دور الإعلام في إشعال الفتنة وإخمادها
الإعلام قبل ثورة يناير كان أداة قوية لطمس الهوية المصرية الحقيقية وخلق بدلاً منها هوية لشعب عليه الخضوع لحكم نبت في أرض عرفت تأليه الحاكم من قبل, وكان على الإعلام الذي أحكمت القبضة عليه أن يغير هويته هو أيضا ليلبي تبعات هذا التغيير, وكان لزاماً لذلك أن ينشأ النظام ترسانة من رجال الإعلام يعرفون دورهم حق المعرفة في حق النظام عليهم,
حتى بات الآن من أهم مشاكل ما بعد الثورة أننا لا نجد الكوادر الإعلامية القادرة على مواكبة التغيير بسبب قيام رجال الحكم السابق من الإعلاميين بالقضاء على أجيال وكوادر إعلامية كاملة, نحتاج سنوات عديدة لإيجاد غيرها.الكثير من الإعلاميين يزايدون ويتعسفون في نقل الحقائق لدرجة تثير القلق والريبة".. عبارة تضمنتها استقالة الدكتور معتز عبد الفتاح من عضوية المجلس الاستشاري، مستنكرًا التغطية الإعلامية التي صاحبت أحداث مجلس الوزراء سواء عبر الصحف الورقية والالكترونية أو الفضائيات وحتى من خلال وسائل التواصل الاجتماعي والمنتديات. الصور الإعلامية حملت النقيضين في الهجوم والانقضاض على المجلس العسكري أو العكس في التبرير لأفعاله وإعلان حبه وتأييده، أن بعض الإعلاميين أخطئوا دون قصد في نقل الحقائق والمعلومات الخاصة بأحداث مجلس الوزراء ومن جانب آخر كان ينقصهم وجود معلومات كافية ومتاحة لكل الصحفيين ما أدى إلى هذا الخطأ، أنه لطالما حث الأكاديميون والعاملون في المجال الإعلامي على وضع قانون للمعلومات يسمح للصحفي بأخذ المعلومات من مصادرها الصحيحة بدلاً من أن يعتمد الصحفي على مصادر أخرى قد تصيب أو تخطئ. أن البطء من جانب السلطة الحاكمة المتمثلة في المجلس العسكري وتحيزه في توزيع وكتمان المعلومات الحقيقية جعل بعض الصحفيين والإعلاميين يتورطون في نقل معلومات غير حقيقية. أن ما يحدث الآن على الصعيد الإعلامي يشبه حرب الصور وكليبات الفيديو بين المجلس العسكري والحكومة من جهة وبين الثوار من جهة أخرى والمواطن المصري بينهما، إن حق المواطن في المعرفة والحصول على المعلومات الحقيقية حتى لو تسببت في إيذاء مشاعره بعض الشيء إلا أنها الحقيقة ما دامت لم تنتهك الحياة الشخصية لأي شخص مهما كان هذا الشخص. يوجد بعض وسائل الإعلام التي تقدم وجهة نظر واحدة وتتبناها للأحداث، ولا ريب أن النسبة تتأثر ارتفاعا أو انخفاضا من بلد لآخر، ومن حي لآخر تبعا لأهمية الموضوع، والأفكار المطروحة فيه، ثم قدرة الخطيب وبراعته في تحريك القلوب واستمالتها، وإخلاصه وصدقه فيما يقول أن النسبة الأكبر من الإعلاميين يقومون بدورهم الحقيقي في نقل الحقائق والمعلومات وعرض كافة وجهات النظر و الإعلام المصري ساهم بشكل كبير في تضخيم الأحداث والدفع بها في اتجاه التصعيد بسبب تسرع بعض الإعلاميين والفضائيات في تبني مواقف معينة دون التأكد من صحة المعلومات. وكذلك استقاء الكثير من الإعلاميين المعلومات الخاصة بالأحداث على ما يتم نشره على مواقع وشبكات التواصل الاجتماعي التي لا يتحرى المتعاملون عليها الدقة فيما ينشرونه لأن أغلبهم هواة وليسوا محترفين وبالتالي قد يتعرض مضمون هذه المواد الإعلامية لقدر كبير من التلاعب بالحذف أو الإضافة وأحيانًا يصل الأمر إلى قلب وتزييف الحقائق. وتشير إلى أنه ليس معنى ذلك أن لا تصبح مواقع وشبكات التواصل الاجتماعي مصدرًا مهمًّا لاستقاء المعلومات لكن بعد فحصها وتحليلها تحليلاً جيدًا ووضعها تحت ميزان المسئولية الاجتماعية. قد تكون بعض المعلومات التي يحصل عليها الصحفي من أي مصدر صحيحة لكن المسئولية الاجتماعية تحتم عليه عدم نشرها لأنها تتعارض مع المصلحة العامة وهذا ما لم يراعه بعض العاملين في المجال الإعلامي الذين قدموا الحدث والسبق الإعلامي والصحفي على المصلحة العامة. ونضرب مثلاً بصورة الفتاة التي اعتدى عليها بعض الجنود بوحشية إلى حد تكشفت معه الفتاة، أن المسئولية الاجتماعية كانت تحتم على من قام بالتقاط هذه الصورة بدلاً من أن يذيعها على الفضائيات المصرية بل والعالمية أن يتقدم ببلاغ للنيابة بالحادث لأن نشر هذه الصورة كان مستفزًا ومثيرًا وفاضحًا للفتاة ولأهلها فبدلاً من تكشفها أمام قلة من الناس تسبب في تكشفها أمام العالم كله. أن المجلس العسكري مسئول أيضًا بشكل كبير عن هذه الفوضى الإعلامية بسبب تأخره في الخروج على الجماهير والإعلاميين وإخبارهم أولاً بأول بالحقيقة ما أدى إلى تسرب الشائعات والحقائق المغلوطة لأن المجلس تأخر يومين إلى أن أعلن بعض الحقائق، وهذا التأخر يظلم الإعلاميين ويتسبب في نقص المعلومات لديهم واللجوء إلى استنباط المعلومات من شبكات التواصل الاجتماعي دون التأكد من صحتها كل هذا أثر على شكل المعالجة الإعلامية للأحداث. لن أجاري من يتهمون الإعلام الرسمي بأنه مضلل فمن يطلقون هذا الاتهام ما زالوا يتذكرون تزييف الإعلام الرسمي للحقائق أثناء الثورة وقبلها لكن الحقيقة أنه في هذه الأحداث فقط لم يلجأ إلى الإثارة. أن بعض القنوات الخاصة كانت تتعمد التركيز على بعض الحقائق التي حدثت بالفعل لكنها ضخمت الحدث وكانت تقوم بوضع صورة واحدة مستفزة للمشاعر على شاشاتها لمدة ساعات وكأنها تدفع بالناس دفعًا إلى النزول والأخذ بالثأر وإشعال النيران في البلاد. أن الإعلامي في مثل هذه المراحل الخطيرة من عمر وطنه يجب أن يكون لديه حس وطني ومسئولية اجتماعية تجاه ما ينشره وعليه أن يكون حذرًا تمامًا حتى لا يتسبب في زيادة حالة الانفجار والاحتقان الموجودة في الشارع، أن المبالغة فيما تقدمه بعض القنوات دفع الكثير من الناس إلى الامتناع عن المشاهدة لأنها أصبحت تشعرهم باليأس التام على مستقبل الوطن. وتبين أن المواطن وسط هذه الحالة من البلبلة الإعلامية عليه أن يتشكك في كل ما يقدم له من معلومات وأن
وأخيرا نقول
إن كتاب الله تعالى هو الشفاء، وهو الدواء الناجع لكل أمراض الأمة، وعللها، ولكن الدواء إذا وقع في يد متطبب لا يحسن الطب فإنه ربما كان ضره أكبر من نفعه، ومن هنا فإن الفرق الضالة والمبتدعة ترتكز في مناهجها ومسالكها المبتدعة على التأويل الفاسد لكلام الله سبحانه وتعالى. تكمن عند أهل الفكر والقيادة في الشارع المصري والقادرون على أخذ الإعلام إلى الطريق الصحيح ليكون خير حارس لأمن مصر ومحافظاً على هويتها ومتأدباً بأخلاقيات الثورة ومتحمساً بحماسها, وهنا ننتظر نتاج هذا التغير, عله لا يتأخر كثيراً. فهروب الشباب إلى الانترنت والفيس بوك قد آتي بأعظم النتائج, ولكنه على المدى الطويل قد يمثل مشكلة كبرى للهوية المصرية, فالفيس بوك لا يقدم علم ولا ثقافة بالقدر المطلوب, ولا يحدث التفاعل المرجو بين طوائف الشعب المختلفة, وعلى الإعلام المصري وخاصة التليفزيون أن يسرع الخطى للم شمل الأسرة المصري حوله من جديد, وهذا ما نرجو سرعة تحقيقه.