رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

البصيرة يا عباد الله

تأتي التعديلات الوزارية في كل بلدان العالم المتحضر إما لتصحيح أخطاء وإعادة تقييم أوضاع أو معالجة قصور ووضع سياسات جديدة تفرضها طبيعة المرحلة، أما التعديلات الوزارية في مصر فتحدث فجأة دون الإعلان عن أسبابها وسر توقيتها وحتى بغض النظر عن تأييد الرأي العام لها وغالباً ما ينتج عنها خروج وزراء ودخول وزراء واستحداث وزارات وفصل وزارات عن وزارات ودمج وزارات في وزارات دون معرفة فلسفة الدمج والفصل والإقالة وغيرها من التعديلات التي بقيت لغزاً لا يستطيع فك طلاسمه إلا رئيس الجمهورية والدوائر المقربة منه.

وكثيراً ما فوجئ الرأي العام بأشخاص كانوا في بيوتهم ثم اختارهم الرئيس «فلان» كي يتسلموا حقيبة وزارية بعينها، وكثيراً ما فوجئ الوزراء من خلال وسائل الإعلام بإقالتهم بالرغم من أدائهم الوظيفي المتميز وتقديمهم لإنجازات حقيقية شهد بها المصريون، وما يدعو للأسف أنه بعد ثورتي يناير ويونيو يبقى الارتجال هو الطابع المميز لتغيير الحكومات واستبدال الوزراء وكلها مبنية على ثقافة الشللية – إذا صح التعبير – البعيدة كل البعد عن طموحات هذا الشعب الثائر فوجدنا وزراء صعدوا بدعم المجلس العسكري السابق أو بتأييد النخبة، ووزراء أتوا على حصان الإخوان برعاية المهندس خيرت الشاطر ووزراء دفع بهم رجال الحزب الوطني المنحل، لكننا لم نجد أبدا وزراء جاءوا لأنهم يمتلكون سياسات ورؤى وبحوزتهم مشروعات عظيمة يتطلعون لتنفيذها، لم نجد وزراء عندهم رصيد كبير من الإنجازات وخبرة عملية في القيادة وحسن التصرف وقت الأزمات وحل المشكلات واتخاذ القرارات والتخطيط والتنظيم وغيرها من الأمور الواجبة والمهمة في مسائل الاختيار، حتى التعديلات الأخيرة في وزارة المهندس إبراهيم محلب جاءت – كما يقول العامة – خالية من الدسم بل وعاكسة لحالة من العشوائية غير المبررة وغير المفهومة للمخاطر والتحديات التي تمر بها مصر والتي كانت تستوجب طرح الحقائق كاملة وبمنتهى الشفافية للرأي العام لكي يعرف على أي الأسس استبدل هذا الوزير بذاك؟ ولماذا في هذا التوقيت بالذات؟ وإذا كان هناك وزير مقصر وجب إنهاء خدمته فما وجه القصور عنده؟ وطالما أن الوزير الجديد سيكون مختلفا عن سابقه فما

وجه اختلافه؟ وما خبراته السابقة لكي يتولى هذا المنصب الوزاري؟ ولماذا لم تتم إقالة حكومة محلب بالكامل على فشلها في مواجهة جميع الأزمات التي تهدد أمن المواطن المصري: الفقر، الأمية، الغلاء، الانقطاع المتواصل للتيار الكهربي، اختفاء بنزين 80، تكرار حوادث الطرق – خاصة القطارات – استمرار التعدي على الأراضي الزراعية والبناء بدون ترخيص، انتشار الفوضى والبلطجة إلخ، إلخ؟
إن حكومة المهندس محلب مثل جميع الحكومات السابقة «بلا لون، بلا طعم، بلا رائحة» تسمع عنها في الصحف والقنوات الفضائية ولا تلمس لها بصمات على أرض الواقع ثم أن التعديلات الوزارية الأخيرة لا تختلف عن أية تعديلات سابقة وبنفس طريقة « شالوا ألضو جابوا شاهين» ومن المستحيل أن يكون القادم أفضل طالما كانت عجلة الوطن ترجع للوراء، لأن التمسك بالماضي أهم عناوين الفشل والتفتيش عن الكفاءات بمثابة المفتاح السحري لإنقاذ مصر من الفساد والتعديلات الوزارية لن تؤتي ثمارها أبدا طالما انطلقت من استبدال أشخاص بأشخاص وترك وزراء بالمزاج أو استبدالهم بحسب المزاج ولابد للخروج من عنق الزجاجة التي حشرنا فيها على مدى عقود من وزراء أصحاب رؤى وسياسات ومشاريع يعرفون كيف يديرون البلاد ويحررونها من الحلول النمطية المكررة ويفكرون بعيداً عن الصندوق الأسود الذي تغتال فيه الشفافية لصالح من لا يعرفون للوطن قيمة أو حرمة، فالبصيرة البصيرة يا عباد الله حفاظاً على هذا الوطن وحماية لأهله.