رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ملاحظات حول مشروع تطوير مناهج التعليم

قد يبدو الحديث عن مثل هذه القضية فى فترتنا الراهنة، تغريدا خارج السرب، فبحر السياسة الذى كان الأستاذ هيكل، قبل ثورة يناير قد قال إنه «جف»، هو الآن، لا نقول قد أصبح ممتلئا، بل إنه فاض فيضانا ندعو الله عز وجل ألا يصل إلى حد الإغراق.

لكن السياسة، كما علّمنا أساتذتها، أنها إذا كانت تتعلق بالسلطة، فهى كذلك تتعلق « بنشاطها»، وفى تصورنا الذى لا نكف عن الإلحاح عليه، هو أن ما يتم على الساحة التعليمية، يؤسس، ويوجه..يفسد أو يصلح..يُسَوّد أو يُبَيّض من نشاط السلطة السياسية...
ومن ثم، فهل هناك ما هو أخطر من «محتوى» التعليم و«مضمونه» خطرا على التكوين العقلى والتوجيه الفكرى للمواطن؟
نقول كل هذا بمناسبة ما تفضل به أولو الأمر فى وزارة التربية، وفى مركز تطوير المناهج، من طلب رأى أمثالنا فى مشروع كبير لتطوير مناهج التعليم قبل الجامعى، وهو الأمر الذى كان لا يحدث طوال عقدين مضيا، باستثناء وزارتى الدكتور أحمد جمال الدين موسى.
ودون دخول فى تفاصيل فنية، فقد سجلت مجموعة أفكار، تدور حول الإطار العام للمشروع، كما يلى :
• من المهم التأكيد على البعد الإقليمى العربى، ذلك البعد الذى كان قد أخذ ينسحب بعيدا شيئا فشيئا طوال العهد المباركى، ولذلك، عندما وجدنا إشارة فى المشروع تتحدث عن مواصفات المواطن الجديد المطلوب تنشئته، فتقول: «محلى الهوية، عالمى الفكر»، طالبنا بإضافة عبارة «وإقليمى التوجه».
• ضرورة الحرص على ألا تذوب شخصية المواطن المصرى فى فيضان التغيرات العالمية المُطَالَب بمتابعتها والاستجابة لها، فأكدنا أن يكون ذلك من منطلق «نقدى»، الأمر الذى يفترض إدخال المصالح والظروف المجتمعية الخاصة فى الاعتبار، وضرورة الانتقاء والاختيار، حيث إن النص اقتصرعلى ضرورة تبنى الرؤى التى تفرضها التحولات العالمية. ووفق هذا أيضا فإن تأكيد المشروع على أهمية «الإفادة من العولمة»، دفعنا إلى اقتراح أن تكون العبارة: «الإفادة من إيجابيات العولمة».
• أهمية التخلى عن الصياغات التى تؤسس لبعض « الاستبداد الفكرى»، الذى سرعان ما يسرى فى سائر مفاصل المنظومة التعليمية، ربما بحسن نية، ومن هنا فقد طلبنا النظر إلى وثيقة المشروع، لا باعتبارها» الإطار الحاكم «، بل» إطارا حاكما «، حتى تنزاح صورة ادعاء القدرة على الحصر، وينفتح الباب لاحتمالات التغيير والنقد، وكذلك طلبنا وصف الوثيقة بأنها هى «الموجهة» وليست «الحاكمة» للتطوير.
• إذ نشكر اعتراف المشروع بضرورة تحقيق المشاركة الديمقراطية، حيث إن المعلم والمتعلم من المحاور الرئيسية فى العملية التعليمية، طالبنا أولى الأمر بأن يحققا هذا «عملا» لا «أملا»، ولعل نشرنا لبعض ملاحظاتنا على مشروع التطوير على صفحات جريدة الوفد، فيه صورة من صور الدفع إلى إشراك كثير من الفئات والشرائح الاجتماعية.
• أهمية الاعتراف بالتغاير والتمايز بين الناس، ومن ثم تقدير صور الاختلاف، وبعدا عن «التنميط»، و«القولبة»، ومن هنا فقد طلبنا عند إشارة المشروع إلى «التأكيد على التجانس الثقافى المجتمع..» وهو بالفعل مهم وضرورى، ضرورة النص على:

«مع احترام الاختلاف»، حيث إن هناك من يُشَرعون «للهيمنة الفكرية، بدعوى ضرورة التجانس» من أجل وحدة المجتمع وسلامته، خاصة أن ما جاء فى المشروع من «تشجيع على تحقيق المرونة لا التنميط»، أصح له أن يكون: «التأكيد على تحقيق المرونة لا التصلب، والتنويع لا التنميط».
< إذا="" كان="" من="" المهم="" لمناهج="" التعليم="" أن="" تغرس="" قيم="" المواطنة،="" وتعزز="" النزعة="" الوطنية،="" لكن="" لابد="" فى="" الوقت="" نفسه="" من="" تفادى="" الوقوع="" فى="" «جُبّ»="" الغرور="" القومى،="" وما="" يسميه="" البعض="" «بالشوفينية»="" ومن="" هنا="" فقد="" تحفظنا="" على="" وصف="" المشروع="" للمصريين="" بأنهم="" «أتقياء="" بالفطرة»،="" لأن="" التقى="" بالفطرة،="" لا="" فضل="" له="" فى="" السلوك="" سلوكا="" فاضلا="" وخيّرا.="" كما="" أن="" الله="" عز="" وجل="" قد="" ألزم="" نفسه="" بالعدل="" بين="" خلقه،="" فكيف="" يخلق="" شعبا="" تقيا="" بالضرورة،="" وبقية="" الشعوب="" غير="" ذلك؟="" إن="" الصحيح="" أن="" شيوع="" التدين="" بين="" المصريين،="" يرجع="" إلى="" طول="" خبرة="" امتدت="" لآلاف="" السنين،="" مما="" جعلها="" ترسخ="" فى="" العقول="" والقلوب،="" بحيث="" تبدو="" وكأنها="" «فطرة»،="" وما="" هى="">
• مطالبة المشروع بـ «عدم استخدام الدين لأهداف سياسية»، فيه إضرار بكل من الدين والسياسة معا، لأن هناك بالدين ما يعزز لقيم الديمقراطية والعدل والتكافل الاجتماعى، وهذا بدوره يخدم السياسة خدمة لا مثيل لها، ومن ثم فإن التعبير الدقيق الصحيح يكون» عدم إساءة استخدام الدين لأهداف سياسية».
< لا="" ينبغى="" الوقوف="" عند="" حد="" استهداف="" «="" تعزيز="" الاتجاه="" نحو="" ترسيخ="" نظام="" عالمى="" يقوم="" على="" السلام،="" والتفاهم="" وقبول="" الآخر»،="" حيث="" إن="" المناقشة="" الدقيقة="" لهذا،="" -="" فضلا="" عن="" عدم="" إغراق="" القارئ="" فى="" مناقشات="" طويلة-="" تؤكد="" ضرورة="" أن="" يكون="" هذا="" السلام:="" «قائما="" على="" العدل»،="" وإلا="" عُدّ="" «استسلاما»،="" وهو="" الأمر="" الذى="" حكم="" طويلا="" العلاقة="" بين="" القوى="" المهيمنة="" الباغية،="" وبين="" الشعوب="" المغلوبة="" على="" الأمرها="">
... تلك مجرد «أمثلة»، وهناك غيرها، لكن هذه وتلك لا ينبغى أن تحجب عنا حقيقة هذا الجهد المتميز الذى يفوح بروائح «علمية» و«وطنية»، يستحق معها صانعو المشروع ومسئولوه، شكرا موصولا، وتقديرا ممدودا.