رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الصحافة الاقتصادية في مصر والمهنية الغائبة

يبدو أننا أمام طريق طويل وشاق لهدم طريقة التفكير للعديد من البشر في مجتمعنا المصري وخاصة في الصحافة المصرية. فقد تعود كثير من الصحفيين على كتابة عناوين براقة تخرج الكلام من سياقة على نحو يؤدي عكس ما صدر له القول أو التصريح، وذلك من خلال استخدام منهج ولا تقربوا الصلاة. وهذا ما يجعل كثير مما يكتب في الجرائد المصرية يبتعد كثيرا عن المهنية على نحو يجعل التعبير السائد "كلام جرائد" هو أفضل تعبير عن غياب تلك المهنية. ولهذا كنت حريصاً دائما الا يكتب أحد على لساني كلام إلا إذا كتبته له أو كتب هو ورائي وكرر علي ما سيكتبه عني، خاصة أن مجال الاقتصاد مجال حساس جدا ولكل كلمة وزن ومعنى وإن اختلفت الأراء حول القضايا الاقتصادية باعتباره أحد العلوم الاجتماعية وليس علماً طبيعياً كالفزياء والفلك.

ووفقا لملاحظتي في التعامل مع الصحافة الاقتصادية في مصر نجد أن كثيراً ممن يمارس تلك المهنة -ولغياب الخلفية الاقتصادية لديهم- فإن عادة ما يكتبون كلاماً للخبراء والاقتصاديين إذا قرأته سوف تضحك وتقول هؤلاء الخبراء إما أنهم خبراء تغذية أو خبراء تنظيف وليسوا خبراء اقتصاديين مع احترامي الكامل لكل المهن المختلفة. وسأضرب لكم مثالا حديثاً، فيوم الخميس الماضي التاسع من يونيو 2011 فوجئت وأنا بالطائرة في طريقي لمصر في زيارة قصيرة أن اسمي مدرج في تحقيق عن التضخم وسعر الفائدة وانظروا ماذا كتبت الصحفية –عفوا لا أتذكر إسمها- "يرى الدكتور عبدالله شحاته أن التضخم سيتمر في الارتفاع وأن البنك المركزي لا يجب أن يقوم في هذه الظروف في رفع سعر الفائدة". ولكم أن تتخيلوا لو قرأ أحد طلابي بكلية الاقتصاد هذا العبث لقال أن هذا الدكتور يقول هذا الكلام وهو مسطول. المصيبة الكبرى أن هذا الكلام صدر في صحيفة الأهرام وهي ليست صحيفة جديدة أو أن من يمارس بها الصحافة على درجة من المهنية تجعله لا يمارس تلك السقطات المسيئة لمن يتم استطلاع رأيهم إذا حدث ذلك أصلاً.

الحادثة الثانية معي وهي أن أحد الأصدقاء اتصل بي وأنا الآن خارج مصر يخبرني أن جريدة الدستور كتبت على

لساني أني أقول أن الدكتور سمير رضوان –وزر المالية الحالي- يقترض لتحقيق مصالحة الشخصية! هل هذا معقول أن يصدر مني مثل هذا الهراء. وقد قلت لصديقي أنا رأي في الموازنة العامة قد نشرته بكل وضوح وانتقاداتي نقلتها بمهنية في مقالي في جريدة الشروق. فنحن كاقتصاديين عندما ننتقد مشروع الموازنة أو أية  قرارات اقتصادية لا ننتقد أشخاص لأننا على الأقل زملاء في المهنة ونعمل دائما بمنطق الاختلاف لا يفسد للود قضية، وذلك لأن شخصنة الأمور أمر مرفوض. لكن الأخطر أن يكتب هذا الكلام "الاقتراض لتحقيق المصلحة الشخصية" وكأن الوزير يتقاضى عمولة على الاقتراض هل هذا كلام؟ هل هذا منطقي؟ أنا لو كنت مكانة لقمت برفع قضية على الصحيفة وساعتها أنا واثق من أن المحكمة ستعوض الوزير وتعوضني عن هذا الضرر المعنوي المدمر لسمعة الناس.

هذه نماذج فقط تثبت شيئ واحد إما أنني كنت مسطول عندما أصرح بهذا الكلام أو أن المتلقي مسطول على نحو لايدرك ما يسمع. وفي كلتا الحالتين لا يجوز لصحفي محترم أن يسأل متخصص مسطول أو أن يكون هو نفسه مسطول فكليهما حالتين بعيدتين عن المهنية في صحافة تكتب فيها الكلمات بوزن الذهب نظراً لخطورة التحليلات الاقتصادية في التأثير على معايش البشر. نسأل الله الهداية لنا ولمن يأخذ عنا. والله تعالى أعلى وأعلم

 

* استاذ الاقتصاد والمالية العامة  المساعد– كلية الاقتصاد والعلوم السياسية- جامعة القاهرة