك التي تسمح لقطيع من البشر المسلحين أن يطوفوا الشوارع في وضح النهار يرهبون ويرعبون ويهجمون ويحرقون مقرات الاحزاب والصحف وكل من يقف في طريقهم ولا يسير على هواهم، دون أن يقبض على أحد فيهم.
لم تعد دولة تلك التي يكتفي جهازها الشرطي بجمع المعلومات عن القتلة، وابلاغها للضحايا، وكأنه يقول لهم : انتظروا موتكم بعد عدة ساعات .. يعني يا دوب تلحقوا تودعوا أهلكم ، وتنطقوا الشهادتين ، واللي نفسه في حاجة يعملها بسرعة .. قبل قضاه ما ييجي.
لم تعد دولة تلك التي تسمح لعشرات الموتورين بحصار المحكمة الدستورية العليا منذ عدة أسابيع.. يوم يسمح لقضاتها بالدخول، وأيام يمنعون بالإرهاب والهتافات وغلق أبواب المحكمة ، دون أن تتمكن الشرطة من تفريقهم ، بحجة أن الاعتصام والتظاهر حق مكفول للجميع، وأن القوى المدنية هي أول من طالبت بذلك، ولا يحق لها الان أن تتضرر من أن يمارس مناصرو التيار الاسلامي نفس هذه الحقوق !!
لم تعد دولة تلك التي يهاجم فيها مجهولون مرات عدة محطة مترو السادات ، بحجة تنفيذهم للعصيان المدني احتجاجا على الاعلان الدستوري دون أن تتمكن أجهزة الامن من القاء القبض عليهم .
لم تعد دولة تلك التي يصرح رئيسها بما يخالف نتائج تحقيقات النيابة العامة في أحداث قصر الاتحادية،

وحينما تصر النيابة على رأيها، يمارس النائب العام الجديد دوره في عقاب وكلائه ، وابعادهم إلى المناطق النائية، قبل أن يرجع في قراره تحت ضغط رجال النيابة الشرفاء.
لم تعد دولة تلك التي تسمح بمحاصرة استديوهات البث الفضائي من قبل من يسمون أنفسهم حازمون، يقررون من يدخل، ومن لا يدخل، يضربون كل من يخالفهم في الرأي، يحطمون السيارات، ويسرقون المياه، ويتعدون على أراضي الدولة ببناء مراحيض خاصة ، دون أن يتعرض لهم أحد .
لم تعد دولة تلك التي تحدث فيها كل هذه الكوارث، دون أن يخرج رئيسها أو من ينوبه على الناس لكي يقول لهم ماذا يحدث، وكيف يمكن مواجهته ؟
بات البعض مؤمنا بفكرة أن بعضا مما يحدث يتم بعلم أو بصمت الدولة ، وهو ما يمكن أن يقودنا نحو الهاوية حينما يسمح لشريعة الغاب أن تسود، وأن كل من يمكنه جمع العشرات من أنصاره فعل ما يريد في أي وقت يشاء .. لا تنهار الدول حين تكثر الجريمة وترتفع معدلاتها بأي صورة كانت، ولكنها تنهار حينما يضيع القانون، ولا يعاقب كل مجرم على ما فعله حتى لو كان رئيس الجمهورية .
سيدي القارئ إن كنت تشغل بالك كثيرا بأمر الاستفتاء الذي يجري ، فمن الاولى أن تنظر إلى ما هو أبعد من ذلك.. إلى الدولة نفسها التي يجري الاستفتاء على دستورها.