رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الطريق إلي الفوضي

الأيام تمر والهوة تتسع بين المجلس العسكري ومعظم القوى الوطنية والانقسامات تتزايد والصراعات تحتدم وخطوط المشهد السياسي متداخلة متنافرة تجسد أسوأ لوحة للفوضى التي قد تسر عدواً لكنها لا ترضي أبدا أي وطني مخلص ومحب لهذا البلد،

كل المؤشرات تؤكد أننا نسير عكس الاتجاه الصحيح، والدليل أن مصر انقسمت إلى مصرين، مصر في ميدان التحرير ومصر في العباسية، مصر مع الثوار ومصر مع المجلس العسكري، مصر العامة ومصر النخبة، مصر النظام الفاسد ومصر الفساد بلا نظام، مصر التي نغني لها ومصر التي ندفعها لحمامات من الدم، مصر الغارقة في النعيم ومصر الفقراء والجوعى والمحرومين . وسط تلك الثنائيات المؤلمة لا يبدو القادم مبشرا مثلما كان الماضي مؤلما، لا يبدو أن هناك توافقا على أي شيء مستقبلا مثلما اختلفنا في كل شيء بعد ثورة 25 يناير . كان من المفترض أن تكون مصر الآن عروسا تزف إلى شعبها، كان من المفترض أن يلوح في الأفق فجر جديد، لكن تشاركنا بقصد ودون قصد في إجهاض الثورة العظيمة، كان أول الأخطاء ترك الثورة بلا رأس وعندما طرح البرادعي في الأيام الأولى لثورة يناير كشخصية توافقية يمكنها أن تتفاوض مع المجلس العسكري، خرجت جماعات كثيرة لتؤكد أن البرادعي لا يمثل إلا نفسه، ولم تبادر تلك القوى بالتوافق على أي اسم وتركت الثورة مشاعا للميدان حتى سقط مبارك وسقطت أول ورقة من أوراق شجرة الثورة المصرية بعد أن تولى المجلس العسكري بمفرده زمام الأمور في البلاد . قبل أن يبرد دم الشهيد، إذ بطوفان من المرشحين للرئاسة – رغم أنه لم يصدر قانون لانتخاب الرئيس – وبدلا من أن ينشغل الإعلام بعيش حرية عدالة اجتماعية والتي قامت من أجلها الثورة راح يلهث خلف كل واحد من هؤلاء ينشر عنه خبر أو تصريح أو يجري معه حوار وفي الوقت نفسه لم يقم المجلس بالتحفظ الاحترازي على كبار رموز النظام السابق لمنعهم من تهريب ما سلبوه ونهبوه من هذا الشعب المسكين وتركهم شهورا لا نعرف لماذا ؟ ثم أجبر على محاكمتهم تحت تأثير المليونيات الضاغطة . بلتنا القوى الثورية باختيارها عصام شرف رئيسا للوزراء خلفا للفريق أحمد شفيق ولم يكن لشرف رصيد سوى أنه أقيل من وزارة النقل والمواصلات في عصر مبارك ثم سرعان ما اكتشف المصريون عدم وعي تلك القوى الثورية بمن يصلح ومن لا يصلح، بعد أن

قضى شرف أكثر من ثمانية شهور لم يفعل فيها شيئاً سوى إلغائه للتوقيت الصيفي، بينما تواطأ على الثورة والثوار ومرر قوانين سيئة السمعة وتستر على الفلول وعطل أهم قانون كان ينبغي إصداره هو قانون العزل السياسي لمنع النظام الجديد من إنتاج الفاسدين مرة أخرى. أعاد المجلس العسكري لأسباب غير معروفة دستور 1971 والذي كان من المفترض أنه سقط بعد الثورة وقرر أن يستفتي الناس على تعديل تسع مواد منه وكان الاستفتاء عظيما قبله الجميع إلا أن المجلس العسكري ولأسباب غير معروفة أيضا أسقط الدستور مرة أخرى واستبدله بإعلان دستوري مكون من 60 مادة، وحدث شرخ في المجتمع المصري بين ليبراليين وإسلاميين، بين من يريدون الانتخابات أولا ومن يريدون الدستور أولا، واختزل المثقفون المصريون في عدد لا يتجاوز 15 شخصا كانوا يتنقلون بين القنوات الفضائية ويعيدون ويزيدون نفس الكلام على طريقة عوالم وآلاتية شارع محمد علي في القرن العشرين، وتتزايد المظاهرات الفئوية ويحتدم الخلاف بين جناحي العدالة ويسعى الأبالسة لإشعال الفتن بين الشعب والشرطة وبين الشعب والجيش ثم تخرج وثيقة السلمي المشؤومة والتي لا تستحق ساعة احتجاج واحدة لتؤدي لكل هذه المظاهرات الموجودة حاليا في كل ميادين مصر والتي لا يعرف إلا الله متى سوف تنتهي ؟ أسوأ ما يحدث الآن أننا نعيد أخطاءنا ببراعة فلا تزال المكلمات مستمرة ولا تزال محاولات تفكيك مؤسسات الدولة مستمرة ولا تزال القوى السياسية عينها على السلطة ولا تزال عمليات الاستقطاب تؤكد أننا قد اختلفنا على كل شيء ولم نتوافق إلا على شيء واحد هو : الطريق إلى الفوضى .