رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

نكبة فلسطين صناعة عربية

خمس وستون سنة مرت علي قيام إسرائيل وغروب شمس الاستقرار عن منطقة الشرق الأوسط وانشطار الجسد العربي لنصفين وضياع فلسطين وتشتيت معظم أهلها في أنحاء الأرض وحبس بقيتهم في أكبر سجن عرفه التاريخ ، خمس وستون سنة شهدت علي أن إسرائيل التي ولدت عام ١٩٤٨ صارت الأجدر والأقدر

علي حماية أمنها وسلامتها وفرض أجندتها السياسية والعسكرية، وأن العرب الذين يضربون بجذورهم في عمق التاريخ، قد توارت إرادتهم في أنظمة يمكن اعتبارها الصانع الرئيسي للنكبة، والمسئول الأول عن استمرارها حتي يومنا هذا، والسؤال الذي يفرض نفسه الآن: كيف نجحت هذه الأنظمة في صناعة النكبة؟ وهل انتصرت إسرائيل فعلاً، أم أن العرب دخلوا المعركة وهم مهزومون بالفعل؟ بقراءة واعية لكيفية حصول النكبة، نلاحظ أنها كانت نتيجة طبيعية للتخبط وعشوائية القرارات وتناقض الرؤي وتغليب المصالح الشخصية علي المصالح العربية العليا، كان دخول مصر حرب فلسطين، مثالاً صارخًا للعشوائية ، حيث لم يكن الجيش مستعدًا لخوض مثل هذه المعركة وينقصه التدريب والعتاد والسلاح والخبرة والدراية الكافية بتحصينات اليهود وأسلحتهم، كما لم تستعد قيادة الجيش للاحتمالات التي قد تفرضها المعركة، كالحصار أو منع الإمداد، ورغم كل هذا، طلب النقراشي باشا من رئيس مجلس الشيوخ في ١٢ مايو ١٩٤٨ عقد جلسة سرية للنظر في دخول القوات المصرية إلي فلسطين ، وبالطبع لم يكن هدفه إنقاذ فلسطين ولو كان ذلك هدفه لعمل لهذا اليوم ألف حساب، لكنه يريد أن يصرف الأنظار عن المشكلات الكثيرة التي أخذت تتنامي في عصره وأصبحت عبئاً علي حكومته التي كانت لا تمثل إلا حزب الأقلية (السعديين)، كما وجد الملك فاروق في دخول القوات المصرية للحرب فرصته الذهبية لاسترداد بعض سمعته التي تدهورت نتيجة تردي الأوضاع الاقتصادية والرغبة فى تدعيم هيبته وتهدئة الفوران الشعبي، لذلك لم ينتظر رد البرلمان علي طلب النقراشي باشا وأعطي أوامره لمحمد حيدر باشا - وزير الحربية - باجتياز الجيش المصري للحدود ، وبدأت المعركة والعرب بلا قيادة موحدة أو هدف واحد، ومن المعروف أن تحقيق الانتصارات في غياب وحدة القيادة والهدف من المستحيلات، والغريب أن أصحاب القرار لم يدركوا أن عدد القوات الإسرائيلية المشاركة في المعركة يفوق عدد قوات الجيوش العربية السبع بثلاثة أضعاف ، يقول المواوي قائد القوات المصرية المتورطة في فلسطين: (إن التعليمات بدخول العرب إلي أرض فلسطين لم تصدر إلا يوم ١٤ مايو ١٩٤٨ ولم يكن تحت قيادته عندما دخل إلي فلسطين سوي مجموعة لواء مشكلة من ثلاث كتائب بالإضافة

إلي قوات سعودية وسودانية محدودة جدًا ولم يتجاوز عدد القوات التي تولي قيادتها خمسة آلاف جندي غير مدرب علي القتال، ولم يسبق لها القيام بمناورات عسكرية وتعاني نقصًا في الأسلحة والعتاد مما اضطرها في بعض الأحيان لنسف عدد من المدافع بعد نفاد الذخيرة منها). وبالإضافة للفشل في قيادة القوات وضح التعارض في الأهداف بين الدول العربية، لذلك عندما حدث التقدم العسكري الإسرائيلي، قرر الملك عبدالله ملك الأردن وقف القتال من جانب قواته، تاركًا القوات المصرية وحدها تلقي مصيرها وتُطرَد من النقب، وصمدت مصر للسيطرة علي المنطقة الممتدة من الحدود إلي غزة حتي لا تقع في يد الملك عبداللهّ، وفي هذا المناخ نجح اليهود في احتلال - بالإضافة إلي الأراضي التي رسمها لهم قرار التقسيم - سائر منطقة غرب الخليل والرحلة وجزء من وسط فلسطين وكل المناطق التي كانت مخصصة للفلسطينيين ضمن قرار التقسيم، وفي ١٦ أكتوبر1948 شنت العصابات الإسرائيلية هجومًا كبيرًا علي القوات المصرية التي أصبحت وحدها في المعركة وهزمتها في دير البلح، وبحلول ٢٧ ديسمبر كانت الجبهة الشرقية المصرية قد انهارت تمامًا وعبرت القوات الإسرائيلية صوب العريش ورفح لإجبار المصريين علي سحب ما تبقي من قواتهم في جنوب غرب فلسطين ، وهكذا انتهت الحرب وبقيت الإجابة الراسخة فى الوجدان الشعبى العربى أن الذين هزموا هم العرب، لأنهم لو تمسكوا بقليل من الوحدة والتخطيط وتحمل المسئولية والوعي بالخطر الصهيوني لأمكنهم القضاء علي إسرائيل في المهد . بالأمس القريب كانت إسرائيل في بدايتها وكان من الممكن القضاء عليها أو حتي تحجيمها، ولكن كالعادة تضيع الفرص ولا يبقي من مواقف الأنظمة العربية إلا البكاء علي الأطلال.