رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

شخصية مصر

ربما منذ عهود طويلة لم تتعرض مصر لرياح التجريف والاستبداد كما تطالها اليوم.. زحفاً قد بدأ على هوية مصر.. رياح سوداء تريد أن تكتسح ما تراه أمامها من إبداع وحضارة وتماسك خالد شخصية مصر هى الهدف وبعدها تتساقط الثمار هكذا يظنون لولا أن الوعي السياسي قد انبثق عفيا يدفع عن بلادنا ما يراد لها.

أزمة وجود نعانيها مثل تلك التي حاقت بمصر بعد نكسة 1967 وما خلفته من هزيمة الروح واضطراب الضمير خوفا على تراث وخطى غالية للأجداد، بعدها كتبت د. نعمات فؤاد «شخصية مصر» تنادي بأعلى الصوت «أعيدوا كتابة التاريخ» لأن الماضي كما تراه الأستاذة ليس للنسيان أو العدم أو حتى التشدق لكنه سجل للتجارب والانتصارات أصلح ما يمكن أن يكون قاعدة انطلاق أشد قوة ومضاء، أخشى أن يكون ما نعانيه اليوم أشد خطراً من نكسة 1967 حيث يراد لنا أن ننسى جذور نهضتنا وعوامل عطائها الحضاري.
الكل في واحد، هكذا عاشت مصر على مر العصور.. كما جمعت الأضداد وأذابت الفروق حبا وعرفانا لهذا الوطن.. اليوم تبرز دواعي الرفقة وشبح التقسيم الى أقاليم وانتزاع للمكانة الرفيعة عن مؤسسات الدولة، لقد عانت مصر كثيراً في تاريخها لكنها بقيت على الدوام قوة متماسكة، كان إغراء تراثها يجذب لها الطامعين ولكنها كانت تجبرهم على الانصياع لشخصية مصر.
في كتاب شخصية مصر تقول د. نعمات إن سر مصر يكمن في الادارة والتوحد ولهذا تتأخر مصر عندما تتفرق أو تسود فيها الادارة، نسترجع هذا المعنى مما يجعلنا نخاف على مصر كل منا يوصي أخاه بالدعاء من أجل مصر لأن الادارة الحالية في مصر تجعلها شديدة التفكك قليلة الأمان، الآن أزمة سيناء تبدو لنا نائية غامضة وقناة السويس يعد لها المشروع الذي أثار الخوف عليها أن تصبح بعيدة عن الإدارة العامة للبلاد، ومدن القناة تبدو في حزن غامض.. هل يراد لها أن تبدو منطقة منفصلة؟
منذ سنوات وعند حصوله على نوبل، قال نجيب محفوظ: أنا ابن الحضارتين الفرعونية والإسلامية وهو بهذا يعطى تركيزا على أروع ما عاشته مصر في تاريخها.
تقول د. نعمات: أحب المصريون مصر النيل الى الحد الذي جعلهم يسمونها عين الله ونحن نسميها «كنانة الله» وهذا التاريخ لا يمكن أن ينسى وإن كنا نرى محاولات طمسه. إن الحنو والتراحم في النفس الانسانية يتبدى في الحديث رقة وفي الشعر المصري القديم دماثة وسلاسة وفي النخبة المصرية الاسلامية دقة وروعة، قيل إن الذوق لا يخرج من مصر.
تقول د. نعمات إن الزعامة لملمة الشتات وها نحن نرى شباب مصر مصممين على جمع شتاتها بعد أن رأوها توشك على التشرذم والتقسيم تحت شعارات

دينية أو اقتصادية أو سياسية غريبة على طبيعة مصر وتراحمها الطبيعي وتطلعها الى النماء.
تاريخ مصر حلقات متصلة وإبداعها موصول لأن جذورها ثابتة في الأرض حتى قبل الأديان من أجل هذا، فعندما تغوص د. نعمات في الفن المصري تقول: «ان الفن القبطي حلقة اتصال بين الفنون المصرية القديمة السابقة على الإسلام وبين الفن الإسلامي» إن العراقة أكبر كثيراً من التمدن واقتناء الآلات الحديثة.
تحدث كتاب شخصية مصر عن حب البهجة والفكاهة وشيوعها في البيت وهذا اللون خاص بمصر، ذلك الميل الى الفرحة، فرحة المولود والسبوع والنمو والتربية وممارسة الحياة وزفة العرس، عندما أراد بيرم التونسي أن يعبر عن جمال الإسلام كتب «القلب يعشق كل جميل».
من الصعب على مصر أن تكتئب طويلاً ومع هذا نرانا في هذه المرحلة نعاني سقما نفسياً يسجله د. أحمد عكاشة بعمقه وخبرته الطويلة لقد اختلف سمت الوجوه المصرية في هذه المرحلة المليئة بالفظاظة وهدم المؤسسات أو اقتحامها بما يجعل وجودها مزعزعا.. باتت مصر وقد فقدت بشاشتها وأمانها الموروث.. ثمة من يريد أن يحكم متجاهلاً لشخصية مصر.
كانت التميمة التي تحمي مصر ذلك الاعتقاد، فليكن الحاكم من يكون فسد أم صلح، فإن شعب مصر هو الحاكم الحقيقي من خلال علمائه وعطائه.
وفي كتابه سعد زغلول: قال عباس محمود العقاد فليكن الحاكم من يكون فسد أم صلح ما دام لا يتعرض للأرض أو العرض أو الرزق، فإذا مس أحد هذه المعاني فإن مصر تتمرد عليه كأعصى ما تكون أمة.
من أجل هذا كله نرى التمرد في كل مكان في مصر لأن هناك من خدش بعنف أرضها وكبرياءها ومصادر عيشها وهي أرض الرخاء.. لن تهدأ بلادنا حتى تصبح الحياة على أرضها كما أرادت وتريد في حبها للحضارة والفن والإبداع والعلم.