عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

إنها التوهة

أشعر كأن كل شيء قد انقسم نصفين، وأصبح له وجهان متنافران، أشعر كأننا ننظر بعينين، عين تري ما لا تحب، وثانية لا تري ما تحب، ونتحدث بلغتين، لغة خوف من الأقوي ولغة تبجح مع الأضعف، ونعاني علتين، كبتاً لا يولد انفجاراً، وصبراً يعود الانكسار، ونسير في اتجاهين، نسير للخلف فعلاً،

ونتطلع للمستقبل قولاً، ونموت مرتين، مرة عندما تستعبدنا الاحتياجات ونستأنس القهر الذي يحيلنا إلي نماذج بشرية غير قابلة للانفجار، وأخري عندما نستصرخ ضمائر من بيدهم أمرنا ولا حياة لمن تنادي، ونمارس فعلين، فعلاً نظهر به حرصنا دائما علي المستقبل وفعل يفرض علينا الاحتكام للماضي كمنجم نفتش فيه عن حلول سحرية لكل قضايانا، ونرتاح لتناقضين، نشرب من النيل ونلوثه، ننقد الجهل ونمارسه، ننادي بالتغيير ولا نتغير، نريد الحوار ولا يسمع بعضنا البعض حتي ملأنا الدنيا صراخا دون أن يسمع أو يفهم أحد، وتحكمنا سياستان، سياسة معلنة صالحة للاستهلاك الإعلامي وغير قابلة للهضم، وسياسة غير معلنة لا تتفاعل معنا ومع قضايانا وتوجه في غير صالحنا وتقتل فينا الولاء لهذا الوطن ونضحك ضحكتين، ضحكة صفراء خبيثة نرسمها باستمرار علي وجوهنا لنستطيع التواصل مع بعضنا البعض، وضحكة خضراء صافية من القلب، تولد وتموت في لحظات. وتنقسم أسئلتنا إلي نمطين، أسئلة لا يصح الإجابة عنها وإضاعة الوقت فيها والالتفات لها، وأسئلة تحتاج في إجابتها لمجلدات، وكثيراً ما تطرح ببساطة في معظم وسائل الإعلام دون معرفة بأبعادها وجوانبها، ونرتضي واقعين مشتبكين، واقعا تسير فيه عربات الكارو في المقدمة وتمنع

وراءها عشرات السيارات الشاهدة علي ما وصل إليه العالم من تقدم علمي، وواقعا آخر يكون علي رأس السلطة فيه مدعون مصابون بالجفاف الفكري، ورغم ذلك مسلطة عليهم الأضواء ويتواري خلفهم مثقفون حقيقيون تكاثرت عليهم فيروسات اليأس والهم من قسوة الفقر ومرارة الانتظار وغياب العدالة وفساد مناخ أدي لوجود هؤلاء مدي الحياة في الظل. ونظهر دوما بضميرين، ضمير يقظ يرفض تجاوزات الآخرين ومخالفاتهم ويعتبرها انتهاكاً للدين والقيم والأعراف الاجتماعية، وضمير مهادن طيب متسامح يري أخطاء الذات مقبولة ومستساغة ويوفر لها المبررات الكافية لتكرارها، وعندما تتوفر فينا كل هذه التناقضات وتصبح الاختلافات فينا هي القاعدة، فلا غرابة في أن نكون أكثر شعوب الأرض جهلا بمن هو الثائر؟ ومن البلطجي؟ إن غرقنا في متاهة التناقضات جعلنا نتعودها ولا ندرك خطورتها، صرنا نفعل شيئاً ونقول شيئاً آخر، وفقدنا الثوابت، لم يعد الهدف الذي نريده هو ما نسعي إليه، وكل ما فينا وحولنا أصبح ذا وجهين، حقيقي ومصطنع، فأيهما نختار، وأيهما ندع؟ إنها التوهة.