رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أهمية المصارحة في المرحلة الراهنة

 

معظمنا صار يدرك أن ثورة 25 يناير لم تنته بعد بل ربما تكون قد بدأت.. الثورة ليست فقط مظاهرات مليونية رغم عظمتها وسلميتها لكنها خطوات إزالة القديم البائد وبداية البناء وفقا لأساليب تفرضها المرحلة وماتحتاجه من تغيير جذري في الممارسات والنظرة الي الأمور.. صار الشعب موجودا في المعادلة بشكل واضح كل منا مشغول بمصر.. مفكر في مستقبلها.. غاضب بشأنها إذا ما تراكمت عليها دلالات سلبية، هذا كله من طبيعة الأمور بعد ثورة شعبية قلبت الأرض وأخرجت ما فيها دفعة واحدة اختلطت فيها الثمار اليانعة بالحشائش الضارة، وامتزجت نسائم الحرية مع بعض لهيب الغضب العشوائي، هذا يستتبع استحداث أساليب للتواصل بين الحكم والشعب لم تكن موجودة في مرحلة الدكتاتورية، ومن الانصاف أن نقرر أن بعض ما تم في الساحة السياسية فيه مايطمئن ويشعرنا أننا نتجه نحو الأصوب نسبيا، المحاكمات لرؤوس النظام وإن جاءت بعد عدة مظاهرات مليونية بدء اتخاذ إجراءات جديدة طالما حلم بها الناس مثل بدء إطلاق مشروع د. فاروق الباز التنموي.. بعض زيارات د. عصام شرف لتهيئة المناخ بعلاقات أفضل مع أفريقيا تضمن لنا استحقاقا عادلا في مياه النيل. أيضا المصالحة الفلسطينية التي طالما انتظرناها بين فتح وحماس والتي كان مبارك ونظامه يقفون حجر عثرة في سبيلها إرضاء للسياسات الأمريكية الصهيونية.

لابد أن نعترف بالإيجابيات في نفس الوقت الذي نراجع فيه سياسات لم تكن علي المستوي المأمول بعد ثورة يناير مما أسفر عن فوضي تشكل حجر عثرة أمام الانطلاق المأمول لقوي الشعب وهذه الفوضي مسئولية الحكم أساسا.

في المقدمة نذكر غياب الأمن بشكله المتعارف عليه والذي يتميز بالقوة والفاعلية.. نعرف من الإعلام عن بعض ما يؤكد عودة الأمن نسبيا لكن عدم الشفافية هي النمط السائد.. نريد أن نعرف بوضوح تطورات الوضع الأمني وكيف نسهم كمواطنين في استتباب الأمن.. هل يمكن الاستعانة بأسلوب اللجان الشعبية الذي ابتدعه الشعب مما يعطي مسحة شعبية للدور الأمني الجديد! لماذا لا تشارك وحدات من قواتنا المسلحة مع قوات الأمن، ماذا عن تخريج دفعة جديدة من الحقوق وتدريبها شرطيا؟ الإعلام يعكس الرأي العام ويعبر عن الحقيقة لكنه لا يخلقها بنفسه إذا لم تكن موجودة.. عدم الوضوح كان ولا يزال سمة نري أنها تؤخر نقطة البداية كثيرا فكل خبر له صور متعددة أو بمعني أصح نحن ننتظر تسريبات قد ينفي بعضها بعضا.

غياب الأمن يعني غياب هيبة الدولة وهو أمر جلل نري آثاره في أعمال البلطجة وقطع الطرق واقتحام المستشفيات.. أيضا يؤدي بالضرورة الي غياب السياحة والاستثمار والعمل والأمان نعتقد أنه بعد ثورة 25 يناير أصبح حتميا أن تحترم قدرات شعبنا علي العطاء وحقوقه في فهم ما يجري لأنه بهذا  وحده يمكن له أن يتقدم بالعون والبناء فلماذا تستمر سياسة الغموض في أمور تخص حقوق المواطن؟ لماذا لا تستدعي السلطة الحاكمة الشعب وتتوجه له بالثقة وتكلف لجانه وشبابه مهام محددة للمشاركة في هذه المرحلة الخطيرة، لماذا لا يوضح الشعب موضع المسئولية والمشاركة والمصارحة خاصة أن فيه من العلماء والخبراء والثوار من يستطيع اذا كلف بإنجاز مهام محددة أن يسهم في دفع المسيرة في كافة الاتجاهات.

سمعنا من الدكتور محمد البرادعي أنه من الواجب إعداد دستور

جديد قبل الانتخابات الرئاسية حتي يعرف من يترشح للرئاسة علي أي أساس يقدم نفسه للمواطنين.. أليس أمر بهذه الأهمية يستحق البدء فيه ولو متأخرا إنقاذا للوقت وترتيبا منطقيا للأوضاع؟ إن التوجيه الجيد والتواصل الحقيقي مع الطاقات المصرية هو الحل الأنجح البديل عن انطلاق الطاقات في مسارات فوضوية وعنيفة بقيادة تيارات أطلق لها العنان بشكل جعل الأسوأ هو الظاهر والمتسيد علي الساحة في أحيان كثيرة.

نفس المنهج الذي يعتمد أساليب عدم المكاشفة السابقة يبدو واضحا في مواجهة الأزمة الاقتصادية الراهنة، أعجبني مقال الأستاذ فهمي هويدي في أن التقشف هو الحل إنه يشير الي ضرورة مواجهة المواطنين بحجم الأزمة وأن تبادر الحكومة بفرض سياسات جديدة ترفض استيراد الكماليات والرفاهيات علي حساب مصلحة المواطن العادي ومطالبه المشروعة في الحياة.

اعتادت الحكومات الدكتاتورية بعد ثورة 1952 من موقف التعالي ألا تعطي للشعب صورة حقيقية للأوضاع وتظهر دائما الوجه الايجابي وفي المقابل تفعل ما تريد الشعوب العظيمة وفي مقدمتها الشعب المصري تقدر علي تحمل المسئولية والتبعات بشرط أن يتم تنفيذها علي الجميع.

نحن في أزمة وديون باهظة سببها الفساد لماذا لا يطلعوننا علي الموقف حتي نتحمل أعباء اللحظة التاريخية دون أن لجأ من جديد الي أسلوب الاستدانة والمنح التي كلفتنا كثيرا، لم يكن أسلوب المعونات والديون ساريا قبل يوليو 1952 رغم الاحتلال وكانت الحكومات تجبر علي اتباع ميزانيات معلنة محددة.. وكان زعيم الوفد مصطفي النحاس يحاسب الملك علي إصلاح يخته »المحروسة« بأكثر مما يجب!

بعد ثورة 1952 كتب الوطنيون يحذرون من الأسلوب المستحدث بطلب الديون والإعانات لكن الضباط الأحرار كانوا يطلبونها سرا بينما يعلنون إدراكهم لخطورة الإعانات علي الاستقلال الوطني!

نقرأ عن بنود كثيرة في ميزانية الدولة تفرض عليها السرية بالمناسبة نسمع الكثير عن الصناديق الخاصة الممولة من أموال المواطنين وكيف كانت تترك دون رقابة وزارة المالية.. لماذا لا يزف الينا خبر مفرح لسياسة تعتمد اطلاع الشعب علي ما في هذه الصناديق وهي تحت يد الحكم؟ لماذا لا تستخدم أموال الصناديق الخاصة بما يخفف عن كاهل الميزانية.. لماذا الصمت وعدم التجاوب ونحن جميعا في قارب واحد نتمني لمصر النجاة والعبور.