عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

النسخة الليبيرالية التجريبية للثورة المصرية

نحن أمام نسخة تجريبية أخرى للثورة المصرية، ينحصر لونها في الاتجاه الليبيرالي، بأفكاره وأحزابه وشخصياته، اجتمعوا جمعيا ضمن منظومة واحدة، لتحقيق أهداف بعينها، مما ضيق فاعليتها، وحصرها في أفكار وأهداف لا تشمل الشعب ككل،

فهذا لا يمكن الاختلاف عليه، يختلف المصريون حول تلك الأفكار اكثر من الاتفاق بشأنها، مما يعطى لها تمييزا عن الثورة الأولى، في المنهج والفاعليات والرؤى، فكانت الثورة الأولى شاملة بكل الألوان دون صبغة خاصة لتيار أو أحزاب أو حتى شخصيات – لذلك نجحت وكان من اعظم نتائجها ديمقراطية الاختيار من الشعب للرئيس ولنوابه، ولا تزال سارية في تحقيق باقي الأهداف، وأما الأحزاب الأخرى القريبة من الاتجاه الإسلامي القريب منه والتي أعلنت مشاركتها في تلك الثورة – كما يسمونها – فلن يحصلوا على أي مكاسب سياسية، فقد ضاعت صبغتهم في غالبية اللون الليبيرالي، وفقدوا تعاطف الكثيرين من المصريين، فلم يكن التفكير السياسي العميق في اتخاذ قرار المشاركة دقيق، ولن يجنى سوى خسائر سياسية ، ستنعكس على نتائج الانتخابات البرلمانية القادمة، إنها نسخة تجريبية للثورة المصرية  يقودها التيار الليبيرالي، وضحة المعالم والأهداف، ونتائجها ستنعكس على تلك الأحزاب ومدى تأثيرها، إنها لن تؤثر على تغيير النظام، ويدرك منظموها ذلك جيداً،  إن أولى أهدافها، إرباك النظام وعدم الاستقرار، واستمرار الاضطراب السياسي لأطول وقت ممكن، حتى لا يتمكن الرئيس من بيئة سياسية هادئة يستطيع معها أهداف الثورة، فيكون مبررا لبعض شخصيات التيار الليبيرالي لإيجاد فرصة أوسع في انتخابات الرئاسة القادمة، التي أصبحت مستعصية بالواقع السياسي عن طريق الانتخابات، وربما استخدام شعارات أن الرئيس يخدم جماعة الإخوان وأن اتجاهه هي سيطرة الإخوان على السلطة من أهم مبررات الليبيراليين في استقطاب الشباب للمشاركة في تلك الثورة، باستغلال المشاكل الاجتماعية والاقتصادية التي تمر بها مصر، ومن اجل تحسين فرص الفوز في الانتخابات البرلمانية القادمة، لكن مع كل هذا، يبقى التساؤل، هل يملك التيار الليبيرالي منفرداً القوة الشعبية القادرة على إحداث تغييرات جوهرية في الشارع السياسي المصري ؟ الحقيقة ما اعتقده أن الإجابة ستكون ب " لا " ، ليس تقليلا من أهمية التيار الليبيرالي بقدر تحليلا واقعياً للخريطة السياسية المصرية .
إلا أن الصورة التي يعرضها التيار الليبيرالي للضغط الشعبي من اجل تغيير النظام، أو على الأقل تحقيق أهداف ومكاسب سياسية لابد من توضحيها كاملة، وسرد الأسباب الكامنة وراء عدم تحقيق أهداف التيار الليبيرالي، بالفعل لم تكتمل أهداف الثورة في تحقيق العدالة الاجتماعية، وتحقيق مستوى افضل للمعيشة، والقضاء على الفقر، ومحاربة الفساد، وتطهير الدولة من المسؤولين الفاسدين، إلا انه الحكم فقط على العنوانين يظلم

التفاصيل، ويصعب على الحكم عليها، كان هناك خريطة واضحة للتغيير يمتلكها الرئيس، شاملة بكل تفاصيل، في جميع المجالات، لو أتيح لها التطبيق، ما وجدت تلك الإخفاقات، ونادى المعارضة بالتغيير السريع والثورة على النظام، رغبت المعارضة بوضوح في تعطيل ووقف تلك الخريطة بكل الوسائل والطرق، في منظومة كاملة من العراقيل أمام أي تغيير، بتغيير المواقف بما يخدم عدم تحقيق أي نتائج جوهرية تثبت أن الرئيس قادر على التغيير، اثر فيها بوضوح الإعلام الليبيرالي، وساعد في اكتمال  تلك الصورة مشاركة رموز النظام السابق، بالمساعدة بالمال والإعلام والتخطيط، ومقاومة التغيير وتطهير المؤسسات، ونشر الفوضى، والتلاعب بالأسعار، والكثير، فالصورة لكى تكون مكتملة لابد من توضيح لما تم من إنجازات وما صاحب من إخفاقات للرئيس، والمبررات السياسية لعدم تحقيق المستهدف الذى يرغبه كل مصري من تغيير النظام السابق، ومع تلك الصورة، كانت هناك إيجابيات كبيرة في إنشاء دستور يخدم تحقيق الهدف، ووضع عدة خطط لمعالجة المشكلات الاقتصادية، ونتائج بارزة في زيادة الإنتاج الزراعي، والسياحة، والاستثمار، ورفع معدلات الشفافية، وحرية الراي الغير مسبوقة، وبدأ القضاء على الرشوة والمحسوبية، ووضع مصر في مركزها الإقليمي والدولي من جديد، ها نحن اصبحنا اقرب إلى استكمال كل الأهداف، لكننا نحتاج فقط للاستقرار السياسي والأمني، وتوفير بيئة صالحة للإنتاج والاستثمار، فهل يرضى المعارضة، وبالأحرى التيار الليبيرالي أن نهدم ما تم ؟ أم نستكمل تلك الإنجازات ؟ لعل الوطنية تقتضى الوقوف مع البناء ووقف عدم الاستقرار، فالثورة في صيغتها الحالية نسخة تجريبية من الثورة الليبيرالية البحتة، والتي لن تحقق أهدافها، لعدم شمول أفكارها على ما يحلم به غالبية المواطنين، ومن ثم تبقى في حدود المظاهرات من اجل تحقيق مكاسب سياسية .
---
الكاتب الصحفي والحلل السياسي والاقتصادي
[email protected]