رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

اللجان الشعبية الاخوانية

في عيد الاضحي سافرت إلى قريتي في قلب صعيد مصر، لاحظت تغيرا ايجابيا في مستوى النظافة، حيث انتشرت ولأول مرة منذ أن وعت عيناي صناديق جمع القمامة في جميع الشوارع، وهي صناديق نظيفة و" شيك " ،

يجمع فيها اهل القرية قمامتهم، ثم يأتي عمال مجلس القرية في اخر النهار لجمعها في عربات مخصصة لذلك ، وحينما سألت عن صاحب الفكرة، قالوا : " اللجان الشعبية "، فعاودت السؤال، ومن هؤلاء ؟ فكانت الاجابة انهم مجموعة من شباب القرية ينتمون إلى جماعة الاخوان المسلمين، ويقومن بالكثير من الاعمال التي نالت اعجاب الكثير من أهالي القرية مثل الاشراف على عملية توزيع أنابيب البوتاجاز التي كانت تمثل مشكلة كبيرة وصداعا مزمنا في رأس أهالي القرية الباحثين عنها دون جدوى، أما الان فأصبحت الانابيب متوفرة وتغطي احتياجات المواطنين ، حتى أن هذه اللجان أعادت حمولة كاملة من الانابيب كانت مخصصة للقرية، وطلبت تحويلها إلى مكان اخر يعاني نقصا واحتياجا، لأن الأهالي لديهم ما يكفي احتياجاتهم الشهرية .. لم يتوقف الامر عند هذا الحد ، بل عرفت أيضا أنهم يشرفون على عملية توزيع الخبز بالعدل بين الناس .. سمعت مثل هذا الحديث من أكثر من شخص، وفي أكثر من قرية مجاورة لقريتنا ، وعرفت أن الناس يمتدحون هذا العمل، ويشعرون بالامتنان لهذه اللجان الشعبية الاخوانية ان صح التعبير، ويقدرون ما يقوم به هؤلاء الشباب من مجهود تطوعي كبير ، غير أن هذا الامتنان الشعبي ، يقابله امتعاض رسمي من جانب بعض المسئولين داخل القرية خاصة مفتشي التموين الذين بدأوا يشعرون بأن هذه اللجان تتدخل بشكل سافر في عملهم ، وفي بعض الاحيان تملي عليهم ما يقومون به، وأن الامور تتعدى في مرات كثيرة مجرد المساعدة والتنظيم إلى القيام بالعمل نفسه في حضور المسئول الاول عنه، والمكلف رسميا من قبل الدولة بأدائه .. الغريب في الامر أن هذا الرفض الرسمي لا يتجاوز حد الهمهة والامتعاض، والسر أن هناك تعليمات عليا مشددة شفهية

ومكتوبة توصي مجالس المدن والقرى بالتعاون بشكل كامل مع هذه اللجان، واشراكها في كل الاعمال التي تريد، والسماح لها بإبداء الرأي والنصيحة، والاخذ بها، وتنفيذ ما تريد ولو على غير رغبة المسئول .. انا هنا أنقل ما سمعته نصا من بعض هؤلاء المسئولين .. ومن ثم اتوقف لأسجل ملاحظاتي على هذا السلوك الاخواني :
- على الرغم من أن سلوكيات هذه اللجان محمودة، وتصب في النهاية في صالح المواطن ، والذي بدأ حقا يشعر ببعض الرضا تجاهها، فإن الصورة المقابلة لذلك هي أن هذه اللجان باتت تشكل خطرا حقيقيا على مفهوم الدولة المؤسسية، وتستبدل العمل التطوعي الذي يصب في صالح جماعة بعينها لا في صالح الدولة، بالعمل المؤسسي الذي يعاقب ويثيب حسب أداء كل مؤسسة لعملها.
- أن ما رأيته مثل لي شكلا من أشكال " التمكين " الاخواني ، وسلوكا ممنهجا ومنظما للسيطرة على مفاصل الدولة في أصغر صورها، واعلاء مصلحة الجماعة على مصلحة الدولة.
- السؤال الذي ظل يطاردني هل لذلك علاقة بالانتخابات البرلمانية القادمة؟ هل تسعى الجماعة الى كسب ود هؤلاء البسطاء بنفس طريقة زجاجة الزيت وكيس السكر ؟ هل اذا قامت جماعة سياسية اخرى أو حزب سياسي اخر بنفس العمل، ستلقي نفس الدعم من المحافظين ونوابهم أم أن الامر حكرا فقط على جماعة الرئيس؟

بقلم: د. عثمان فكري