عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكمت المحكمة يا وزير المالية

كثيرا ما كتبت بهذه الجريدة في أحقية المعاقين بصريا في الحصول على سيارة معفاة من الجمارك أسوة بالمعاقين حركيا باعتبار الإعاقة هم يتقاسمه ذوو الاحتياجات الخاصة لا فرق في هذا بين كفيف أو أبتر أو مشلول أو أصم أو أو، وكم كنت متألما من عدم استجابة المسئولين بوزارة المالية لما تناولت، وجدير بالمصارحة أنني كنت واحدا ممن تضرروا من هذه التفرقة في ميزة الإعفاء بوصفي من المعاقين بصريا بالرغم من تعاطف مصلحة الجمارك معي ممثلة في

مديرة قسم الاعفاءات الأستاذة « فاتن فاروق ورئيس الشئون القانونية الأستاذ محمد سعيد الأمر الذي دفعني للاحتكام إلى القضاء الملاذ الحقيقي الأمين لكل مظلوم وكان يوم عيد عندما أصدر القضاء الإداري حكمه في يوم 28 أكتوبر الماضي برئاسة المستشار أحمد علي أبو النجا علي بأحقيتي في الحصول على الإعفاء وهو في تقديري حكم تاريخي موضوعي لأنه تعامل مع المظلمة لا باعتبارها قضية خاصة وإنما بوصفها منهجا ينبغي أن يحتذى في التعامل مع المعاقين، لذلك آثرت أن أعرض أهم مقتطفات مما كتبه سيادة المستشار الجليل في أسباب ومنطوق حكمه ومنها: (لما كان ثابتاً من الأوراق أن المدعي من المعاقين بصريا «كفيف» وتقتضي طبيعة عمله وظروفه كثرة التنقل مما ألجأه إلى التقدم بطلب استيراد سيارة معفاة جمركيا يقودها له الغير إلا أن جهة الإدارة رفضت منحه الإعفاء استنادا إلى أن السيارة غير مجهزة طبيا ويقودها غيره، ولما كان تجهيز السيارة طبيا ليس غاية في ذاته ولا هو مناط منح الإعفاء وإنما يتقرر الإعفاء تيسيرا على المعاق ومن قبيل التكافل المجتمعي الذي يضحي فيه المجتمع بالدخل الناتج عن الضريبة الجمركية للمعاق مساهمة في التخفيف عن كاهله ماديا وإشعاره بالرابط الإنساني والأدبي وتحمل قدر من التبعة عنه، واستلزام التجهيز الطبي للسيارة لا يخرج عن كونه تهيئة السيارة لإمكانية استخدامها من جانب المعاق بما يحقق الفائدة منها وبالطريقة التي تتناسب وقدر ونوع الإعاقة فضلا عن إمكان اعتبار التجهيز نوعا من القيد على استخدام السيارة فلا تستخدم إلا للمعاق، فالتجهيز الطبي بهذا الفهم لا يعاد مناط للإعفاء وإنما الإعاقة.
ولما كان الكفيف تتوافر فيه الإعاقة التي هي مناط الإعفاء بل هي إلزام بحالته وصعوبة تحركه والذي لا يخفى على مبصر ولا يستعصي على فهم البسطاء من الناس، لذا استلزم الحال في ضوء الفهم الصحيح لمراد المشرع وتحقيقا للعدل بين أصحاب المراكز المتساوية ينبغي أن ينطبق الإعفاء عليه وإذ تستعصي حالة المعاق بصريا على القيادة بنفسه ولم يصل التطوير التكنولوجي إلى تجهيز طبي يناسب حالته ويعينه على القيادة بنفسه ويستلزم ذلك بحكم الواقع أن يقود له غيره الذي يعد في هذه الحالة بمثابة التجهيزة الملائمة لحالته، فلا يجوز أن يحرم المشاركة المجتمعية والعون في القصور عن

فهم حقيقة الواقع، إذ ليس من الإنصاف أن يكف عنه البصر وتكف عنه المشاركة المجتمعية والتكافل المجتمعي ويلتفت عنه ليزداد إحساسا بعجزه، على نحو يضحي معه قرار جهة الإدارة برفض منح المدعي الإعفاء الجمركي المقرر لسيارات المعاقين مخالفا لروح القانون فضلا عن مخالفته للمبدأ الدستوري القاضي بالمساواة بين أصحاب المراكز المتساوية والذي يفرض على جهة الإدارة أن تسوي بين المصريين متى اتحدت مراكزهم وبحسبان أنهم أمام القانون سواء.
ومن حيث أن ركن الاستعجال متحقق في الحالة الماثلة حيث أن القرار الطعين يرتب ولا شك أضراراً يصعب تداركها لتحمل المدعي المزيد من التكدير لحياته وغمط حقه كاف بذاته في زيادة حسرة النفس وانكسارها، ومن حيث أنه وقد استقام لطلب وقف التنفيذ ركناه مما يتعين معه والحال كذلك القضاء به مع ما يترتب على ذلك من آثار أهمها تمتع المدعي بالإعفاء المشار إليه، ومن حيث أنه من يخسر الدعوي يلتزم بالمصروفات عملا بالمادة 184 من قانون المرافعات المدنية والتجارية رقم 13 لسنة 1998، حكمت المحكمة بقبول الدعوة شكلا وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، مع ما يترتب عليه من آثار وألزمت جهة الإدارة مصروفات هذا الطلب وأمرت بإحالة الدعوة إلى هيئة مفوضي الدولة لإعداد تقرير بالرأي القانوني في موضوعها).
في تقديري أن كل كلمة في هذا الحكم تفيض نبلا وإنسانية وتكشف عن ضمير نظيف من الروتين ومحمل بقيمة العدل ونزاهة القصد وحياد القاضي الذي يعرف القانون وكيف يوظف روح القانون في الحفاظ على مصالح الناس، فتحية إليك يا أيها المستشار الجليل أنت ومن معك ممن يدرسون القضايا بعناية ويرفعون الظلم عن الناس وعتابا عليك يا وزير المالية لأنك لم تختر مستشارا قانونيا جديرا بفهم قيمة الوقت ومعرفة أن أهم من حفاظه على كرسيه الحفاظ على مصالح الناس وكفايتهم شر الغباء في التعامل مع روح القانون.