رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

مسئولية مجلس الشعب عن أموال الشعب

الشعب المصري فيما تسجله الإحصاءات يعد أكثر شعوب المنطقة العربية تبرعا وإقبالا علي التكافل الاجتماعي.. الوجه الآخر للموقف أن حكومات مصر منذ حقب طويلة وحتي الآن تعد الأكثر تلهفا علي طلب المعونات الأجنبية والقروض المشروطة، القاسم المشترك بين هذين الموقفين هو غياب المحاسبة والشفافية معظم التبرعات

التي دفعها المصريون عقب أزمات أو كوارث لا يتم استخدامها بشكل واضح بل ربما تم سرقتها ينطبق هذا الأمر علي المعونات الأمريكية التي بلغت خلال حكم مبارك حوالي 75 مليار دولار وهي ثروة هائلة تم شفطها من العصابة وأتباعها بينما وصلت مصر إلي ان 40٪ من سكانها تحت خط الفقر والأمية وانتشار العشوائيات وتدمير الصحة العامة وهدم قلاع ومؤسسات وأركان الصناعة والتنمية.
الآن لاتزال السياسة هي الاتجاه نحو الاستدانة والمطالبة اللحوحة بتبرعات المواطنين لاسيما الموظفون.. إجبار الموظفين علي التبرع بيوم أو أكثر من أجرهم ولو كان هذا الإجبار معنويا أو أدبيا يعد شيئاً لا غبار عليه لولا أن الممارسات المجربة في بلادنا تجعلنا لا نعرف غالبا أين ذهبت الأموال التي قدمت لسداد ديون مصر أو لإنقاذ متضرري الزلازل.
الفوضي هي السياسة الرئيسية المعتمدة وهي سارية بشكل أخطر خلال هذه المرحلة.. الفوضي تشجع الفساد وعدم المحاسبة بينما تطالعنا الأنباء الرسمية عن نقص الاحتياطي الأجنبي وازدياد البطالة وكيف لا؟ ماذا يطلب من بلد ثمة إصرار علي حرمانه من الأمن تحت حجج غير مفهومة رغم تقديم الاقتراحات المختلفة بشأنه.. هل يأتي المستثمرون في هذه الفوضي ليضعوا أموالهم في بلاد تسير وفقا لقواعد فاسدة يراها الناظر أحيانا واضحة إلي حد التبجح.
من أعجب الأرقام التي تطل علينا في ظل اقتصاد متأزم ما نقرؤه عن حصيلة الصناديق الخاصة في مصر.. يقول الجهاز المركزي للمحاسبات إنه لدينا في هذه الصناديق تريليون، بينما يقول فاروق العقدة ان بها 353 مليار جنيه، أما الحكومة فتعلن أنه لا يوجد في هذه الصناديق سوي 38 مليار جنيه!! هذه المسافات الهائلة بين كل تقدير وآخر وكلها صادرة من جهات رسمية في الدولة تصيبنا بالذعر  من اختلال النظام والاستهانة بالحقوق بشأن أهم ما يحتاجه الشعب المصري من أمواله وثرواته. هذه الصناديق امتلأت من أموال دفعها المواطن من دمه وعرقه علي شكل غرامات أو رسوم أو دمغات وكان المفترض ان تستخدم حصيلتها في حالات الضرورة والكوارث الطبيعية أو خلافه لكنها استخدمت كمكافآت شهرية بالملايين وكلها لا تخضع للرقابة الرسمية.. من الطبيعي مع هذه الأوضاع التي تقنن الفساد والرشوة أن يتواكب النهب والسرقة مع رغبة الحاكم ونظامه وعصابته علي عدم ترك مواقعهم في السلطة لما تدره عليهم من ثروات مجانية.. لقد سبق أن قال مبارك إن حكم مصر صعب جدا والخروج من الحكم أيضا شديد الصعوبة!! عندما نرفع شعارات عن الاستغناء عن المعونات الأجنبية يجب أن نصلح من شأننا أولا ويثبت لنا الحكم أنهم يحترمون هذا الشعب ويقدرون حقه الطبيعي في معرفة وإدارة أمواله وليس فقط الإعلان عن الخزائن الخاوية وضياع الأموال كأمر واقع. هناك المثل الصارخ عن أموال التأمينات والمعاشات التي بلغت المليارات المدفوعة من عرق أبناء الشعب فقط يعلنون أنها استخدمت في الميزانية بينما الميزانية دائما في خواء وعجز وضياع. كل هذا وأكثر منه يتم دون عقاب بأسلوب يدفع بالضرورة كل دولة مستغلة أن تجور علي حقوق هذا الشعب بكل الطرق المستطاعة.
لقد أثبت هذا الشعب قدرته علي التضحية بالدماء من أجل الحرية والعدالة والكرامة وقي ان تتجمع نخبه وقياداته في صراعات قانونية وسياسية من أجل استرداد الأموال المضيعة في الصناديق والمعاشات وغيرها. أن تشكل محاور ضغط تتقدم إلي مجلس الشعب بشأن حقوقنا في أموالنا التي يراد لها أن تكون سرية بغير داع. ان المجالس النيابية نشأت بداية من أجل مراقبة الميزانيات والأموال العامة هذه هي الضرورات التي ينبغي أن تحظي بمواقف حاسمة وحقيقية لا تكتفي بلجان تقصي الحقائق بنتائجها الباهتة. نريد دفاعا حقيقيا عن حقوق الشعب الأساسية فلايزال صوتها خافتا أو منعدما في المجلس المنتخب الذي لم يقدم أمرا جوهريا حتي الآن.
من ذلك أيضا انهيار الأمة الذي لابد أن يفضي إلي انهيار الاقتصاد والمناخ الطارد للسياحة.. ان أحدا لا يرد علينا وعلي المجتمع الدولي كله حاسما أن مصر ستظل دوما بلدا آمنا.
إن الرؤية الشاملة للأسلوب الذي تدار به مصر يعبر عن

منظومة متسقة مع نفسها تفتقد كل إمكانيات الإنقاذ الوطني.. السياسة التي تمنعنا من الحصول علي أموالنا المنهوبة تتفق تماما مع السياسة التي تحرمنا من الأمن وتدعي العجز.. السياسة التي لا تحاكم المخلوع علي فساده المستشري وسياسته المخربة بل تكتفي بالجزئيات مثل الحصول علي عدة فيللات هذه السياسة القاصرة لابد أن تتحول إلي فخ منصوب لمصر يفرض علينا أشد أنواع الحكم بطشا واستبدادا وفاشية.. هذه السياسة التي لا تعاقب الجناة الحقيقيين هي نفسها التي تداهمنا كل عدة أسابيع بعشرات الشهداء لم نجد لهم حتي الآن قاتلا محددا.. لم نسمع عن عقاب كأنما ارتددنا إلي عصر الغاب.
ان لصوص المال العام الذين أفرخهم نظام مبارك الأفسد تاريخيا يتشبثون بمصالحهم ومواقعهم.. هذا الشعب صاحب الثورة العبقرية المبدعة التي أبهرت العالم ثمة من يريد إذلاله وتجويعه لتمضي مسيرة البطش والنهب بلا عراقيل ولا محاسبة ان الثورة المضادة تتشبث بمواقعها ومكاسبها لكن أوان النصر قد جاء لمصر وسيدهش من يقف معرقلا لنهضتها القادمة بإذن الله.
معظم الممارسات التي تفرض من الحكومة والسلطة بعيدة كل البعد عن روح الثورة وشبابها في سعيهم الحثيث نحو المستقبل نظرة إلي توزيع الدخل في مصر تخبرنا بأن الرغبة في إنصاف الفقراء ومحدودي الدخل تبدو بعيدة جدا علي صناع القرار بل وعلي مجلس الشعب نفسه.. نري مصالحات تعقد مع من استولوا علي الأرض ونهبوا ثروات مصر بينما هناك سياسة ثابتة تريد تشويه الثورة المصرية واتهامها بكل ما هو باطل وجبان.
ثمة من يريد أن يصدر الفوضي إلي كل العلاقات الاجتماعية سواء بافتعال الفتن أو إشاعة الفساد.. ان سياسة فرق تسد واضحة جلية.. ثمة من يريد ان يفتح أبواب العراك الاجتماعي المتواصل وغياب المبدأية في التعامل والمغالطات الحسابية وهي أمور تصدر للمجتمع بشكل شبه إجباري من جراء الغليان وافتقاد الرؤية والشعور العام بسوء سياسات علوية مفروضة بقوة الأمر الواقع.
إزاء التباطؤ الشديد في تحقيق آمال الشعب وثورته نجد ارتجالا في كثير من الأمور والقرارات.. الدستور الذي يعد وثيقة تاريخية تسير الأجيال علي هداها يكتنفه التسرع والغموض وتكثر بشأنه التسريبات المتناقضة.. كذلك أساليب الانتخاب لرئاسة الجمهورية نسمع عن الاختيار التوافقي أي الذي تتفق بشأنه جهات معينة بينما هو أمر يخص الشعب بأكمله والتوافقية في شأنه تعصف بمبادئ الديمقراطية الصحيحة.
بينما نغض الطرف عن أموال الصناديق الخاصة الكفيلة بحل مشكلاتنا نجد الرغبة الملحة في فرض الضريبة العقارية التي تم تأجيلها إلي العام القادم.. كيف تؤخذ أموال يتم جبايتها علي عقار لا يربح؟ نسمع لأحمد المسلماني أنه في زيارة لقريته في طنطا وجد أن الشقة التي مساحتها مائة متر فقط تشتري بنصف مليون فلننظر كيف ترتفع قيمة العقارات في القاهرة بينما يجبر المالك علي دفع ضريبة عنها.. دائما البحث في جيوب المواطن الشريف أما اللصوص والنهابون فلا يجدون إلا الرفق والشفقة فيالها من مهزلة مستمرة.