هل سيتسمر قنديل مغنياً مع السراب؟!
كثيراً ما يصادفني قراءته وقلما أستمتع بما يُكتب، كثيراً ما أدير مؤشر الراديو أو التليفزيون هرباً من كلام فارغ لضيف جاهل أو مذيع محدود الأفق ونادراً ما استمتع برأي أو أقنع بفكر، ومن الذين أقرأ لهم وأستمتع بآرائهم الكاتب الصحفي الأستاذ وائل قنديل صاحب الحس اللغوي المتأدب والفكر المتجدد والقراءة الواعية للأحداث والمعارضة في غير تطرف،
ولعل إيماني بقيمة الكاتب هي التي حفزتني علي معاتبته ليقيني في أنه يعرف ان البطولة في زمن الخوف بمثابة انكسار، والنقد غير الشتم طبعاً، والغناء مع السرب لا يلتفت إليه من يريد ان يستمتع بالسماع، وأخطر ما لاحظته في كتابات وائل قنديل مؤخرا إصراره علي استخدام أفكار يمضغها غيره وجمل أقرب إلي الشتم منها إلي النقد وتشبثه بالعموميات التي تجعل دائما المجلس العسكري في الموقع الفاعل وكل ما عاداه مفعول به ومنذ يوم الجمعة قبل الماضي إلي وقت كتابة تلك السطور كتب وائل قنديل علي الترتيب بجريدة الشروق: ليلة الحواوشي وما قبلها، ليلة الاعتداء علي المصريين الجنوبيين اللاجئين في مصر، قطط المجلس في صياغة سيناريو الحواوشي المسمم الذي قُدم للمعتصمين أمام مجلس الوزراء وتحريضه علي اختطاف نشطاء سياسيين والقيام بمجازر جماعية تدل علي بربرية مرتكبها أي المجلس العسكري وتجاوزه حدود العقل والأخلاق وقبول بعض المثقفين بأن يكونوا قططاً أليفة في أروقة المجلس العسكري توأم نظام معمر القذافي علي حد تعبيره، ولأن وائل ليس من القطط الساعية لتذوق جزرة المواقع المهمة فقد استنكر سحل الفتاة أروي علي الأرض ووقوف الجنود بأحذيتهم فوق جسدها الطاهر وتعريتهم لها في مشهد ينتمي لأحط وأحقر عصور الاحتلال، وأنه لشرف عظيم لأي إنسان أن يتهمه المجلس العسكري ليتحول ذلك الاتهام الي وسام شرف، ومثل هذا التناول في ظل عدم وضوح الرؤية قد يُقبل من الهواة الذين يستبقون المقدمات بالنتائج فهل هناك أحد يعرف علي وجه التحديد: من الذي ألقي الحجر الأول؟ ومن له المصلحة في قتل الناشطين السياسيين وترك بصمات تشير للمجلس العسكري؟ وهل يمكن اعتبار جميع الموجودين بميدان التحرير وأمام مجلس الوزراء من الثوار الأبطال المدافعين عن حرية المصريين؟ قد يتصور البعض أنني أريد بما قدمت الدفاع عن المجلس العسكري، وهذا غير صحيح بالمرة، والدماء التي سالت في الشوارع يتحمل مسئوليتها هو لعجزه عن ضبط البلاد أمنياً، والفتاة التي رآها العالم وهي تُسحل عيب في حقه هو، لكن ترك كل القضايا - رغم خطورتها - والانصراف الي ذلك الموضوع دون غيره بمثابة عيب مهني، لأن محاولة استباق التحقيقات والخروج بنتائج إلي الناس دون أسانيد قانونية وتصدير فكرة مسبقة هي آليات لا تختلف