رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

قانون سيئ السمعة

 

من حق كل إنسان أن يمتلك، ويستثمر ما يمتلكه بالطريقة التي تناسبه وتحقق مطامحه وأهدافه، إما بالبيع أو بالإيجار، والبيع هو تنازل طوعي من طرف إلى طرف آخر، قبل الشراء بشروط متفق عليها، وبمبالغ محددة، أما الإيجار فهو بيع للمنفعة وهناك شبه إجماع من كبار أئمة المسلمين على وجوب تحديد فترة زمنية للإجارة.

وقد روي عن الإمام الشافعي ثلاثة أقوال في هذا الخصوص: الأول أن مدة الإجارة لا يجوز أن تزيد علي سنة واحدة، والثاني أن استمرار الإجارة أكثر من 30 سنة يفقدها شرعيتها، والثالث جواز الانتفاع المطلق غير المقيد بفترة زمنية إذا التقت إرادة الطرفين على ذلك، وإذا لم تلتق فأبدية الإجارة تلغيها، وتفسدها، وتخل بمشروعيتها، وهو ما لم تلتفت إليه القوانين الاستثنائية التي تم وضعها فى زماننا هذا، والتى تسلطت على حرية الفرد، ومكنت طرفا من رقبة الطرف الآخر، مثل ترسانة القوانين التي وضعت لتنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر، منذ الحرب العالمية الثانية حتى اليوم، ولم تؤسس إلا للفوضى، وكرست للظلم، وحمت المستأجر حتى ولو كان ثرياً، من المالك مهما كان فقيراً أو محتاجاً، وحوَّلت أزمة الإسكان من قضية خطيرة يجب أن تتصدى لحلها الحكومة وتتحمل مسئوليتها، إلى دعم مباشر يلتزم المالك وحده بسداد فاتورته لصالح المستأجر، ومنذ عام 1952 تبدأ أول مسلسلات الوصايا وتتحول الأملاك الخاصة إلى سلعة تتبرع بها الحكومة من جيب المالك لصالح السكان، وتفتتح مزاد التبرعات بإصدار قانون رقم 199 لعام 1952 وبموجبه تنخفض القيمة الإيجارية بنسبة 15% ويليه قانون 55 لعام 1958 ويبحبحها على المستأجر ويستمر في تخفيض القيمة الإيجارية لصالحه حتى تصل إلى 20% ثم يأتي القانون رقم 7 لعام 1965 ويدلع المستأجر أكثر فأكثر، ويعطيه تخفيضاً آخر من جيب المالك بنسبة 10% أخرى لتصل قيمة التخفيضات على القيمة الإيجارية الجديدة إلى 30% والحمد لله الذي أوقف الأمور عند هذا الحد، ولم يتعنتر أي من المسئولين ويقرر منح شقق الملاك هبة للمستأجرين.
ومنذ ذلك التاريخ حتى اليوم، صدر العديد من القوانين وكلها أبقت على ثبات القيمة الإيجارية، في مخالفة صريحة للتحول الكلي في السوق، والتغيير الجذري في كل آلياته تقريباً، وارتفاع أسعار السلع الأساسية وغير الأساسية بنسب تتجاوز الحسابات التقليدية وتفوق كل التوقعات، والسؤال الذي يراودني: ما الهدف من استمرار مثل هذه القوانين التي تنمي ثقافة الاختلاس والاستيلاء المتعمد على الملكية الفردية؟
هل الهدف هو رفع المعاناة عن كاهل المستأجرين؟ بالطبع لا فأنظمتنا السياسية لم تكن تحمل لنا كل هذا الحب، ولا تراعي مشاعرنا إلى هذا الحد، وإلا لماذا تركتنا فريسة سهلة للضرائب التي لا تقع تحت حصر والمحتكرين الذين جعلوا من أقوات الناس أسرع الوسائل المثالية للتكسب؟ هل الهدف هو وجود أزمة سكانية سوف تنشأ عندما يتم تحرير عقود الإيجار؟ لا أظن الأمر كذلك، فهناك أكثر من 3 ملايين شقة مغلقة وغير مستغلة، تكفي أن تكون احتياطيا لمصر مدة 6 سنوات

قادمة، كما أن هناك مساحات شاسعة يمكن بناؤها لمحدودي الدخل، بدلا من إهدارها وإهدائها هبات وعطايا لبشوات هذا الزمن الرديء.
هل الهدف هو الخوف من ثورة الناس عندما يضطرون لإخلاء منازلهم بحكم القانون؟.. أختلف أيضاً مع هذا الرأي، فمن الناس من يعرف حدود الله ولا يرضى بالظلم، ولا يقبل أن يبني سعادته على حساب تعاسة الآخرين، ومنهم من هو غير مستعد للثورة ولا يأبه بها مهما جرى له، ومسلم بسياسة الأمر الواقع ومتكيف معها، تماماً مثلما حدث عند تحرير عقود الأراضي الزراعية. لكن من المؤكد أن هناك قططاً سمان مستفيدة من بقاء الوضع على ما هو عليه، وتريد أن تنعم بمواقع استراتيجية في وسط القاهرة آلت إليها بتراب الفلوس، وليس مستعداً للتنازل عنها مهما كانت منطقية الأسباب، يا سادة، المحكوم عليهم بالمؤبد يطلق سراحهم بعد مرور 25 سنة وربما بعد 15 سنة، إذا كانوا متمتعين بحسن السير والسلوك.. أما آن الأوان فى ظل الدستور الجديد الذى تم وضعه بعد ثورة 30 يونية الآن لمساواة ملاك العقارات القديمة بهؤلاء وإطلاق يدهم فيما يمتلكون وحماية أبنائهم وأحفادهم من شر العوز؟.. أما آن الأوان لإنقاذنا من سياسة سمك لبن تمر هندي، التي تطبق على البعض قوانين العرض والطلب وتوفر لهم مناخ الكسب غير المشروط والتعاقد والفسخ، وتترك البعض الآخر فريسة للقوانين الاشتراكية التي راح زمانها ولم يبق منها سوى ما يعكر الصفو، ويحكم على بعضنا بالأشغال الشاقة المؤبدة؟.. أما آن الأوان ليتحرك الأحرار والشرفاء والمثقفون لإنقاذنا من استعباد القوانين غير الدستورية ووضع أبجدية جديدة لاحترام إنسانية الإنسان؟.. ما بني على باطل فهو باطل، وحرمان الناس من حقهم وحريتهم في التملك وصمة عار على جبين هذا الوطن، يا سادة، كل عقود الإيجار القديمة في ظل الواقع الحالي، عقود غير مشروعة وناسفة للحدود الدنيا للالتزامات الأخلاقية وهادمة للبعد الاجتماعي لأنها تمكن من لا يملك من رقبة من يستحق.. اللهم بلغت اللهم فاشهد.