رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

يا أهالينا ضموا لينا..

هكذا هتفت تلك المجموعات الرائعة من الشباب في صباح 25 يناير.. شارك انزل هكذا نادوا جماهير لم يعرفوها ولم يلتقوا بأفرادها، فإذا بها تلبي ويحتشد الميدان..

كانت المصرية هي الأعلي صوتا بل لعلها كانت الصوت الوحيد الذي جعل أهداف الثوار تتجمع آنذاك حول الحق في الخبز والحرية والعدالة الاجتماعية. مرت الشهور ونحن من ورائها نلهث نتابع الأهداف منذ أعلن تنحي مبارك وتحمل المجلس العسكري المسئولية في تحقيق أهداف الشعب المشروعة.. بدت المهمة صعبة والتركة ثقيلة، يضاعف من صعوبتها ترهل الخطوات وغياب الرؤية المتكاملة.. أطلت الثورة المضادة مبكرا بمخططها تتمثل في أعضاء الحزب الوطني الذين أطلق لهم العنان فطلوا يمرحون ويخططون لفترات طويلة أمضاها الرئيس السابق وأبناؤه وفلوله خارج أي محاسبة ولا نقول قضبان.. ارتفعت مطالب مستحقة عن مليارات سرقها لصوص مصر الكبار ثم ما لبث أن خفت الحديث وتم تسريب اليأس منه أو تأجيله إلي أجل غير مسمي عندما تنتهي المحاكمات!.. أجبر المواطنون علي نسيان الأموال وظلوا يتابعون بالإلحاح والتظاهر علي القصاص وتحقيق مطالب ثورة سلمية منتصرة.

كانت الآفات والجرائم التي داهمت مصر بعد خلع مبارك تفوق الحسبان أهمها تعاظم الانفلات الأمني وانتشار البلطجة واستحداث أنواع من جرائم السرقة الرهيبة تمثلت في سرقة الآثار في غيبة عجيبة للشرطة الأمر الذي أذهلنا استمراره كأننا بتنا قبيلة آتية من أزمان سحيقة لا تعرف شيئا عن أصول تأمين البلدان والمنشآت. معظم المتهمين من قتلة الثوار ظلوا خارج القضبان ينعمون بمراكزهم في الصباح ثم يذهبون إلي المحاكمات بعد أن يكونوا أنفقوا وقتهم في التدبير والتخطيط لإبقاء تلك الضربة القاضية المسماة بغيبة الأمن. أصحاب المليارات من أعضاء وأتباع الحزب الوطني وأمن الدولة قاموا بكل ما استطاعوا من أجل سرقة الثورة نفسها واستبدالها بأهداف ديماجوجية تبعد الوطن عن قضاياه التي بذل الدماء من أجلها.

كان من الحتمي لفترات تمتد أن يدعو شباب الثورة الشعب إلي الميدان الذي صار هو برلمان مصر الحقيقي.. في حالة فريدة استجاب المصريون بأعداد هائلة في حالة من مقاومة الانهيار ينزلون إلي ميدانهم في البرد وفي الحر الملتهب.. لفترات طويلة بدا الميدان محروسا بدماء شهدائه وحب الناس له، غير أن الثورة المضادة المدعومة بقوة انفلات الأمن وسيادة البلطجة كلها عوامل أسهمت في ابتداع وسائل شريرة حاولت الإخلال بنقاء الميدان وعظمته.. تم اختراق التحرير من المستفيدين من هدم هذه الثورة والإبقاء علي ما كان من مصالح ذاتية مسعورة لا تعبأ بجهاد المجاهدين، أعلنت الشرطة عدم مسئوليتها عن تأمين المظاهرات في الميدان حتي لا يحدث ما لا يحمده عقباه، وهو موقف أثار التعجب والاستهجان! بعدها قرر الشباب الذين ابتدعوا اللجان الشعبية - وربما مازالوا وغيرهم في حاجة إلي استمراريات جديدة. قاموا بحماية الميدان ونجحوا غير أن خططا تخريبية جديدة قد نجحت في أنواع من العدوان علي وزارة الداخلية وأمن الجيزة وزعم إسقاط هيبة الدولة تحت أقدام الثوار!

قبل هذا وبعده روعنا بتعطيل القوانين رغم كثرتها وفيها ما يعاقب علي جرائم الإرهاب والعدوان، فإذا عن سمحوا لأنفسهم بإقامة محاكم خاصة يصدرون بعدها الأحكام وينفذونها ثم لا نسمع بعد هذا أي رد فعل يشعرنا بأننا في دولة مصر الكبري.. جرائم كبري ضد الأمن وسيادة القانون والنظام العام للدولة تم إسقاطها ببساطة وليس بغريب أن يفرز الوضع الحالي بعد ثورة شعبية كبري من يريدون أن ينفذوا مآربهم الخاصة بأي أسلوب، إنما المستهجن والأمر الذي لا يطاق هو أن يتركوا بدون تعقب أو حتي تعقيب!

أين سطوة القانون ودور الشرطة؟ نحن نشعر أن جرائم النظام السابق لاتزال نافذة؛ أن لا تنعم مصر بالأمان وتنتشر الفوضي ومعها الرعب كما توعد مبارك من قبل، إما حكمه أو الفوضي، فإذا بالنظام لم يسقط وأن ما أراده قد كان ولا يزال مع انفلات الأمن المستمر، يكون الاقتصاد قد تم تهديده ومعه السياحة رغم تهافت دول

العالم علي بدء صفحة جديدة مع مصر الحرة.. تم خلط الأوراق وطفا علي السطح أشدها فتكا وإظلاما ورفعت أعلام غير مصرية تخترق الميدان، والميادين كأنما تشارك مصر وحدانيتها علي أرضها.

نقرأ ونشهد ونتلظي بلهاث كل الملهوفين علي ثورة تبدو كأنها اختفطت.. السياسات المقدمة غير مدروسة لا تكاد تنصت لا لصوت الميادين ولا لمنطق المحاورين.. آخرها قانون الانتخابات بصورته شبه المستنسخة من نظام حكم الحزب الوطني وما يشوبه من تعقيدات جديدة ترجو أن يستمع للاقتراحات الوجيهة والمتخصصة التي تحذر من النظام الفردي في ظل أمن غائب وبلطجة مطلقة السراح.. نخشي أن تكون الانتخابات/ وسيلة أخطر. لإطلاق الفوضي التي سيدفع الشعب ثمنها في النهاية من قوانين الطوارئ وحرمة الحريات واستجداء لقمة العيش ثم قبول الدكتاتورية المطلقة!

وعلي الناحية الاقتصادية نجد إعادة تطبيق لنظام حسني مبارك البشع الذي يغدق علي اللصوص من أثريائه علي حساب الشعب الكادح، ها هو قانون الضريبة العقارية بشكله القديم يطل متسللا من الجريدة الرسمية كما نبهنا الأستاذ عباس الطرابيلي.. ان هذا القانون يضيف إلي الإذلال المفروض أضعافا مضاعفة وسط ارتفاع أسعار مهول وقفت حكومتنا إزاءه متلعثمة أو ساكنة.. إنه القانون الذي يهدد أمان المصري الوحيد في أربعة جدران تحميه وقد نال من استجهان الرأي العام كله وقت أن قذف به يوسف بطرس غالي في الوجوه، متحديا أنه القانون الذي أعلن مبارك نفسه في نهاية عهده أنه قابل للمراجعة، يعود منتصرا لسياسات لجنة السياسات!! الأخطر أن تفعيل هذا القانون سيضع الناس حتما في صراعات ومتاهات ما بين أجهزة خربة وملاك يتم البطش بهم.. هذا القانون اللئيم ربما كان يسدد ضربة قاصمة لآمال المصريين المتبقية ربما أعاد مسيرة الإذلال التي ستنسي شعبنا العظيم كل آماله في العدالة والحرية.

إن تطبيق الانتخابات بأسلوب لا يراعي ما قدمته الأحزاب والنخبة من كل الأطياف من تحذيرات ثم تطبيق الطوارئ بشكل لم نجد له أثرا حتي الآن في إنهاء البلطجة أو عقابها وفرز المسلجين خطر.. ثم فرض الضريبة العقارية بشكل مفاجئ، بينما نحن علي أبواب حياة برلمانية تأتي مسرعه كان يمكن أن يناقش فيها هذا القانون الخطير بما يستحقه من اهتمام.. في برنامج يا مصر قومي للأستاذ محمود سعد وغيره سمعنا الآهات والصراخ من أساتذة كبار ومواطنين عاديين يستصرخون الضمائر من أجل إعادة النظر في قانون (الضرائب العقارية) شديد الخطورة ما كان يجب أن يمر هكذا في مرحلة انتقالية تعج بالمشكلات غير المحلولة والتي تقع كلها علي الرؤوس المصرية التي قامت الثورة لتجعلها ترتفع عالية. اسلمي يا مصر لنا.