رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

كتابة التاريخ لأجل مصر شيئ .. وكتابته من أجل " الأرتيستات " شيئ آخر !!


" السيدة "  لميس جابر .. تمارس هوايتها في إعادة صنع تاريخ مصر على طريقتها .. فتقدمه مادة درامية لبعض الفنانات والفنانين لزوم " أكل العيش " .. وككل شيئ  " مزيف " في زمن " مبارك "  أصبح تاريخنا مباحا لكاتبات الدراما التليفزيونية من " هوانم جاردن سيتي " للكاتبة " منى نور الدين " ,  الى مسلسل " الملك فاروق " لصاحبته  " السيدة " لميس جابر ..

والواقع أن ظهور هذا المسلسل من سنتين تقريبا قد  أثار الإنتباه في توقيته ومعالجته الدرامية .. فقد كان التشويه في الحقائق التاريخية مثيرا للإستغراب .. ولم يكن هناك تفسير له سوى أنه يصب  - لإغراض خفية-   في "سيناريو التوريث " الذي كان يخطط له النظام الحاكم .. في ظل هذا " السيناريو " المكتوم .. كان واضحا أن تجميل صورة الملك والملكية وإجتذاب التعاطف معهما  له أسباب أخرى ليست لوجه الله .. فلم يكن هناك شيئ يجري لوجه الله في عصر " مبارك " وإعلامه ..

أخيرا .. وبعد ثورة 25 يناير  عرفنا سبب ظهور هذا المسلسل ..ألا  وهو أن   " السيدة جابر  "  من المعجبين بالرئيس مبارك وحكمه .. فهي منذ انهيار حكم مبارك لم تتوقف عن كتابة المقالات التي " تلمز وتغمز " فيها   ثورة 25 يناير  وماجرته علي البلد من ويلات خلال الشهور الثلاثة الماضية .. رغم أنها لم تفتح فاها بكلمة نقد واحدة  على حكم مبارك ونجليه وحرمه على مدار " ثلاثين عاما " .. فهي كانت تكتفي " بالخدمة "  لهم في مجال " الدراما " ..

أخيرا  قامت " السيدة  جابر "    بإجراء حوار مع جريدة الوفد الإليكترونية يوم 14 مايو 2011  تحت العنوان التالي " مبارك أرحم من ضباط يوليو .. ضباط يوليو شوهوا الملك فاروق وسرقوا البلد " ..

يا آلهي .. بعد كل ما تكشف من سرقات وفساد عائلة مبارك وملياراتهم المهربة .. ومليارات اصدقائهم من رجال الأعمال .. والفساد المالي الذي ضرب المجتمع المصري حتى نخاع العظم .. لم تكتشف " السيدة " المؤرخة    سوى  أن " مبارك "  أرحم من ضباط يوليو؟!!

وإكتشفت – ضمن ما أكتشفت - أن سرقات " نخبة مبارك " أرحم من سرقات ضباط يوليو الذين سرقوا البلد على حد قولها ؟!!

والله  حتى أكثر أعداء  ثورة يوليو " حمقا  " لا يتجاسرون على قول هذا .. ولا تمكنهم قواهم العقلية  أن يضعوا  نزاهة "ضباط يوليو " في مقارنة  مع  " رجال مبارك "  إلا إذا كانوا قد فقدوا عقولهم فعلا   !!

المهم أن " السيدة " المؤرخة أتهمت ضباط يوليو – الذين  تكرههم لأسباب غير معروفة أو مفهومة  -  بتشويه صورة الملك فاروق  وقالت بالنص ..  وإنتبهوا لنص كلامها : "  : " ( مولانا )  الملك فاروق كان وطنيا .. غير أن ضباط يوليو شوهوه ثم طردوه ثم سموه في إيطاليا " !!

.. وكأن صورة " مولاها " الملك فاروق كانت ناصعة قبل الثورة .. فأتى "ضباط يوليو الأوغاد " فشوهوا صورته وأتهموه بأنه زير نساء ولاعب قمار وشارب للخمر ..

والحقيقة أن أي قارئ جاد للتاريخ المصري .. من مصادر  تاريخية محترمة ..  يعلم علم اليقين أن صورة الملك فاروق وفساده كانت متداولة في الشارع المصري وعلى صفحات المجلات والجرايد قبل قيام الثورة وكان أحد اسباب قيامها إن لم يكن سببها الأول  .. ولأنني  لا أريد الدخول في جدل عقيم حول صحة ما قالته " السيدة جابر "  .. فسأقتطف لها بعض ما كتبته " المصادر المحترمة " عن الملك فاروق .. وهي مصادر لا تمت " لضباط يوليو " بصلة  ولا أعتقد ان "  السيدة جابر " قد إطلعت عليها .

نبدأ ؟

الشهادة الأولى :  صاحبها " الدكتور محمد حسين هيكل "  المفكر المعروف صاحب رواية " زينب " ومؤلف عدد كبير من الكتب الإسلامية  ورئيس مجلس الشيوخ في عهد " مولانا فاروق "  .. حيث  نراه يقول في كتابه " مذكرات في السياسة المصرية  : " ... بعد ايام من صدور مراسيم 17 يونيو  المشهورة , أعلنت الصحف أن " الملك " سيسافر إلى أوروبا متنكرا باسم " فؤاد باشا المصري " , فلما كان بفرنسا , جعل مقره الرئيسي بها مصيف " دوفيل " وجعل نادي هذه المدينة مكان سمره وسهره ولعبه القمار , كما كان الحال بنادي السيارات بالقاهرة , ومالبثت غانيات باريس , والفاتنات الدوليات , حين عرفن ذلك , أن هرع عدد  كبير منهن الى " دوفيل " مؤمنات بأن " ملك مصر " يريد أن يقضي صيفه في فرح ومسرة . وزادهن إيمانا بذلك أن دعيت الراقصة المصرية " سامية جمال " إلى دوفيل لتبعث برقصاتها الى هذا المجتمع المصري الفرنسي الدولي النعمة والنعيم !!!

ويكمل الدكتور  " محمد حسين هيكل باشا " قائلا : " وأخذت الصحف في أرجاء العالم تنشر من أنباء الملايين التي يكسبها  "فاروق " أو يخسرها على مائدة القمار , مافتح العيون في العالمين القديم والجديد واسعة على هذا الملك الشاب الذي أعاد في القرن العشرين , وفي قلب أوروبا , صورا أعجب مئات المرات من صور ألف ليلة وليلة !!

ثم اضاف " محمد حسين هيكل باشا " أضافة صاعقة تهم " السيدة " لميس جابر التي شككت في قضية " الأسلحة الفاسدة " والتي أعتبرتها من وسائل " ضباط يوليو " في التجني على " مولاها الملك فاروق " .. حيث نراه يضيف : " وزاد الطين بلة أن كانت الصحف الأوروبية والأمريكية , تنشر عن التحقيقات التي كانت تجري في مصر عن الأسلحة والذخيرة الفاسدة التي أشتريت للجيش المصري المحارب في فلسطين , ما يندى له الجبين !! ( نقلا عن كتاب فاروق , نهاية ملك , حلمي سالم , دار الهلال , ص 120 )

كان هذا ماقاله الأديب والسياسي والصحفي ورئيس مجلس الشيوخ الدكتور " محمد حسين هيكل " عن فساد " مولانا " وسوء سلوكه !!

الشهادة الثانية :  صاحبها الأستاذ  " مرتضى المراغي " الذي كان آخر وزير للداخلية في عهد " مولانا فاروق " .. وهو نجل الشيخ  " المراغي"  شيخ الأزهر في عهد "  فاروق " والذي رفض أن يستجيب لطلب فاروق بإصدار فتوى شرعية تمنع الملكة " فريدة " مطلقة " الملك فاروق " من الزواج بأي شخص بعد فاروق .. كان الأستاذ أحمد مرتضى المراغي "  بإعتباره وزيرا للداخلية , هو  الوزير الذي كانت تحت يده

كل أسرار البلد وتصرفات رجالها من المؤيدين والمعارضين .. وأيضا تفاصيل كل ما يحدث تحت الأرض من تنظيمات ومؤامرات ..

نهايته .. ماذا قال الأستاذ مرتضى المراغي عن سلوك فاروق ؟

تحت عنوان " هل كان زير نساء " يقول : " .. لم أكن أود التعرض لهذا الموضوع الدقيق لولا أن الإتهام الأول في قائمة اتهام فاروق والذي أدى الى سقوطه عن العرش هو أنه كان " زير نساء " ... والحقيقة المرة بالنسبة الى فاروق أنه جلب على نفسه هذا البلاء من غير أن يكون زير نساء بالمعنى الحقيقي للكلمة ..لأن فاروق لم يكن كفئا أبدا وقادرا على إرضاء تلك المجموعة الكبيرة من النساء اللاتي كان يصاحبهن .. فالبدانة المفاجئة التي طرأت عليه جلبت له مضاعفات شديدة .. وقد أجريت له في مستشفى المواساة عملية جراحية لإصلاح عيبه الجنسي قام بها الدكتور عبد الرازق النقيب بمساعدة جراح ألماني شهير لكن العملية فشلت .. ولشدة ما يتألم الرجل حتى وهو في مرحلة الشيخوخة أن يكون عاجزا .. وفاروق كان شابا فكان ألمه أكبر .. وهنا كانت محاولاته اليائسة والمكشوفة لتغطية ذلك العجز بإصطحابه عددا كبيرا من النساء " ( مذكرات مرتضى المراغي , شاهد على حكم فاروق , دار المعارف , صفحة 92 )

هكذا نرى أن ذلك كان فساد الملك وسلوكياته كانت معروفة لدى الجميع قبل الثورة وإنكار هذا هو " الحمق " بعينه  ..

نستكمل ..

الشهادة الثالثة : الدكتورة " لطيفة محمد سالم " المؤرخة المتخصصة في عهد فاروق وصاحبة أكبر كتاب موسوعي عن " فاروق " .. حيث نراها تقول في هذا الصدد  خصوصا حول دور الإيطالي " بوللي " الذي دافعت عنه في حديثها " السيدة  جابر "   ..

تقول  الدكتورة لطيفة سالم : " كان هناك المحيطون بفاروق من غير المسئولين . وبخاصة إيطاليو القصر . وعلى رأسهم " بوللي " وهم الذين قدموا له في البداية الإيطاليات , ثم تبعهن نساء من جنسيات أخرى , كما كان هناك ايضا الأميرة العجوزة " شويكار " طليقة أبيه والتي كانت تكرهه , وحاول أخوها إغتياله , وهي أيضا أم " لطفية " زوجة  " أحمد حسنين " الذي أرتبطت به أمه " نازلي " ... لذا اقامت له الحفلات والسهرات الصاخبة . وجهزتها على أكمل وجه وأغرت فاروقا بحضورها .. وهناك الأميرات والنبيلات اللاتي جذبنه إليهن وهناك الفنانات وبخاصة الأجنبيات اللائي تقربن منه سعيا وراء الشهرة ..ونظرا لحب فاروق للإقتناء والإغارة على ممتلكات الغير .. فقد دخلت المرأة المتزوجة تحت هذا البند .. وبخاصة إذا تمنعت عنه .. أيضا ذلك الأحساس الجامح الذي يسيطر عليه بأن كل شيئ مسخر له ورهن إرادته ..كما أنه عندما توثقت علاقته بالعسكريين الامريكيين والبريطانيين , كان يلتقيهم مع زوجاتهم وغيرهن من صديقاتهن في السهرات الخاصة والحفلات العامة والرحلات .. كذلك فإن أصحاب المصالح من الرأسماليين قد هيئوا له الأجواء المشجعة , وأدت " هيلين موصيري " سيدة المجتمع الراقي والقوادة اليهودية الدور الحيوي في هذا المجال " ( دكتورة لطيفة محمد سالم , فاروق الأول وعرش مصر , دار الشروق , ص 209 )

وتضيف دكتورة " لطيفة سالم " : " .. وكانت رحلة فاروق الخاصة الى أوروبا عام 1950 , والتي سافر فيها تحت إسم مستعار " فؤاد باشا المصري " مع حاشيته,  مثلا للصخب والاستهتار , وإهتزت صورته تماما كملك لمصر وساءت سمعته كثيرا .. ولم تتركه الصحافة الأجنبية فإقتفت أثره , واحتل المساحة فيها وجعلته مثارا لسخريتها , وعلقت على علاقاته النسائية , وتساءلت كيف يعيش الملك هكذا,  في وقت يعاني شعبه الفقر والفاقة , وقد رسمت تلك السلوكيات الأسى والبؤس على وجوه المصريين , وحفرت وعمقت الكره والضغينة له ... " ( مصدر سابق )

من خلال " ثلاث شهادات "  محايدة لا علاقة لها " بضباط " يوليو .. أكون قد قمت بالرد على "السيدة  جابر "  فيما يخص سلوكيات " مولاها فاروق " .. وقد تتاح لي فرصة أخرى للرد تفصيلا على مغالطاتها فيما يخص حاشية " فاروق " فردا فردا بعد أن  برأتهم " المؤرخة " الدرامية "  جابر " في حوارها مع الوفد الأليكترونية  !!

*دكتوراه الجراحة  من جامعة باريس

مستشار تحرير جريدة الأنوار المصرية ..

كاتب  وباحث سياسي في عدد من الصحف المصرية والعربية