رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لن تحرقوا إلا أنفسكم

تعبيراً عن الغضب الكامن فى النفوس من ممارسات أردوغان رئيس الوزراء التركى بعث إلى الكاتب صفوت زينهم بهذه المقالة الرائعة التى يعبر فيها عن ألمه وحزنه واعتراضه على مثل هذه السياسات المقيتة ومما جاء فى المقالة:  فى عطوف مصر المحروسة تتدلى المشربيات بزخارفها المرصعة بصوانى القلل الفخارية فترقص فوقها أعواد النعناع الأخضر وتفرش أشعة الشمس أساورها الذهبية فوق الستائر الحريرية المختبئة فى أعين النساء التى تنظر من خلفها على المارة من حرافيش المحروسة حيث تمتلئ رئتهم برائحة ماء الورد وتغازل ألسنتهم العطشى صنابير الماء المتراصة على جانبى شارع المعز.

وفى مصر المحروسة ترى اختلاط الأقدام والثياب والألسنة، فالمحروسة اعتادت على ضيافة المسافر وعابر السبيل والغريب ولم تعرف المحروسة سائحاً سورياً ولا سائحاً مغربياً ولا سائحاً هندياً لأن من يمر على مصر تمتزج كرات دمه بعطوف المحروسة فلا عجب أن ترى أمازيج المغاربة فى أروقة باب زويلة وأن ترى عجم طشقند فى دروب التمبكشية وأن ترى بهرة الهند فى عطوف الخرنفش بجوار مسجد الحاكم بأمر الله.
ولم تحسن مصر المحروسة ضيافة البشر فقط بل أحسنت ضيافة الحيوانات أيضاً فبجوار قصر بشتاك نجد سبيل عبدالرحمن كتخدا وهو سبيل خاص للحيوانات تدخله الدواب تغتسل وتأكل وتنام بلا مقابل، فمصر المحروسة تعرف كيف تتعامل مع الآخر حتى ولو كان هذا الآخر من غير الجنس البشرى، وفى قاهرة المعز ترى الحوانيت والدكاكين والوكالات التى ربما يكون أصحابها من غير المصريين, ولكنهم مصريون ببركة بخور بيت القاضى وحنة كحل قصر الشوق فالعطار مغربى وبائع البقلاوة من الشام وطاحن اللحم من بلاد الحبشة، هذه مصر المحروسة تحتضن الغريب ولا يشعر الغريب فيها أنه سائح أو عابر سبيل فمصر التى خصصت فى جامع الأزهر رواقاً للمغاربة ورواقاً للشام وأروقة أخرى كثيرة لغير المصريين وخصصت لهم رواتب وحفتهم بالطعام والثياب لا تنتظر هبة من أحد، فمصر تقسم قوتها مع الغريب وربما تقتص غرفة من غرف بيوتها لينام فيها فمصر المحروسة لم تعرف قسوة العيون ولا غلظة القلوب.
فهم ليسوا أجداد أردوغان الذين طغوا فى بلاد مصر المحروسة فأشعلوا فيها الفساد بفلولهم الانكشارية عقب دخولهم مصر مع السلطان سليم شاه الذى سرق ونهب خيرات مصر وقتل أهل المحروسة ودخلت مصر أثناء حكمه عصر الظلمة حيث اختفى العلم وتم عزل العلماء والقضاة واستبدالهم بإخوان عثمانيين يسرقون وينهبون ويقتلون أهل مصر.
ولم تسلم حتى كلاب مصر من القتل فقد أصدر خاير بك نائب السلطان فى مصر أوامره بقتل الكلاب وتعليق جثثها على

أبواب الدكاكين، ولولا شفاعة المحتسب الزينى بركات عند خاير بك ما توقفت هذه المذابح وأصر إخوان أردوغان منذ أول يوم وطئت فيه أقدامهم أرض مصر على تقسيم مصر وطمس هويتها الثقافية وتغير عادات الناس فأصدر خاير بك قراراً بمنع مسرح خيال الظل.
ومنع الغناء ومنع زفة العرسان واستبدل بالأوزان والأطوال والمكاييل المصرية أخرى عثمانية للاستيلاء على ممتلكات أهل مصر المحروسة وطمس تراثها الثقافى والاجتماعى، ويبدو أن السيد أردوغان اليوم يسير على نهج جده خاير بك، ولكن أردوغان استحدث طرقاً استعمارية حديثة تتماشى مع المزاج العام للهيمنة الأمريكية، فألبس الإرهابيين ثياب السائحين ليأتوا إلى مصر عن طريق شركات تركية يديرها رجال من المخابرات التركية وراء أقنعة سياحية، وكل العمال فى هذه الشركات السياحية من الأتراك يسلبون حق الفقراء فى السلع المدعمة ويبيعون هذه السلع المدعمة حكومياً بسعر أقل من السعر العادى فيقتل الصناعة المصرية فتحنى له الحكومة المصرية القبعة فى سعيها الدائم عن مستثمرين أجانب، والغريب أن هذه الشركات التركية هى فرع من فروع الشركة الأم فى أسطنبول، والأغرب أن هذه الشركات تتعامل مع الشركات الأجنبية مباشرة من على أرض مصر، والأكثر غرابة أن برنامج الفوج السياحى يبدأ من تركيا وشراء المنتجات المصرية من تركيا ثم يغادر الفوج السياحى تركيا متجهاً إلى إسرائيل ليشترى من داخل إسرائيل منتجات خان الخليلى، ثم يغادر الفوج السياحى إسرائيل متجهاً إلى مصر فى زيارة سياحية منزوعة الدسم لأن السائح استمتع واشترى كل شىء وأكل المأكولات المصرية فى تركيا وإسرائيل، وبهذا ينجح أردوغان فى تنشيط السياحة الإرهابية ونشر الفوضى هو وإخوانه الذين يريدون حرق مصر المحروسة ولكنهم لن يحرقوا إلا أنفسهم.