رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

صباح الشباب يا وزير الشباب

صباح الخميس الماضي بالذات كان صباحاً رائعاً استبشرت به كثيراً واستشعرت فيه أن شيئاً ما سوف يتغير وأن أول خطوة في الطريق الصحيح ربما تكون قد اتخذت، على منصة مركز التعليم المدني بالجزيرة التابع لوزارة الشباب، كنت أجلس أنا والدكتور حسام المساح عضو لجنة الخمسين التي أخرجت لنا دستور مصر الجديد ومجموعة من ممثلي ذوي

الاحتياجات الخاصة وبين صفوف الحضور وبمنتهى التواضع والبساطة والاحترام كان يجلس وزير الشباب المهندس خالد عبدالعزيز يحدثنا ونحدثه يناقشنا ونناقشه في تلك المبادرة التي أطلقتها وزارة الشباب من أجل عمل تعداد جديد لذوي الاحتياجات الخاصة، استمر اللقاء أكثر من ثلاث ساعات متصلة، كان الوزير خلالها منتبهاً ومستمعاً أكثر من كونه متكلماً وبدا حريصاً منذ الوهلة الأولى على إشراكنا وإشراك الحضور أيضاً في اختيار الآليات التي يعول عليها في عمل هذا التعداد.
في الحقيقة كانت مهمة الوزير شاقة لأن الاختلاف بيننا كجالسين على المنصة كان كبيراً وتفاقم بتنافس الحضور على تقديم المزيد من الاقتراحات في هذا الخصوص، حتى كدت أشعر بالملل، إلا أن الرجل لم يكل ولم يمل وأصر على ألا ينتهي اليوم دون اتخاذ قرار والذي تمثل في أن يكون هناك مكتب لذوي الاحتياجات الخاصة بوزارة الشباب يرأسه واحد من هذه الفئة، وبمشاركة ممثلين لهم ثقل علمي ووزن اجتماعي في خدمة ودعم وتثقيف وتأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة، اقترح الوزير أن تكون  أول مهمات هذا المكتب هي الإشراف والمتابعة للآليات التي اتفق عليها في نهاية اجتماع الخميس والتي لم يتم التوافق عليها لولا صبر هذا الوزير ورغبته الصادقة في الانتهاء من هذا الإنجاز في أقرب وقت ممكن على أن يتحمل المكتب كذلك مسئولية التواصل مع ذوي الاحتياجات الخاصة لبداية تحريك العجلة في توظيف هذه الفئة واستثمارها استثماراً يتناسب مع قدرتها على الإبداع والإنتاج وتسخير إمكاناتها في تنمية هذا البلد، الجديد هنا لم يكن في إصرار الرجل على ألا يكون إلى جانب ممثلي المعاقين بالمنصة وفي صدارة المشهد كما تعودنا أن نرى غالبية وزراء هذه الحكومة وإنما الجديد والمفيد هو إحساس الرجل بالمسئولية عن هذه الفئة التي طال تهميشها بل ونسيانها حتى كاد بعض المنتسبين إليها يكفرون بانتمائهم إلى هذا المجتمع أو التواصل معه للحصول على أي شيء منه أو تقديم أي شيء إليه.. إنني أظن أن الوزير بمبادرته هذه ضرب عصافير كثيرة بحجر واحد:
أولاً: تحرك الوزير في هذا التوقيت بالذات تجاه فئة المعاقين يعني أنه رجل سوي يعي جيداً قيمة إنسانية الإنسان، لذلك سعى لاستدعاء هذه الفئة إلى المشهد لإحياء مكامن القوة فيها من ناحية وإجراء مصالحة بينها وبين المجتمع لمصلحة المجتمع من ناحية أخرى.
ثانياً: وضع أول حجر في سبيل إجراء تعداد علمي نتمنى أن يكون دقيقاً من

حيث الكم والنوع والجغرافيا والمدى الزمني، خاصة أنه ليس لدى الدولة المصرية إلى الآن إحصاءات مؤكدة وصحيحة لعدد المعاقين في مصر وإن وجدت، فهي إحصاءات متناقضة ومتضاربة تعطي انطباعاً لمن يطلع عليها أنها مفبركة وغير علمية، بعضها يشير إلى أن عدد المعاقين في مصر لا يجاوز 475 ألف معاق، وبعضها يرفع هذا العدد إلى 2 مليون وبعضها يصل به إلى 6 ملايين ثم نقرأ 8 ملايين – 10 ملايين – 12 مليوناً، وأخيراً وصل العدد إلى 15 مليوناً - حسبما أوردت وزارة التنمية الإدارية - وهل يعقل في ظل هذا التضارب في أعداد المعاقين أن تعالج مشكلات المعاقين؟
ثالثاً: مثلما ينتشر الفساد بالعدوى فقد يحدث الإصلاح هو الآخر بالعدوى بحيث يغار من لا يزال في وجوههم بقية من حياء فيحذون حذو الوزير  وينهجون منهجه ويؤمنون بأن قوة الإنسان في إبداعه لا في جسده، في عقله لا في حواسه والمعاق يمكن ألا يكون عالة على المجتمع طالما لم يكن المجتمع عالة عليه.
ربما تتهمني عزيزي القارئ بالتناقض لهجومي المتواصل على هذه الحكومة في الوقت الذي استفيض فيه إشادة بأحد وزرائها، وهذا ليس تناقضاً لأننا إذا قلنا للمخطئ أخطأت وللمصيب أصبت، فقد أعطينا لكل ذي حق حقه ثم إن إشعال شمعة أفضل ألف مرة من لعنة الظلام وتركيز الضوء على بؤرة أمل قد يستعجل نهاراً طال تشوقنا إليه كما أن احترام أي مسئول في الدولة لمعاناة الناس ومشكلاتهم جدير بأن يحترمه كل الناس، وبوصفي واحداً ممن حرموا نعمة البصر وممن حاولوا أن يعطوا قدر طاقتهم فكان جزاؤهم التهميش وربما الإقصاء لا أرى غضاضة في أن أقول لهذا الوزير غير الروتيني والمسئول المحترم لمسئولياته: (بادرتك طيبة وجهدك مشكور وطريقك مكلل بالنجاح ، فسر على بركة الله نحو صباح جديد للشباب يا وزير الشباب).