الإعلام الجاد والثورات العربية
من خلال متابعة الحركات الاحتجاجية والانتفاضات والثورات في عديد من الدول العربية، لوحظ الدور الكبير الذي لعبته وتلعبه وسائل الإعلام المرئية وشبكات التواصل الاجتماعية. وهذا الأمر، دفع ببعض الباحثين أو المراقبين إلى تسمية هذه الثورات بثورات الفيسبوك أو ثورات الفضائيات. ومن المؤكد أن للإعلام بشكليه التقليدي والحديث، لعب دوراً كبيراً ومهماً في نقل الأحداث والتأثير حتى في مجرياتها، إلا أنه لا يمكن أن يكون المصدر الرئيسي للتحركات الشعبية مهما تفاءل المحللون فلا هي ثورات فيسبوكية
ولا هي ثورات قنوات فضائية عربية أو إقليمية أو دولية. هي ثورات أو احتجاجات أو انتفاضات، لن نعود إلى تعريف المفاهيم، ولكم أن تختاروا ما يناسبكم في النهاية، استندت بالأساس إلى تراكم القهر وتعاظم الاستبداد ومأسسة الفساد وصفاقة الحاكم وعهر المنظومة السياسية وتخلف النظم التعليمية والتلطي غير الأخلاقي خلف شعارات براقة اخترعتها قومجية شوفينية، وتبنتها يسارية طفولية لم تبد أي تضامن مع يسارية ناضجة وعقلانية دفعت الغالي والرخيص في نضالها ضد أنظمة فاشية وأمنوقراطية وقد لعب الإعلام المسيطَر عليه أمنياً، ولا أقول حكومياً لاختلاف المفاهيم، دوراً كبيراً إبان سنوات الجمر التي مرت بها مجمل الشعوب العربية. حيث أنه ساهم في تشويه وعي أجيال بكاملها من خلال عمليات البروباغندا التي اعتمدت، حسب المواسم، على اللعب بالأحاسيس القومية حيناً، أو الشوفينية أحياناً أخرى، أو الدينية إن لزم، أو الاشتراكية المشوهة في الغالب، أو الليبرالية المنفلشة، المناسبة لزيادة ثروات العصابات الحاكمة وطيور الفضلات التي تحيط بها. وعلى الرغم من المقاومة الطبيعية التي جابهت من خلالها الشعوب المستهدفة أو الشعوب الضحية، مثل هذا الإعلام، إلا أن التكرار والإغراق يفعل فعله ولا يمكن نفي تأثيره السلبي والفعّال بالنتيجة على بناء (أو تحطيم؟) وعي مجتمع بكامله وقد تطورت الصناعة الإعلامية ببروز القنوات الفضائية العربية التي ساهمت في فتح بعض نوافذ الحرية، وإن كانت ضيقة الأفق أو موجهة الاختيارات، ولكنها غيّرت بشكل جذري المشهد البصري وأضفت خيارات متجددة على الرغم من نسبية حرفيتها، وعلى الرغم من أبعاد تمويلاتها أو ارتباطاتها السياسية أو الدينية. وفي هذا الإطار، برزت الفضائيات الدينية التي لم تساهم إلا في تحجير الفكر النقدي وفي تصحير الفهم العقلاني الواعي للأمور الدينية لمن أراد. ووضعت مقاييس ظلامية وتشويهية للفكر الديني على مختلف عقائده، وساهمت أيضاً في بناء جيل الخوف من المجهول أو أنها سعت إلى التأثير على المشاعر، حتى أكثرها دنيوية، لتسيطر على الجيل الشاب المتحفّز وتؤطّره في هذا الضباب الإعلامي، غابت المشاريع الفكرية الجادة، كما غابت في مختلف مجالات الحياة الثقافية، لانعدام اهتمام رأس المال بالفكر، إلا لتشويهه، ولانعدام وجود دولة مؤسسة على احترام الحقوق الأساسية والتعددية السياسية والفكرية التي تساعد في طرح مشروع فكري ثقافي متنور يُعيد الأجيال التي شوّه وعيها إلى مشارف الطريق المستقيم الذي هو الأساس في بناء مستقبل أقل ظلامية وأقل استبداداً واستحوذت التقنيات الحديثة للتواصل والاتصال على اهتمام الجيل الشاب العربي، والذي ما فتئت الكتابات السوسيولوجية عن نعته بانعدام الانتماء، وبضعف الوعي، وبالبعد عن الهم العام، وبالمنحصر همّه في إيجاد عمل يسد رمقه أو بالهجرة لبلاد حلم بأن يحقق فيها مشاريعه الشخصية دون أي أخذ في الاعتبار للأبعاد الوطنية أو المجتمعية. هذا الجيل الذي اعتبره الكثيرون، غير مسيس واهتماماته سطحية، أثبت ويثبت لنا في هذه المرحلة « الثورية » بأنه دعامتها الرئيسية وبأنها ارتبطت به بعقد شبه إلزامي. وهو بالتالي، إنعتق من عبودية الإعلام التقليدي الذي فشل في ترويضه وانحرف عنه في اتجاه الإعلام الحديث أو وسائل التواصل الحديثة من شبكات اجتماعية ومدونات. وقد طورت الانتفاضات العربية أساليب إبداعية جديدة عبر هذه الوسائط الحديثة تتجاوب مع متطلبات التأقلم مع الأحداث وتبين أيضاً للمراقبين نشوء عزوبية من نوع جديد، بعيداً عن المفاهيم الدوغمائية المتقولبة أو عن المراجع العنصرية التي تقصي الآخر. وبدأ التضامن العربي (بمفهومه الجغرافي على الأقل) يأخذ أشكالاً جديدة من خلال التواصل عبر الشبكات وتبادل الخبرات والاستراتيجيات بين من بدأ الحراك ومن تابع المسيرة. واستطعنا أن نلاحظ تطوير شبكات شبابية بين الدول العربية وقاطنيها، وخصوصاً من الشباب، تؤدي دوراً كبيراً في نقل الخبرات والتنبيه إلى الثغرات نعم، لقد لعبت وسائل الاتصال الحديثة دورها الكبير في تعزيز التحركات المطلبية أو الانتفاضات أو الثورات، ولكنها لم تغطِّ على الأساس الفاعل في كل هذه الآليات الطامحة لبناء غد مختلف لكل ساكني دول المنطقة، والمؤثرة حتماً بالدول الأقرب والأبعد من المنطقة العربية. إن التراكم الفكري والسياسي سلباً وإيجاباً طوال عقود من الاستبداد والحرمان قد أسس لما نعيشه اليوم من جرعات أمل. فمع أن الشباب الثائر اليوم في شوارع العواصم العربية هو العنصر الغالب، إلا أنه يجب ألاّ نغفل الأجيال السابقة حقها، وهي التي ناضلت في ظل صمت وتعتيم إقليميين ودوليين، بإرادة أحياناً وبتجاهل إعلامي أحياناً أخرى، وبانعدام وسائل التوصيل التي نراها اليوم. مئات، بل آلاف من المناضلات والمناضلين أمضوا عقوداً في المعتقلات الفاشية العربية ومثلهم قضوا تحت التعذيب من قبل أزلام الحكّام ومن لف لفهم وزبانيتهم وشبيحتهم وبلطجيتهم آلاف الصفحات كتبت في أمراض سكان هذه البقعة الجغرافية من العالم، ومثيل لها ترجم من اللغات الأخرى للاستفادة من تجارب شعوب عرفت ما عرفناه وما نعرفه، واستطاعت التخلص منه، كما في أميركا اللاتينية واسبانيا والبرتغال واليونان. كل ما ورد هو ذخيرة فكرية وأخلاقية وعلمية أمضى من كل الذخائر القاتلة التي يستعملها ضعاف النفس وضعاف الحجة ويردون بها على المتظاهرين السلميين في جميع المدن العربية عوامل عدة إذن تساهم في هذا المسار الواعد. فمن ناحية، هناك الإرادة والفكر والعلم والتراكم المعرفي الذي ساهم بانتاجه جيل تم نسيانه، إضافة إلى وحشية السلطات وظلامية التيارات العقائدية دينية كانت أو يسارية أو يمينية، تلعب شبكات التواصل الاجتماعية والمدونات دورها، ولكنه ليس الأهم، ربما كان الاختلاف في طريقة عرض الأحداث عاديّا ومبرّرا بالنظر إلى الاختلاف في المصالح والخلفيّات، فإنّ غياب المعلومة العسكريّة الدقيقة في مثل هذه الساحات يجعل من تقييم حياديّة الدور الذي لعبه الإعلام مسألة عسيرة جدّا. ففي الوقت الذي تشنّ فيه قوى دوليّة عظمى ـ بمشاركة وتمويل عربييّن ـ هجومات يوميّة دقيقة ومحدّدة الأهداف ضد مصالح ومواقع مختلفة يقال إنّها تابعة لنظام القذّافي في ليبيا، تتناقل بعض مصادر الخبر عبر العالم أنّ كمّية مهولة من الأسلحة الخفيفة والمتوسّطة والثقيلة قد أصبحت بحيازة أناس لا يعرف الشيء الكثير عن توجهاتهم وخلفياتهم السياسية والفكرية والعقدية. وهذه المعلومات، على أهميّتها وتأثيرها البالغ في مستقبل المنطقة العربيّة عامّة، ومنطقة المغرب العربيّ خصوصا، فإنّه لا من شيء يؤكدها ولا ينفيها. ففي مثل هذه الظروف التي تكون فيها حيازة قطعة واحدة من السلاح خطرا مستقبليّا لا يمكن تصوّره، فإنّ احتمال صحّة الأعداد المليونيّة لقطع السلاح المروّجة يطرح تساؤلا عميقا حول مدى تأثير الحجم الحقيقيّ للتسلّح الشعبيّ والرسميّ في المنطقة العربيّة على مستقبل الأوضاع فيها خاصّة بعد أن كشفت الثورات العربية عن زيف كثير من المعلومات التي كان الكلّ يحسبها من المسلّمات مثل عدد أعضاء جهاز البوليس القمعي لبن علي في تونس، أو تلك المتّصلة بحجم ترسانة الأسلحة المتطورة التي في حيازة الجيش الليبي أو الجيش العراقي السابق أو غير ذلك من المعلومات. ولعلّ هذا الجانب الإحصائي الذي كان من المفترض أن تؤمنه وسائل الإعلام العربيّة هو ما قلّل من جدّية مقاربتها للأحداث إذ سقطت أغلبها في الشخصنة وابتعدت عن الطرح العلميّ الموثوق فيه. وكتطبيق عمليّ لما سبق، فإنّه في غياب معلومات دقيقة وموثوق بها حول حجم العتاد العسكريّ لنظام ألقذافي مثلا أو حول حجم الدمار اللاحق به، فإنّه لا أحد بإمكانه اليوم أن يحصر مدى قدرة الثوّار على فرض سيطرتهم حتّى وإن ثبت أنّهم يحرزون تقدّما ملحوظا. وحتّى ، فإنّ غموض حجم تسلّح الجماعات المسلّحة الأخرى المنتشرة في المنطقة يؤدّي إلى التساؤل حول مستقبل الوضع في ليبيا وفي المغرب العربيّ لاحقا. والغريب في الأمر أنّ الإعلام العربيّ اليوم يركّز على نقل أخبار تتعلّق بالعمليّات العسكريّة هنا وهناك دون قدرة على توظيف تلكم المعلومات في تحاليل إستراتيجية وجيوـ سياسيّة عميقة نظرا لغياب كثير من معطيات التحليل الصحيح وغيابها عن المشهد الإعلاميّ العربيّ. كلّ هذا يبرز الأهمّية القصوى لمثل هذه التحليلات التي تتطلّب عادة مجهودا إعلاميّا مغايرا لتجميع أخبار المواجهات لكونها مرتبطة بشكل مباشر بالاستقصاءات وغيرها من وسائل العمل والتحرّي الصحفيّ المعتمدة عادة في مثل هذه الحالات من طرف وسائل الإعلام الغربيّة بما يمكّن المحللين من دراسة تطوّرات الأوضع لاحقا والاحتمالات المنتظرة فيها. غير أنّ ما يزيد من أهميّة دور الإعلام العربيّ في الوضع الراهن هو التحرّر من خدمة الأجندات السياسيّة التي برزت بوضوح من خلال ما تعمد إليه بعض الجهات الإعلامية من تضخيم لبعض الحقائق المتعلّقة بهذا الطرف أو ذاك مع التقليل من شأن حقائق أخرى قد لا تقلّ أهميّة. والمخرج من مثل هذه الوضعيّات غير المهنيّة يكون بالتزام الحياد والاعتماد على المعلومات الموثوق بها وعلى مناهج التحليل السياسي والعسكريّ العلميّة بعيدا عن توجيهات هذا الطرف أو ذاك ومصالحه. أمّا في حالة الخروج عن هذه الشروط البديهيّة للعمل الإعلامي الحرّ والنزيه، فإن هذا الأخير يصبح متّسما بعدم الحياديّة وبالبعد عن التعقّل والتحليل العلميّ الدقيق للمعطيات ولعلّ ذلك هو حال إعلامنا العربيّ اليوم نظرا لقلّة المعلومات الصحيحة المتوفّرة لديه وه بالاختراق الذي حققته فضائية الجزيرة والذي فرض على العرب تحدي تطوير الإعلام الإخباري، في سياق الاختراق الذي أحدثته ثورة الاتصالات. استمرار المعاناة من العمل بمنهجية حجب المعلومات من الحكومات، ونوه بالقوانين ومشروعات قوانين تدفق المعلومات التي وضعت قيوداً منهجية بدلاً من هدفها في ضمان حرية المعلومات، أهمية تبني منظومة ضمانات قانونية سليمة في هذا الشأن. تأثير دور الملكية على السياسة التحريرية لوسائل الإعلام، سواء كان الإعلام الحكومي أو الإعلام الخاص الذي يهيمن عليه رجال الأعمال، وبالمثل تأثير السياسات الإعلانية على الخط التحريري، وبدلاً من أن يتحول الإعلام إلى صناعة، فللأسف تحول عربياً إلى سلعة، وخاصة مع سمات تخصيص نسب من عوائد الإعلانات لمقدمي البرامج الذين يهتمون بتحقيق رغبات الناس بغض النظر عن الموضوعية التي قد لا ترضي الجمهور أحياناً. دخول تيارات سياسية على خط التحكم بالوسائل الإعلامية، وخاصة في ظل الاستغلال السيئ للأمية المرتفعة النسب، واستمرار سيطرة النظم السابقة أو مناهجها على أداء وسائل الإعلام الوطنية الحكومية والمستقلة. أن الإعلام في مصر وغيرها من البلدان العربية لم يقف بعد على حقائق العصر الذي نعيشه. أنه لا يمكن حجب المعلومات تماما في ظل ثورة المعلومات والاتصالات، و الكبير الذي يلعبه الإعلام الإلكتروني وقيامه بالتمهيد والتحضير للثورة، شبكات التواصل الاجتماعي لشهادة المشير "حسين طنطاوي" في محاكمة مبارك برغم حظر النشر وإجراءاته.و عن دور وزارة الإعلام وهل هو دور للتثقيف والتنوير أم فقط خدمة أهداف الحكم وسياساته، وخاصة في ضوء فقد الإعلام الرسمي لمصداقيته بالكامل، وكونه أحد الأسباب الرئيسية التي لا تزال تقوض الثقة بين الدولة والمجتمع. أن الإعلام الرسمي يجب أن يكون خلفه مشروع وطني وقومي للبلاد كي يكون مؤثراً، وحتى يستطيع هذا الإعلام مخاطبة المجتمع، إن الإعلام الرسمي ليس دوره مخاطبة الداخل فقط بل مخاطبة الخارج أيضاً.و عن تجربة جنوب أفريقيا وكيف استطاعت الديمقراطية أن تنقل هذا البلد من نظام فصل عنصري متجذر لمئات السنين لنظام ديمقراطي، والدور البارز للإعلام في ذلك، وضرورة وجود نقابات للإعلاميين تتولى وضع مواثيق الشرف للإعلاميين وهي التي تتولى تدريبهم ومحاسبتهم، وكذلك من الضروري إنشاء مجلس وطني للإعلام والارتقاء بأداء الإذاعة والتليفزيون. إن الإعلاميين المصريين قادرين على المنافسة وتستعين بهم وسائل الإعلام العربية والدولية. ومصر قادرة على استعادة زمام المبادرة على المستوى الإعلامي لو خلصت النوايا. أن البرامج الجادة في الفضائيات تبدأ بعد منتصف الليل أو تستمر بعده. وأن برامج السهرة الرئيسية تبدأ في عدد كبير من الفضائيات في ساعات متأخرة من الليل، وأن قطاع كبير من الشعب المصري والشعوب العربية لا تجد وسيلة للترفيه أرخص من التليفزيون، وهو ما يؤثر على النشاط الاجتماعي والاقتصادي، تجربة سويسرا التي تمتلك ثلاث قنوات فقط والتي تبث لأوقات محددة. بات من الأكيد والواجب على الإعلام العربيّ اليوم الاهتمام بتطوير طريقته في التعامل مع الأحداث من خلال نشر موضوعات علميّة وأدبيّة وطبيّة واقتصاديّة وفنيّة ونفسيّة تعنى بجوانب الصراع و تأثيراته على المواطن العربيّ عامّة وعلى من يشملهم الصراع خاصّة. ويكون هذا بالتوازي مع تعرّض وسائل الإعلام للموضوعات المطروحة باعتماد مستوى تخصصّي عال يتماشى مع جدّية القضايا الإستراتيجية المطروحة وهو ما يجعل من وسيلة الإعلام العربيّة اليوم أمام تحدٍّ و رهان كبير جدّا إذ أنّ أمامها الفرصة التاريخية للانتقال من مجرّد ناقل للخبر إلى أخذ دور تأطيريّ و تعليميّ وتدريبيّ للمجتمعات العربيّة بعيدا عن الإغراق في خدمة الأجندات السياسيّة للقوى الدوليّة والإقليميّة. إنّه رهان أن تكون أو لا تكون بعد أن أثبت الشعب العربيّ أنّه حيّ و حرّ وجدير بأن يكون في وطنه إعلام حيّ وحرّ مثله. واهتم ببيان العلاقة بين غياب مشروع وطني وتراجع دور الإعلام، وفي هذا السياق، رسالة صوت العرب ودورها المساند لحركة التحرر الوطني العربي، والإحساس بالمسئولية والرسالة التي كان رواد صوت العرب يحملونها وأنهم جزء من التغيير في البلدان العربية وهو ما جعل لصوت العرب هذا التأثير والنفوذ الهائل أنذلك. ونرصد بعض التطورات والتغيرات التي طرأت على الإعلام العربي قبل ثورة يناير وما تبعها من تحولات، لتجريف السياسي المنظم للوعي من خلال وسائل الإعلام العربية والوطنية التي بدأت منذ السبعينيات، والثمن الذى دفعته المنطقة العربية لهذا التجريف الثقافي، واثر
وخلاصة القول
1- من زاوية الحريات الإعلامية:
أسهمت الثورة العربية بشكل كبير في توسيع هامش الحرية الإعلامية، حيث اضطرت وسائل الإعلام الوطنية بما في ذلك في البلدان التي لم تشهد حراكاً أو لم يصل الحراك فيها إلى حد الثورة، اضطرت إلى تبني مقاربات أكثر جدية لاستعادة بعض المصداقية لدى جماهيرها لمواجهة التحديات التي باتت تفرضها وسائل الإعلام العربية والدولية، غير أن هذا الإسهام لم يتجاوز قدر محاولة احتواء الفعل الثوري، ولا يزال الشوط طويلاً أمام الإعلام لنيل حريته الكاملة والتخلص من الأثر السلبي لدوره في خدمة النظم الديكتاتورية.
2- من زاوية دور الإعلام في الثورات:
أن الضوابط المهنية للإعلام تعني مساندته لأمال وطموحات الشعوب وحقوقها المشروعة، وأن التذرع بالضوابط المهنية للتخلي عن هذا الدور هو محاولة للتنصل من المسئولية، ضرورة تجنب وسائل الإعلام للانتقائية في تعاطيها مع الحراك الثوري والإصلاحي في كافة البلدان، وأن أي مواءمات ستطعن بلا شك في مصداقية وسائل الإعلام، وتقوض ما حققته من شعبية في ثورات بلدان أخرى.
3- من زاوية مساهمة الإعلام في الحياة العامة:
إن النمو الكمي والكيفي للإعلام العربي، وبداية ظهوره كشريك في صناعة وإنتاج المعلومات، أن الطريق لا يزال طويلاً أمام تحول الإعلام العربي من مستهلك للمعلومات إلى المشاركة في مناعتها. أهمية إجراء هذا التحول بشكل عاجل، خاصة في ظل الحاجة الماسة له في سياق التحولات العربية المتسارعة، ولدعم الحراك الثوري والإصلاحي وقضايا التحول الديمقراطي والمواطنة، وأهمية دعم القضايا القومية، وعلى رأسها نضال الشعب الفلسطيني والتحرر من العدوان والهيمنة الأجنبية وإطلاق التكامل الاقتصادي العربي.
ضرورة صيانة وتعزيز الحريات الإعلامية، انطلقت الثورة في تونس فكانت قلوبنا معها وكذلك الإعلام العربي والعالمي ثم في مصر فكانت كل القنوات مع الثورة واحتلت الجزيرة الصدارة كنا نشاهد وقلوبنا مع الثوار لكن كان الإعلام مع الثورات العربية لكن فقدنا المصداقية بهذه القنوات وبذات الجزيرة كانت الجزيرة تبث مباشر لكن عندما وصل الحال إلى البحرين غضت النظر الجزيرة وكل القنوات حتى القنوات العالمية بل حتى قناة بي بي سي سارت في الركب صرت أشاهد أخبار الثورة في البحرين عن طريق قناة العالم والمنار وبعض القنوات العر اقية لكن ما إن قامت الثورة في سوريا حتى أصبحت قناة العالم والمنار ضد الثوار وهنا أيقنت بأن كل القنوات هي قنوات مسيسة وليس هنالك إعلام حر مستقل ولكم الأمر واتمنا إن يكون الرد بعين الإنسان المحايد بعيداً عن الطائفية