رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لعنة الكرسى

منذ زمن بعيد ونحن نسمع في مصر عن لعنة الفراعنة وهي تصيب كل من يحاول الغوص في عالم الفراعنة وأسرارهم وكنوزهم أو التعرض لإحدى مومياراتهم من جانب اللصوص أو علماء الآثار أو أو.. ورغم ما يتردد عن إصابة بعض هؤلاء بلعنة الفراعنة إلا أنه لم يثبت إلى الآن مدى صدق هذه الشائعات، لكن الذي تأكد

هو وجود لعنة أخرى أشد خطرا على من يبتلى بها وهي لعنة الكرسي والتي تصيب بعض ممن يتقلدون المسئولية بحيث يتبدل حالهم وتتغير أولوياتهم ويتحولون فجأة من أشخاص بسطاء متواضعين أشبه في خلقهم بالأنبياء إلى شياطين متغطرسين جاحدين مغرورين وكارهين لكل من يعرفون أصولهم وفصولهم، وكم من مسئولين كانوا متحصنين بحب الناس قبل تحملهم المسئولية وبعد أن صعدوا على أكتافهم أصابتهم لعنة الكرسي، فولوا ظهورهم لهم وصموا آذانهم عنهم وأقصوا واستبدوا متناسين ما ورد في خطبة قس بن ساعدة: «الدنيا إذا كست أوكست وإذا حلت أوحلت وكم من ملك له علامات ولما علا مات» ولو أن الرئيس الأسبق مبارك لم يصب بلعنة الكرسي لوفى بما وعد به المصريين فور تسلمه للسلطة عام 1981 عندما تعهد لهم بألا يبقى رئيسا بمصر إلا مدة واحدة «ست سنوات» ولخرج من السلطة وهو في قلوب الناس بدلا من أن يستمر على قلوبهم مدة ثلاثين سنة، لو أنه لم يصب بلعنة الكرسي لأصلح وغير وأنصت للمعارضة وتصدى للفساد، وأدرك أن بقاءه – مهما طال في الحكم – سوف ينتهي إما بإرادته أو محمولا على الأكتاف أو عن طريق ثورة على غرار ما جرى له فى 25 يناير 2011 .
لكنه أبدا لم يكن يصدق أو يتخيل انه مثلما حكم مصر بالحديد والنار سيحكم عليه الشعب بالسجن, كان عندما يقوم معارضوه بالاحتجاج والتظاهر على سياساته يرد مستهزئا: «خليهم يتسلوا» كان عندما يشعر بانحياز الناس لشخصية وطنية بعينها يقوم فورا بإقصائها من المشهد ليضع مكانها شخصية أخرى أقل كفاءة وأقل فكراً وأكثر استفزازا لمشاعر المواطنين وكأنه يعاقب الناس على قبولهم له كرئيس من المفترض أن أول مهامه هى الاستجابة لما يطمحون فيه وليس لما يريده سيادته. نفس لعنة الكرسي هذه التى أصابت الرئيس الأسبق مبارك، أصابت كذلك الرئيس السابق محمد مرسى والمنتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين، تلك الجماعة التي كانت تحظى بحب وتعاطف المصريين منذ

ظهورها عام 1928 حتى وصلت إلى السلطة بفوزها بالأغلبية البرلمانية في 2011 وبالرئاسة في 30 يونيو 2012.
قبل أن يجلس محمد مرسي على كرسي الرئاسة وأثناء حملته الانتخابية كان كالأطهار الأبرار الأتقياء الأنقياء في كل أحاديثه وتصريحاته حتى اعتبره البعض معتصم هذا العصر وراعي العدالة في القصاص من المفسدين كما اعتبره البعض إمام المجاهدين في تحرير القدس، وعد بأن حق الشهداء في رقبته وأن المحاكم الثورية ستنصب للفلول، والعدالة الاجتماعية ستكون همه وشغله الشاغل وأنه سيحل مشكلات مصر في الخبز والأمن والمرور والوقود والقمامة خلال مائة يوم من توليه رئاسة مصر، إلا أنه بمجرد أن أقسم اليمين حنث به وأعاد  إنتاج نظام مبارك بكل سوءاته وخان مطالب الثورة وتنكر لمشروع الدولة المصرية المدنية وقسم المجتمع لأطياف وطوائف وعمق الخصومة بين جماعته وبين عموم المصريين بل وانقلب على الديمقراطية بإعلانه غير الدستوري في يوم 21 نوفمبر عام 2012 وظل يرتكب حماقات حتى أسقط بنفسه شرعيته السياسية والأخلاقية وثار عليه الشعب المصري مع بداية 30 يونيو الماضى وخلعه في ثلاثة أيام ليسقط هو الآخر مثلما سبق أن سقط مبارك  ألم أقل لكم، إنها لعنة الكرسي يا سادة التي تهون دماء الشعب في عيون من يحكمه، إنها لعنة الكرسي التي احذر منها القيادات الجديدة وأناشدها استيعاب الدرس بالانحياز للناس وتحقيق العدالة الاجتماعية لهم وإيقاف نزيف إهدار مواردهم وأذكر تلك القيادات بأن بقاءها سيظل مرهونا بعطائها وانها لم ولن تسقط أبدا بلعنة الكرسي طالما سهرت على راحة الشعب وليس خوفا منها على الكرسي.