عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

شيء من الاطمئنان!

 

الأربعاء الماضي استيقظنا علي خبر قرار حبس الرئيس السابق حسني مبارك ونجليه لمدة خمسة عشر يوما وتنفست مصر الصعداء "إلا قلة من الموالين للحكم السابق"، كنا قد أمضينا عدة ليال في قلق وتشاؤم بعد سماع حديث مبارك في العربية الذي اعلن فيه أن لا أموال مهربة لديه في الخارج "كذا!" رغم كل اعلانات حكومات غربية مهمة عن ارصدة له ينتظر تجميدها، بدت قرارات الحبس وما تلاها من إجراءات تبشر بانفراجة نفسية لشعب أضناه القلق علي ثورته العظيمة وخشيته من الكثير مما يراه علي الساحة السياسية من تناقضات.

قررت أن أعيش اللحظة الهادئة التي استمرت لأيام عزت أن أركز فقط علي ما أنجز وتحقق واستشعر عظمة المصريين بكتلهم الواعية وتوحدهم حول ما أرادوه.. فكان لهم ما أرادوا.

كل منا له اماكن معينة تعد المرفأ أو الواحة التي يستريح فيها بعد اجهاد او يسترجع الهناء والتحقق ويقر عينا بالرضا من هنا قررت ان أذهب الي الأماكن المحببة في القاهرة أستمتع بما كان من امر مصر مما جعلها تهرع الي المستقبل المأمول في إعجاز يشبه الكرامات التي نسمعها عن "أهل الحظوة" أو "السياح".

اكتسبت من الثورة بعد 25 يناير عادة جديدة وهي حب التفرس في الوجوه المصرية وقراءة ما تعكسه من مودة أو قلق.. ان الابحار في روح المصري اصبحت انجازاً مكتسباً.. كنا قبل ذلك نتلافي ان ينظر بعضنا للبعض او حتي نكثر الزيارة لأنها كانت بمثابة زيادة للهموم وتكثيف للاكتئاب.

اليوم نعيد النظر لبعضنا وتستوقفنا اللمسات الحانية أو الفكاهة الجميلة وتعلو أحاديثنا درجة عميقة من الاحترام بعد أن اسقطنا الطغاة.

 

ذهبت الي أماكني الأثيرة وسط القاهرة وفي منطقة الحسين وخان الخليلي اذ تحدثت مع الناس بشكل تلقائي.. البعض صرت اعرفه من خلال تواجدي في المكان منذ عشرات السنين وجدت درجة عالية من الوعي المتزن ربما قلل بعض الشيء من حالة النشوة التي تملكتني في "13 ابريل".

وجدت من يتساءل عن غياب التصوير لتلك اللقطات الخطيرة في حياة الشعب كيف لم يتم تصوير الرئيس مبارك أو نجليه وهم في صدد التحقيقات المنتظرة؟ هناك من شكك في الخبر ذاته بسبب بعض الغموض بشأن الاسرة الحاكمة.. اسئلة هل ستنتهي التحقيقات بالشكل المأمول ام تطول الي ما لا نهاية؟

استمعت الي حديث الاستاذ الكبير لويس جريس بهذا بشأن الشأن حيث بدا الرجل شديد الهدوء والوداعة مصرا علي طرح أسئلة معلنا خشيته من تحقيقات بدأت بشأن "العبارة" أو غيرها وانتهت بلا جدوي!.. وقلت لكم تغيرت الشخصية المصرية.. صارت اكثر الحاحا علي مطالبها وأقل قابلية للتصديق السريع.. صار المواطن يتدخل في كل التفاصيل رافضا الغموض أو الدخول في متاهات عاني منها في النظام السابق.

قلت لعل في هذا كله خير.. كنت قد سمعت مداخلة الطبيب النفسي العالمي د. أحمد عكاشة بعد اعلان مبارك عن عمد وجود ثروة له في الخارج متحديا من يزعم هذا بالملاحقة القانونية.. بدا طبيبنا العظيم ثائرا علي ما سمع مبديا تأييده للشباب في استمرار التظاهر طالما ان ما يجري علي الساحة لا يطمئن.. غير أن

التحقيقات وغيرها من الاجراءات قد بدأت سريعا واعدت نفسي الي آلة الاطمئنان والبعد عن الهواجس وأنا اراجع ما تحقق فعلاً بعد 25 يناير وكان يبدو ابعد من الاحلام.. كيف تحققت المعجزة وهزم الشعب المسالم كل اجهزة الامن الشرسة والحكام المدججين بالسلاح والبلطجية والمال الذي لا ينتهي.

استعدت صورة لا أظن أنني سأنساها لمواطن مصري وهو يقول بكبرياء وسط أحداث ثورة يناير موجها حديثه لمبارك: بأمارة ايه تشكل حكومة شفيق أنا اللي اختار الحكومة اللي عايزها!؟ كان يجلس واضعاً احدي رجليه علي الاخري في ثقة تشبه شخصيات احمد رجب والفنان مصطفي حسين.. لقد نطقت الصورة وصارت حقيقة وسبحان مغير الاحوال.

مضيت الي ملاحظاتي كيف اصبحت الحوارات الثقافية تركز علي مستقبل مصر ووسائل تنميتها وفقا لأبحاث عملية مطروحة او منتظرة صار الكل مهتما ويشعر ان له دوراً في البناء الجديد أشعر بالامل حتي في غمار الفتنة الطائفية المصطنعة التي اطلت بذلك الهدم المشين لكنيسة صول التي اعاد الجيش بناءها بشكل جميل وتمت الصلاة فيها وسط البهجة والمشاركة والامتنان اما سبب الامل فيتمثل في تلك الروح التي تحدث بها الكثيرون رأيت الفارق بعيداً بين الشخصية المسيحية بعد ثورة يناير وبين ما كانت عليه في مأساة نجع حمادي السابقة.. اتسم الحديث بعد الثورة بالتألق والقوة والإيجابية والعزم علي المطالبة بالحقوق وإعمال القانون.. حدث تطور بناء احدثه مساهمة الجميع مسلمين وأقباطاً في احداث ثورة يناير وامتزاج الدماء والاستشهاد من اجل انتصار مصر علي الطغيان.

اتساءل عن شباب الثورة الجميل وأقول ألم يبدأ هؤلاء الأعزاء العمل المسرع من اجل بناء حزبهم او تجمعاتهم حتي يخوضوا الانتخابات البرلمانية؟ اعتقد ان الوقت صار حرجا ولا يحتمل الابطاء خاصة مع التسرع الشديد في انهاء الانتخابات.. هل أعدوا بعقولهم الوثابة وقدراتهم العلمية خططا للتغلغل في الاقاليم المختلفة وفي المواقع الحساسة لنشر رسالتهم وبرنامجهم؟

أعتقد ان سلطة الحكم الحالي - رغم ازدحام البرامج - ستفيد كثيرا في الاستعانة بالشباب في مهام محددة فوجودهم يسهم في فتح آفاق جديدة لصياغة المستقبل.