عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

استغلال النفوذ تحت مسمي الحصانة البرلمانية

دفع "لهاث" فلول الحزب الوطني المنحل للمنافسة من جديد في انتخابات "برلمان الثورة" الكثيرون للتساؤل عن سر هذا "اللهاث"، بعد عقود من تزوير الانتخابات لصالحهم ضد معارضي نظام مبارك، خاصة بعد ما أكدت الأيام الأولى للترشح على "كثافة" تقديم الفلول لأوراقهم في سابقة ربما تكون هي الأولى في تاريخ الثورات في العالم

وإذا كانت قوة تزوير الانتخابات التي اعتمد عليها الفلول قد زالت، فما هي أسباب حرصهم الشديد على المنافسة على مقاعد البرلمان من جديد؟ وإذا كانوا يملكون الشعبية التي تؤهلهم للنجاح في الانتخابات فلماذا تحالفوا مع نظام مبارك لتزويرها في السابق؟"فلول الوطني بلا قواعد شعبية"هكذا أجمع عدد من خبراء الشأن السياسي، مؤكدين أن بقايا النظام السابق ما هي إلا صناعة إعلامية تستهدف من ترشيحها للانتخابات المقبلة حماية مصالحها الشخصية والعائلية والاقتصادية، وقنص "الحصانة" ضد مساءلة حتمية ربما يتعرض لها الكثير منهم في المستقبل. أن لفلول الحزب المنحل مجموعة أهداف مجتمعة تقف خلف ترشحهم، وهي إثبات التواجد السياسي والوجاهة الاجتماعية والعودة للبرلمان وتملك السلطة وحماية شبكة المصالح الخاصة بالنظام القديم والتأثير في تشكيل الدستور الجديد، وبالتالي إجهاض الثورة، إلى تهديدهم بإثارة الفوضى وممارسة البلطجة والعنف الانتخابي في حال تطبيق العزل السياسي أن فلول "الوطني" مجرد ظاهرة إعلامية ضخمتها قنواتهم الفضائية وأموالهم المنهوبة من قوت الشعب، والتي ينفقونها اليوم لسرقته ثانية تحت قبة البرلمان، أنهم بلا قوة أو أرضية شعبية وأن صندوق الانتخابات القادمة سيكشف ذلك. أن سعي الفلول للترشح يأتي في إطار رغبتهم في استمرار استحواذهم على مقدرات الوطن ونهبها عن طريق "الحصانة البرلمانية"، والتي زادت أهميتها لديهم كوسيلة للحماية من المساءلة والمحاسبة في المستقبل وتبييض تاريخهم الملوث، وتحسبا لتطبيق "قانون إفساد الحياة السياسية" عليهم، ومحاولة إعادة إنتاج النظام القديم، لأنهم يدركون أن البرلمان القادم سيكون عبر انتخابات حرة ونزيهة تفرز نوابا حقيقيين يلاحقون الفساد، وهو ما جعل بعضهم يدشن حملة لجمع توقيعات شعبية تشهد لهم بحسن السيرة والسلوك. الحصانة البرلمانية هي نوع من الحماية القانونية التي يعطيها الدستور لنواب الشعب في البرلمان كنوع من الحماية السياسية و القانونية حتى يستطيع النائب أن يؤدي وظيفته الدستورية كاملة ( كسلطة تشريعية) بعيدا عن تأثير السلطة التنفيذية على أعضاء البرلمان بالترغيب أو الترهيب ، وقد كفل الدستور لأعضاء المجلس حصانة خاصة فى بعض الأحكام المقررة فى التشريع الجنائي وذلك فى حالتين
الأولى: عدم مؤاخذة أعضاء مجلس الشعب عما يبدونه من الأفكار والآراء فى أعمالهم فى المجلس أو فى لجانه وهو ما يطلق عليه عدم المسئولية البرلمانية
الثانية: عدم جواز اتخاذ أية إجراءات جنائية ضد عضو مجلس الشعب -فى غير حالة التلبس- إلا بإذن سابق من المجلس ، وتزول الحصانة عن عضو البرلمان إذا ضبطت الجريمة فى حالة تلبس إذ أن حالة التلبس هي حالة تسقط معها كل الحصانات لأن الجريمة تكون مؤكدة ومرتكبها معروف وبالتالي لا توجد أية شبهة أو مظنة للكيد و التلبس المقصود هنا هو المنصوص عليه في قانون الإجراءات الجنائية بحالاته الأربع و هي:
1ـ مشاهدة الجريمة حال ارتكابها
2ـ مشاهدة الجريمة عقب ارتكابها ببرهة يسيرة
3ـ تتبع الجاني اثر وقوع الجريمة
4ـ مشاهدة مرتكبها بعد وقوعها بوقت قريب حاملا أدلة الجريمة. وفى غير ادوار انعقاد المجلس يتعين أخذ إذن رئيس المجلس، والإجراءات الجنائية التي يتعين استئذان رئيس المجلس فى غير دور الانعقاد
"الحصانة البرلمانية" مصطلح تردد كثيرا مع زيادة طلبات رفعها عن عدد من النواب الوطني السابق او البرلمان السابق والمحلول  للتحقيق معهم ومثولهم أمام النيابة جراء اتهامهم في وقائع مختلفة، كان آخرها تبادل الاتهامات بين عضو مجلس الشعب الإعلامي الرياضي لاعب كرة القدم السابق النائب أحمد شوبير ورئيس نادي الزمالك الأسبق المحامي مرتضى منصور، وكذلك النائب عن مركز دشنا محمد مندور الذي رفعت عنه الحصانة للتحقيق معه في الاتهامات الموجهة له باقتحام قسم شرطة بمحافظة قنا، كما رفعت من قبل عن النائب هشام طلعت مصطفى إثر اتهامه في قضية مقتل المغنية اللبنانية سوزان تميم.
مفهوم الحصانة وتطبيقها والاحتماء وراءها وكذلك رفعها قضية شغلت الكثيرون وتناولها الكتاب والنقاد منذ عقود، فكانت الشخصية الكاريكاتيرية السيد العضو "كمبورة بيه" التي اشتهرت فيما يعرف بعصر الانفتاح - ابتدعها الكاتب الساخر أحمد رجب والفنان مصطفى حسين – رمزا لهذه القضية، وهو الصعلوك الذي تحول بانتخابه في مجلس الشعب إلى وجيه ذي جاه وسلطان يتعذر عقابه على جرائمه بعد أن أصبح صاحب حصانة، ولا تزال حصانة النواب مثار جدل ونقاش حتى الآن.
و"الحصانة" تعني الحماية وهي حق شرعه الدستور لنائب البرلمان المنتخب، لتمكينه من أداء دوره التشريعي والرقابي ومنحه حرية التعبير عن رأيه داخل المجلس، مع مراعاة التزامه بالقانون، فوفقا

لما تنص عليه المادة 370 من اللائحة الداخلية لمجلس الشعب "لا يجوز للعضو أن يأتي أفعالا داخل المجلس أو خارجه تخالف أحكام الدستور أو القانون أو هذه اللائحة." من وقت لآخر تثور قضية الحصانة البرلمانية التي يتمتع بها عضو مجلسي الشعب والشورى المصري .. شائعات وحكايات كثيرة بعضها صحفي وأكثرها شعبي طالت أعراض عدد كبير من نواب البرلمان وذمتهم المالية ، إما غمزا وإما تصريحا ، وتعددت الأقاويل ، ثبت بعضها فيما عرف بنواب الكيف ونواب التجنيد ، ونواب سميحة .. واتهامات ترددت حول بعض الوزراء الذين يتمتعون إلى جانب مناصبهم الوزارية بالحصانة البرلمانية ، وترددت تلك الاتهامات حول العمولات وبيع أراضي مملوكة للدولة وإهدار المال العام ، واستغلال النفوذ ، حتى وصلت إلى المتاجرة في تذاكر مباريات بطولة كأس أفريقيا بمصر في السوق السوداء .. ولم يقتصر الأمر على صحف المعارضة ولا تسريبات الصحافة ولا شائعات مرتادي المقاهي ، ولكن تناولتها أفلام كثيرة في السينما المصرية كأنها تؤرخ لحقبة سياسية ، فكل الأقلام التي تناولت الانتخابات البرلمانية وعضوية البرلمان ركزت على أن كبار المفسدين وتجار المخدرات وأرباب الإجرام يبحثون فقط عن الحصانة من خلال خوضهم هذه المعارك السياسية ، كما قدم ذلك عادل إمام في أكثر من فيلم منها ( اللعب مع الكبار – طيور الظلام – بخيت وعديلة ) وغيره من الممثلين في العديد من الأفلام السينمائية.. وأصبحت عضوية البرلمان الموقر ( سبوبة ) للحصول على المال الحرام تحت حماية الحصانة .. وسواء صدقت كل هذه الأقاويل والتسريبات ولها شواهد سابقة ، أم كانت تخضع للكثير من التهويل والمبالغة والتضخيم المغالى فيه ، فإن الحل الحاسم الذي يحفظ هيبة المجلس الموقر ومكانة المقعد المحترم وسمعة العضو البرلماني المبجل ، قبل أن يحفظ على الوطن والمواطنين حقوقهم المادية والمعنوية ، هو رفع الحصانة الجنائية عن عضو البرلمان فهو ليس في حاجة إليها لأنه في الأساس ليس موضع شبهة ولا ملاحقة جنائية وفق صحيفة سوابقه الجنائية النظيفة التي تقدم بها كشرط من شروط الترشيح في الانتخابات ، كما أن حصوله على ثقة جمع من الناخبين يؤهل ذمته المالية والمعنوية للخلو مما يشين .. ومن شذ عن ذلك فليس من مصلحة الوطن ولا من مصلحة المجلس الموقر ولا من مصلحة الشرفاء من السياسيين حمايته والتستر عليه ..
أما الحصانة السياسية التي تتيح للنائب المبجل أن يصول ويجول ويحاسب الحكومة ويعارض ما يراه مخالفا من القرارات ، ويفتح ملفات كشف المستور ، فهي فعلا التي تحتاج إلى حصانة سياسية حقيقية .. حصانة تحميه من الملاحقة الأمنية السياسية حتى بعد خروجه أو إخراجه من عضوية البرلمان – مثلما حدث مع نائب دائرتي – الدكتور جمال حشمت ممثل دائرة بندر دمنهور الذي أسقطت عضويته في البرلمان السابق ثم تم اعتقاله سياسيا بعد ذلك بعدة شهور ليسدد فاتورة نشاطه السياسي المعارض داخل المجلس وخارجه ، بصرف النظر عن مساحة الاتفاق والاختلاف حول طبيعة هذا النشاط – طالما ظل نشاطا سياسيا مشروعا لعضو برلمان منتخب من قبل أبناء دائرته