رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الميدان.. لقاء يتجدد

 

كان 27 مايو الماضي يوماً من أيام مصر الثورة.. الجمعة الماضي جاء يوم تعديل المسار وقد اختلط بمفردات الواقع الراهن بكل ما فيه من آمال مستحقة وقلق مبرر.. حبسنا أنفاسنا قبل أن تخرج الحشود الرائعة تجدد القسم وتعلن الولاء ان الثورة مستمرة مادامت أهدافها لم تتحقق، تنوعت مصادر القلق فكان ضمن ما سمعناه هو الانقضاض المزمع للبلطجية علي الثائرين العزل وإعلان المجلس العسكري انه لن يتواجد وانما سيوكل حماية ميدان التحرير للشباب بلجانه الشعبية.. ايضا خفنا من المزاعم المغرضة أن الشعارات المرفوعة تحمل خطر المزايدات التي ربما أثرت سلبا علي العلاقة بين الشعب والجيش.

الحمد لله مضي اليوم كأروع ما يكون.. كان يوماً طهوراً مليئا بالعزم والحكمة يعيد الثقة من جديد في صفات شعبنا المحب وما جبل عليه من عبقرية وشفافية ونفس طويل.

مضت عدة شهور امتلأت بالأحداث الجديدة بعد ثورة 25 يناير لكنها لم تستعد بعد الحقوق لأن ما تركه النظام السابق من فساد مازال يشكل تهديداً قوياً لما هو آت..

لم يقم قادة ثورة 25 يناير باعتلاء الحكم فقد كانت الثورة بلا قادة، وكان المفترض ان يقوم من تصدوا للمسئولية بما لهم من سلطات وآليات لتحقيق المطالب المشروعة للشعب بدت الفجوة بين المأمول والمتحقق واسعة وما كان ممكنا لمن قدموا الدماء الغالية من خيرة ابناء الوطن أن يستريحوا او يخدعوا النفس بينما التهديدات للثورة لاتزال قائمة ووسائل الحماية منها تمضي غير ناجحة تقترب من الأهداف لكنها قد لا تصيب وتظل تنتظر ان يبعث فيها الحياة صوت الميدان، ميدان التحرير بقدر ما هو مجال احتجاج وصوت ضمير فإنه يعبر في ذات الوقت عن وسيلة تواصل أكيد بين الشعب والسلطة الحاكمة.. كل ما عقدت عليه مصر الآمال يظل بالميدان حاضراً بأصواته اللاهية وصور شهدائه وأهل جرحاه وعزم رجاله ونسائه.. بالميدان نلتقي بصوت الشعب المباشر التي لا يعبر عنها برلمان أو دستور في هذه المرحلة الانتقالية، كم من مظاهرات واعتصامات حدثت.. كم تجاوزات من عنف أو قطع طرق شهدناها بعد الثورة لكن لا شيء يشبه ميدان التحرير أبداً.. فيه يجتمع الثوار فلا يعرفون الفرقة.. يختلفون لكن يتوحدوا من جديد.. إذا ما أسرفوا في القول حسمت لهم الحكمة كل الأمر.. يذكرنا ميدان التحرير بكلمات أحمد فؤاد نجم التي غناها الشيخ إمام: "يا مصر قومي وشدي الحيل كل اللي تتمنيه عندي".. في الجمعة الماضي غاب الاخوان المسلمون وحضر شبابهم ليقولوا إن هذه السبيكة الوطنية من أبناء مصر ستظل ممثلة للجميع.. تري هل تأتي أمهات الشهداء والجرحي علي أمل لقاء بالأرواح الغالية التي ربما عاودها الشوق لتلقي بالأحبة وتجفف الدموع.

في الميدان من الأسرار ما جعله خاصاً وحميماً وموطن رجاء أن يصل بأبناء مصر الي آمالهم التي يكتنفها الضباب وعدم الشفافية بشأن قضايا مصيرية.

التركة التي تركها الحزب الوطني ثقيلة وعفنة تحتاج الي استئصال الفاعلين الرئيسيين ثم المصالحة مع باقي المجتمع حتي تستطيع عجلة الإنتاج أن تدور.. ينتاب الكثيرون الشك من بقاء مبارك وزوجته الدائم في شرم الشيخ الجميلة بمثل ما انتابهم الشك من قبل عن مدي جدية اقامة الأسرة الظالمة قيد الاقامة الجبرية لفترة طالت دون تقديمهم للمحاكمة.. كان هذا مؤشراً علي أمور أخري جوهرية بدت بعيدة أو مبعدة عن رقابة الشعب وسلطته.

من ثم بات الخوف مبرراً إذ تظل قضايا أساسية

معلقة مهما عبر الرأي العام بردود فعله المختلفة عن خطورتها.

يسمع الناس عن مليارات ضخمة تم نهبها من مبارك وأسرته لاستردادها بينما تبدو السعادة مفرطة احياناً عند استرداد عدة ملايين كأن هذا هو نهاية المطاف!!

ما حقيقة الحسابات السرية والمليارات المنهوبة التي قد تعلن عنها الدول الكبري مثل الولايات المتحدة وأوروبا بينما لا يتبع ذلك عمل حاسم بشأنها ولا نلبث أن يغرقونا في التيه بين تأكيد وتكذيب ناهيك عما تحمله الأنباء حول تأخرنا عن المطالبة بتجميد الأموال من خلال طرق وإجراءات قانونية ما يهدد بضياعها.. هذا الغموض يقرأه المواطن المصري ويستشعره بخبرته الطويلة فيضج بالغضب ويمتد الفضاء واسعاً أمام البلطجية والمسجلين خطر الذين يمرحون في البلاد.

كان من المفروض أن تنشر تباعاً أخبار تتبع السلطة الرسمية في البلاد لأموال مصر المنهوبة وما حدث بشأنها بدلاً من اغراقنا بتفاصيل سخيفة عن مبارك واقامته الوارفة في شرم الشيخ وما يكتنفها من مرض أو ادعاء أو سوء حالة نفسية! هل يوجد في مصر محبوس يعامل مثله؟1

أيضا فإن الجريمة الكبري التي روعت بها مصر بإطلاق الانفلات الأمني ثم فتح السجون للمسجلين خطر والبلطجة.. هذه الجريمة لاتزال تجعل الأمن في مصر مختلاً ولا نجد ازاءها ممارسات حاسمة تضرب الرؤوس بضربات القانون العادل.. نقرأ عن شخصيات أمنية قيادية من الحزب الوطني لاتزال تنفث سمومها وتمنح أموالها خشية من لحظات الحساب إذا ما اتخذت العدالة مجراها الأكيد، أي مواطن عادي غير متخصص يستطيع أن يقرأ في كثير من المظاهر أن رجال الأمن اذا ما وجدوا دلائل تقول بوضوح لا تنتظروا منا شيئا، لن نتحرك ازاء أي مشكلة! هذه القرارات المتكررة لا يمكن أن تمر دون أن تطرح في النفوس اسئلة عن أسباب هذه الثقة أو التبجح الذي يمارس به البعض عصيانهم عن العمل بلا خوف من العقاب؟!

غياب الأمن يؤدي بالضرورة الي جرأة الشخصيات الإجرامية علي هيبة الدولة وهو ما نراه في صور الاقتحام المتكرر للأقسام والسجون ورغبتهم في حرقها أيضا فإن اسلوب التصدي للفتن الطائفية تتسم دوما بالتخاذل والبطء ثم اللجوء الي الحلول التصالحية بشأن جرائم هدم وقتل وترويع.. ان اسباب الغضب الحقيقي صارخة لكونها تتعلق بسياسات تمس مصالح الوطن في الحاضر والمستقبل.