رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

بصراحة وبدون زعل..ماسبيرو تستحق وقفة مع النفس

إن ما حدث يستوجب وقفة صريحة مع النفس لنا كمصريين جميعاً القبطي والمسلم. وفي هذا المقال أتحدث بمنتهى الصراحة عن تلك القضية والتي قد تغضب البعض، عن رؤيتي للعلاقة بين أهل "سفينة" مصر والتي لن تنج كما قال النبي (صلى الله عليه وسلم) إلا إذا أخذنا على أيدينا بعضنا البعض،

وأن نكون على يقين الخلاف لا يمكن تحله القبلات والأحضان بين البابا والمفتي أو شيخ الأزهر. هذه الرؤية حول طبيعة العلاقة بين ركاب السفينة ألخصها فيما يلي:
أولا- هناك مشكلة حقيقية بين أغلبية مسلمة وأقلية مسيحية – قد يعترض البعض على هذه المقولة ولكنها في رأيي هي الحقيقة – الأغلبية ترى في مطالبة الأقلية نوع من إظهار القوى وتعدي على وجودها،  فكيف تطالب أقلية معينة بهذا وذاك وهذا الشعور يتملك كل أغلبية في كل الدول والمقولة الشهيرة –دول بقى لهم صوت-.
ففي بريطانيا أم الحريات يتم التضييق على مطالب الأقلية ولا يتم تحقيقها إلا بعد عناء ومشوار طويل والأمر كذلك في فرنسا فهم ينظرون إلى الأقلية المسلمة وتبنيها لزيها نوع من التعدي على الكبرياء الذي يتملك الأغلبية أن البلد بلده.
بل يعاني المصريون (مسلمين ومسيحيين) في الدول العربية المسلمة باعتبارهم أقلية تعمل لديهم ومعنى المطالبة الدائمة بحقوقهم تعدي على كبرياء أبناء البلد، حتى لو كان الشخص ده مسلم وفي بلاد الحرمين. بل نجد أن المصيبة الأكبر أن هذا يحدث في ريف مصر وصعيدها بين الأسر والعائلات ذات الأعداد الصغيرة والكبيرة على نحو قد يولد صراعات عائلية.
ثانياً: الأقلية المسيحية في مصر لا تعتبر نفسها أقلية بل هي لدى كثير منهم أصحاب البلد "وقد قالتها لي طالبة عندي، وقالت يا دكتور إنت أكيد ليك أصول عربية "إحنا "Pure Egyptian "، وقد قالها أبونا بيشوي نفسه. وفي هذا السياق يطلب المساواة الكاملة في مظاهر التدين بالذات لأنها تعطي شعور بالوجود مسجد لابد أن يقابله كنيسة. وهذا الشعور أحسسته أنا نفسي كمسلم في خلال معيشتي في الخارج وكنت أقول لماذا لا يوجد مسجد هنا ومسجد هناك، وكنت أشعر بالزهو وأنا خارج من المسجد خاصة مع بدايات تواجدي بالغرب وكأني أخرج لهم لساني وأقول "أهوه يا كفرة إحنا بنصلي في بلادكم". نفس الشيء يقوم به مسيحيو مصر برفع صلبان كبيرة تعبير عن التحدي ولإثبات الوجود- وإن كنت قد أدركت بعد فترة خطأ ذلك ولكن يظل ينتاب الكثير من الناس الذين من الصعب علاجهم.
ثالثا: أية أقلية في الدنيا عادة ما تعاني شعور داخلي بالاضطهاد من جانب الأغلبية، على نحو يجعل سلوك الشخص دائما في حالة تحفز تجاه الآخر بحيث تفهم تصرفات غير مقصودة أن فيها تمييز، وما يزيد تلك المشكلة هو بعض التصرفات للأغلبية، هذا الشعور عايشته في الدول الأوربية التي سافرت لها فكنت دائما متحفز لأي شخص حتى لو كان ينظر إلينا نظرة طبيعية. ففي إحدى المرات ذهبت أنا وصديقي دكتور محمد صفار لتناول العشاء في مطعم إيطالي بهولندا، وكان المطعم مزدحما وطلب مني الانتظار، وتفاجئنا بدخول بعض الهولنديين ونحن واقفين، فلم نسأل أنفسنا هل هؤلاء كانوا قد حجزوا قبلنا أم لا، ولكن بدأنا في توجيه اللوم والصوت العالي لأفراد المطعم واعتبرنا هذا سلوك تمييزي وعنصري وحتى الآن لا أرى تفسير لما فعلناه سوى شعورنا الدفين أننا أقلية مضطهدة. هذا الشعور يدفع صاحبه دائما للشكوى بالتمييز حتى لو كان غير حقيقي، ومن خلال معيشتي بالخارج أدركت أن كثير من الأمور التي

اعتبرتها نوع من التحيز ضدي لم تكن صحيحة، وأن القليل منها كان صحيحاً، لكن يظل هذا الشعور دائما ملازم الأقلية وصعب جداً أن تقلل من هذا الشعور خاصة إذا تربى الناس على ذلك، حيث ينشأ الأطفال على أن هذا مسلم أو مسيحي وتبدأ العقد الشخصية في الظهور.
رابعاً: التربية الخطأ التي نربي عليها أولادنا هي سبب كبير للمشكلات التي نحن فيها، فكثير منا يربي أولاده على أن المسيحي "ريحته وحشه وما بيستحماش" وحقود وغلاوي، وكهين، وخاين وكذا كثير من المسيحيين يربى أولاده أن المسلمين "معفنين" ودمويين ويأكلوا مال النبي وأغبيه ومش أمناء وكذابين ومالهمش أمان. مع أني في الحياة وفي المساجد كان يصلي بجواري مسلمين ريحتهم زي الزفت وريحة رجليهم أو شرابتهم زبالة، في حين أن لي أصدقاء مسيحيين ذهبت إلى بيوتهم وأكلت معهم أنضف من مسلمين كتير أعرفهم، ومنهم الصادق ومنهم الكذوب زيهم زي المسلمين بالضبط "بشر".  فكيف يفسر لي زوجة مسلمة تقتل زوجها من أجل عشيقها والذي قد يكون مسيحيا- وكيف نفسر قيام كاهن مسيحي بالاعتداء على شرف سيدات ظنن فيه خيرا. فالناس جميعا منهم من يسرق ويزني حتى في عهد النبي "صلى الله عليه وسلم" كانت هناك السارقة والزانية وفي عهد السيد المسيح عليه السلام، وإلى أن تقوم الساعة يظل البشر بشراً منهم الطيب ومنهم الخبيث.
أعزروني على صراحتي الشديدة الصادمة، ولكنها والله هدفها الخير لبلدنا التي تحمينا وتأوينا جميعاً وعلينا مسلمين ومسيحيين أن ندرك أن الحل في أيدينا والذي أرى أنه لا يخرج عما يلي:
أن تهدأ الأقلية وتعلم أنها لن تحصل على شيء لن تعطيه الأغلبية لها، ومدى حجم ما تحصل عليه يختلف باختلاف الزمن وباختلاف الثقافة، وأن القوانين لا يمكن أن تطبق إلا من خلال الرضا. وأن على الأغلبية أن تدرك أن الأقلية باقية إلى يوم الدين ولن ترحل وأن البحث عن التعايش هو السبيل والحل لكثير من مشاكلنا، وأن نربي أنفسنا، وأن نبتعد عن حوار العقائد ونتحدث دائما عن حوار التعايش فالمسلم كافر بما يؤمن به المسيحي والمسيحي كافر بما يؤمن به المسلم، يعني الاثنين كفرة من وجهة نظر بعضهما البعض، ولكن مفيش مشكلة في أن فيه كفار يعيشوا مع بعض بدون ظلم، فالعدل هو أساس الحياة السوية.
والله من وراء القصد.