عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

هل سيتسمر قنديل مغنياً مع السراب؟!

كثيراً ما يصادفني قراءته وقلما أستمتع بما يُكتب، كثيراً ما أدير مؤشر الراديو أو التليفزيون هرباً من كلام فارغ لضيف جاهل أو مذيع محدود الأفق ونادراً ما استمتع برأي أو أقنع بفكر، ومن الذين أقرأ لهم وأستمتع بآرائهم الكاتب الصحفي الأستاذ وائل قنديل صاحب الحس اللغوي المتأدب والفكر المتجدد والقراءة الواعية للأحداث والمعارضة في غير تطرف،

ولعل إيماني بقيمة الكاتب هي التي حفزتني علي معاتبته ليقيني في أنه يعرف ان البطولة في زمن الخوف بمثابة انكسار، والنقد غير الشتم طبعاً، والغناء مع السرب لا يلتفت إليه من يريد ان يستمتع بالسماع، وأخطر ما لاحظته في كتابات وائل قنديل مؤخرا إصراره علي استخدام أفكار يمضغها غيره وجمل أقرب إلي الشتم منها إلي النقد وتشبثه بالعموميات التي تجعل دائما المجلس العسكري في الموقع الفاعل وكل ما عاداه مفعول به ومنذ يوم الجمعة قبل الماضي إلي وقت كتابة تلك السطور كتب وائل قنديل علي الترتيب بجريدة الشروق: ليلة الحواوشي وما قبلها، ليلة الاعتداء علي المصريين الجنوبيين اللاجئين في مصر، قطط المجلس في صياغة سيناريو الحواوشي المسمم الذي قُدم للمعتصمين أمام مجلس الوزراء وتحريضه علي اختطاف نشطاء سياسيين والقيام بمجازر جماعية تدل علي بربرية مرتكبها أي المجلس العسكري وتجاوزه حدود العقل والأخلاق وقبول بعض المثقفين بأن يكونوا قططاً أليفة في أروقة المجلس العسكري توأم نظام معمر القذافي علي حد تعبيره، ولأن وائل ليس من القطط الساعية لتذوق جزرة المواقع المهمة فقد استنكر سحل الفتاة أروي علي الأرض ووقوف الجنود بأحذيتهم فوق جسدها الطاهر وتعريتهم لها في مشهد ينتمي لأحط وأحقر عصور الاحتلال، وأنه لشرف عظيم لأي إنسان أن يتهمه المجلس العسكري ليتحول ذلك الاتهام الي وسام شرف، ومثل هذا التناول في ظل عدم وضوح الرؤية قد يُقبل من الهواة الذين يستبقون المقدمات بالنتائج فهل هناك أحد يعرف علي وجه التحديد: من الذي ألقي الحجر الأول؟ ومن له المصلحة في قتل الناشطين السياسيين وترك بصمات تشير للمجلس العسكري؟ وهل يمكن اعتبار جميع الموجودين بميدان التحرير وأمام مجلس الوزراء من الثوار الأبطال المدافعين عن حرية المصريين؟ قد يتصور البعض أنني أريد بما قدمت الدفاع عن المجلس العسكري، وهذا غير صحيح بالمرة، والدماء التي سالت في الشوارع يتحمل مسئوليتها هو لعجزه عن ضبط البلاد أمنياً، والفتاة التي رآها العالم وهي تُسحل عيب في حقه هو، لكن ترك كل القضايا - رغم خطورتها - والانصراف الي ذلك الموضوع دون غيره بمثابة عيب مهني، لأن محاولة استباق التحقيقات والخروج بنتائج إلي الناس دون أسانيد قانونية وتصدير فكرة مسبقة هي آليات لا تختلف

كثيراً عن نفس الآليات التي يستخدمها المجلس العسكري، وكذلك التركيز علي مخالفات وخطايا المجلس العسكري نقل الضباط والجنود من موقعهم في قلوبنا كأبطال وصناع للانتصارات إلي مجرمين يقفون مع أعداء الوطن في خندق واحد، لذلك لم يعد غريبا أن نقرأ في وسائل الإعلام: «الفصل بجدار عازل بين القوات والثوار، وقوع أسري من الجنود المصريين في يد الثوار، عمليات كر وفر بين الجيش والثوار»، وكأن من يحرق مصر حالياً إما ان يكون من الجيش أو من الثوار فقط، المشهد فوضوي إلي درجة المرارة التي تدفعني لسؤالك يا عم وائل: هل يستيقظ الضمير فقط عندما يكون المخطئ من الجيش بينما ينام عندما يصبح هؤلاء الجنود والضباط عرضة لمجموعة من الصبيان الذين يلقون بزجاجات الملوتوف فوق رؤوسهم؟ أليس دم المصري علي المصري حراماً؟ كنت أتمني أن تخصص ولو مقالاً واحداً في تلك الظروف الغريبة عن وكلاء نيرون الذين حرقوا المجمع العلمي وهدموا ما بناه لنا نابليون سنة 1798، كنت أتمني أن يستوقفك اعتصام عمال المحاجر بالمنيا والمدرسين بكفر الشيخ وتعطيلهم لخطوط السكك الحديدية من وإلي القاهرة، كنت أتمني أن يستفزك تحريض بعض المنظمات المصرية والأمريكية للولايات المتحدة علي وقف المعونة عن مصر في وقت ارتفع فيه عجز الميزانية إلي أكثر من 14 مليار جنيه. ان انتقاد المجلس العسكري ليس حراماً لكن في تلك المرحلة بالذات سيكون رد المجلس علي تلك الاتهامات بالمزيد من تعبئة وشحن الضباط والجنود بالكراهية للشعب، وهو ما يفتح المجال لخونة الوطن كي يشحنوا الشعب أيضاً بالمزيد من الكراهية للجيش، وبذلك لينهار الحصن الوطن الأخير وحينها سيكون الثمن أفدح من كل التوقعات، وختاماً وبعد كل ما قدمت، هل ستستمر في تكريس مقالاتك مغرداً مع السرب؟