رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

في شأن إصلاح الجهاز المركزي للمحسابات رقم (2)



تناولت المقالة السابقة الأسباب التي تدفع بضرورة إصلاح الجهاز المركزي للمحاسبات، خاصة في ظل ما ظهر من الإساءة الصارخة للمال العام خلال 30 عاماً. وكما أننا حصرنا خمس مشكلات أساسية، فإن إصلاح منظومة العمل بالجهاز تكمن في استهداف تلك المشكلات. ونبدأ بطبيعة الحال بالقضية الخاصة بمدى استقلال الجهاز المركزي للمحاسبات. وهنا نشير إلى أن الخبرة الدولية في هذا السياق تشير إلى أن هناك حلين لهذه القضية؛

الحل الأول هو أن يكون الجهاز مستقلاً عن السلطات المختلفة بحيث ينظم هذا الاستقلال قانونه الخاص أو أن ينص على استقلاله صراحة في دستور الدولة. أما الحل الثاني فهو أن يكون الجهاز تابعا للبرلمان بحيث يكون يد السلطة التشريعية للرقابة الخارجية على المال العام، مع الاحتفاظ أيضا باستقلاليته فيما يتعلق بعملياته المختلفة. وإذا كنا نحن في الطريق العاجل إن شاء الله لعمل دستور مصري جديد، فإنه لابد أن يؤخذ في الاعتبار إضافة المواد التي تحقق استقلالية الجهاز وتحدد طريقة عمله. هذه الاستقلالية في تبعية الجهاز سوف تطلق يده في مراقبة المال العام دون الخوف من التعرض لأي ضغوط من قبل أي سلطة في الدولة. وسوف تعطي الجهاز القدرة على نشر تقاريره المختلفة ولا يضفي عليها صفة السرية الوهمية والمبالغ فيها ومن ثم يتم حل المشكلة الثانية التي أشار إليها المقال الأول وهي غياب الشفافية والسرية التامة على تقارير الجهاز.
أما بالنسبة لمشكلة الفساد داخل الجهاز – وهي المشكلة الثالثة - فإن إعادة هيكلة الجهاز كغيره من المؤسسات الحكومية وهذه مسألة ليست سهلة لأنها تقتضي إعادة هيكلة العمالة داخل الجهاز والتخلص من العناصر الفاسدة داخله وإقرار نظام داخلي للرقابة والمتابعة يقوم على الثواب والعقاب العادل. كما أن تعديل نظام اختيار الموظفين من خلال تطبيق نظام امتحانات التوظيف السرية

التى تستند على مبدأ التنافسية سوف يضمن اختيار العاملين بالجهاز على أساس الجدارة والكفاءة والقضاء على الواسطة والمحسوبية.
وبالنسبة للمشكلتين الرابعة والخامسة الخاصة بالضعف المهني في ممارسة الرقابة الخارجية على المال العام وعدم الالتزام بالمعايير الدولية المحاسبية في عملية الرقابة وإصادر التقارير المختلفة، فإنه لابد من طرح استراتيجية واضحة لإصلاح الجهاز ضمن الإطار الإصلاحي الأعم للجهاز يتم من خلالها عمل خطة تطوير للكوادر داخل الجهاز من خلال الاستعانة بالخبراء المتخصصين في نظم المحاسبة الحكومية المتطورة وكذا مجالات التخطيط الاستراتيجي وتنمية الموارد البشرية.
هذه الحلول التي طرحتها المقالة هي إطار عام يحتاج تفصيل في كل نقطة من النقاط المطروحة. على سبيل المثال فإن قضية التبعية تقتضي التفكير في الطريقة التي يعين بها رئيس الجهاز ومدة تعيينه وهل يجوز عزله أم لا ومن له حق العزل.  الأمر نفسه ينطبق على الحلول المطروحة للمشكلات الأخرى تحتاج إلى تفصيل وإطار تشريعي محكم لهذا الجهاز الذي لا غنى عنه لحماية المال العام وفي ظل تعرضه لمظاهر الفساد التي طالت كل أجهزة الدولة في فترة النظام السابق. والله تعالى أعلى وأعلم.
*استاذ الاقتصاد المساعد بقسم الاقتصاد- كلية الاقتصاد والعلوم السياسية،

والخبير المالي بصندوق النقد الدولي (IMF).