إنها التوهة
أشعر كأن كل شيء قد انقسم نصفين، وأصبح له وجهان متنافران، أشعر كأننا ننظر بعينين، عين تري ما لا تحب، وثانية لا تري ما تحب، ونتحدث بلغتين، لغة خوف من الأقوي ولغة تبجح مع الأضعف، ونعاني علتين، كبتاً لا يولد انفجاراً، وصبراً يعود الانكسار، ونسير في اتجاهين، نسير للخلف فعلاً،
ونتطلع للمستقبل قولاً، ونموت مرتين، مرة عندما تستعبدنا الاحتياجات ونستأنس القهر الذي يحيلنا إلي نماذج بشرية غير قابلة للانفجار، وأخري عندما نستصرخ ضمائر من بيدهم أمرنا ولا حياة لمن تنادي، ونمارس فعلين، فعلاً نظهر به حرصنا دائما علي المستقبل وفعل يفرض علينا الاحتكام للماضي كمنجم نفتش فيه عن حلول سحرية لكل قضايانا، ونرتاح لتناقضين، نشرب من النيل ونلوثه، ننقد الجهل ونمارسه، ننادي بالتغيير ولا نتغير، نريد الحوار ولا يسمع بعضنا البعض حتي ملأنا الدنيا صراخا دون أن يسمع أو يفهم أحد، وتحكمنا سياستان، سياسة معلنة صالحة للاستهلاك الإعلامي وغير قابلة للهضم، وسياسة غير معلنة لا تتفاعل معنا ومع قضايانا وتوجه في غير صالحنا وتقتل فينا الولاء لهذا الوطن ونضحك ضحكتين، ضحكة صفراء خبيثة نرسمها باستمرار علي وجوهنا لنستطيع التواصل مع بعضنا البعض، وضحكة خضراء صافية من القلب، تولد وتموت في لحظات. وتنقسم أسئلتنا إلي نمطين، أسئلة لا يصح الإجابة عنها وإضاعة الوقت فيها والالتفات لها، وأسئلة تحتاج في إجابتها لمجلدات، وكثيراً ما تطرح ببساطة في معظم وسائل الإعلام دون معرفة بأبعادها وجوانبها، ونرتضي واقعين مشتبكين، واقعا تسير فيه عربات الكارو في المقدمة وتمنع