رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

كلمة السر فى انتفاض المصريين

 

من لا يقرأ التاريخ لا يعرف كيف يحكم؟ ومع من يتحالف؟ ومتى يصمت ومتى يتكلم؟ وأي القرارات يتخذ وأيها يدع؟ من لا يقرأ التاريخ لا يدرك أن وعيه بدروس الماضي سيعينه على

التكيف مع الحاضر واتقاء مخاطر المستقبل، ولو وعت النظم السياسية أن سياسة القروض لا تدفع بعجلة التنمية ولا تخفف معاناة المواطنين ولا تحل أزمات اقتصادية، لما عادت لممارسة تلك السياسات العقيمة التي تسببت في احتلال مصر عام 1882 وكادت تسقط عرش السادات في مثل هذه الأيام عندما اندلعت انتفاضة الخبز يومي 18 – 19 يناير عام 1977، لأن الاعتماد على سياسة القروض هذه سيدفع حتما للمزيد منها وبالتالي ستزيد الديون وفوائدها كما سيزيد التضخم وسترتفع الأسعار وسيفترس الغلاء رحمة القلوب قبل الجيوب وسيتضاعف السخط الجماهيري إلى حد قد يصعب السيطرة عليه، وفي انتفاضة يومي 18 – 19 يناير عظة لمن يريد التعلم من أخطاء سابقيه.

بنهاية حرب أكتوبر 1973، ينجح الرئيس السادات ونظامه في خداع قطاعات واسعة – بما فيها القوى الوطنية – بأوهام سياسة الانفتاح وإمكانية تدفق مليارات الدولارات لخزانة الدولة، نتيجة الاستثمارات الوافدة وما سيترتب عليها من رخاء ورفاهية ورفع مستوى معيشة الفرد وامتلاك كل شاب لڤيلا وعربية وتليفون خاص وإلا فإن هذه الأوهام سرعان ما تحطمت فوق صخرة التجربة العملية بعد أن تكشف لعموم المصريين أن مثل هذه السياسة لم ولن تخدم سوى مصالح حفنة من أصحاب الملايين الجدد ، خاصة بعد أن ارتفعت تكلفة المعيشة في الفترة من 1973 إلى 1976 بنسبة 42% وخلال عام 1976 وحده ارتفعت بنسبة 11% بينما بلغ التضخم حوالي 37% ليسقط نتيجة ذلك حوالي 44% من الشعب المصري تحت الفقر، ولم يعد بحوزة الناس سوى الغضب الذي سرعان ما يولد وقلما يتحول إلى بركان إلا عندما يفيض الكيل ويضيق الناس بصبرهم وهو ما حدث يومي 18 – 19 يناير عام 1977 عندما خرج الناس لأول مرة بعد نجاح حركة الضباط الأحرار بمظاهرات عاصفة في كل المدن المصرية في وقت واحد وعلى قلب رجل واحد، تردد نفس الشعارت وتدعو لنفس المطالب ولأول

مرة يفرض حظر التجوال في مصر وتنزل القوات المسلحة إلى الشارع ويسقط خلال يومين طبقاً للبيانات الرسمية التي صدرت وقتها عن الحكومة المصرية حوالي 79 قتيلاً و215 جريحاً.

سبق أحداث هذين اليومين بيان أعلنه الدكتور عبدالمنعم القيسوني نائب رئيس الوزراء ورئيس المجموعة الاقتصادية  ألقاه مساء يوم 16 يناير 1977 أمام مجلس الشعب، ووضح فيه قيام الحكومة باتخاذ مجموعة من القرارات الاقتصادية الحاسمة الهادفة لخفض العجز في ميزان المدفوعات وذلك برفع الدعم عن مجموعة من السلع الضرورية مثل: «الخبز بنسبة 50% والسكر بنسبة 25% والشاي بنسبة 35%» بالإضافة إلى رفع أسعار 35 سلعة أخرى لا يستطيع الفقراء العيش بدونها بحد أدنى 20% مثل: «الزيت والصابون والعدس والفول والسجائر والبنزين واللحوم البيضاء والحمراء ... إلخ «لحظتها استولى الغضب على الأفئدة وضاعف منه ذلك التناقض الرهيب بين ما كان يتوقعه الناس وما فوجئوا به فالرخاء الذي وعد به السادات في كل خطبه إذا به معاناة ورغد العيش حل محله ارتفاع سعر رغيف العيش وأحلام الشباب في غد أفضل أصبحت مرهونة لشروط البنك الدولي الذي فرض على مصر كي يقدم لها قروضاً تعينها على تجاوز أزمتها الاقتصادية أن تضع على كاهل المواطنين ما يقرب من 500 مليون جنيه سنوياً.

لقد كانت القرارات التي أعلنها القيسوني وحرض عليها البنك الدولي بمثابة كلمة السر لكافة فئات الشعب المصري للانتفاض على السادات احتجاجاً على رفع الأسعار.