عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

من افلس مصر؟

لا يزال الحديث عن إفلاس مصر مستمرا، ولا يزال هناك من يدعى أن اقتصاد مصر في خطر، لكن ما ينشر من تلك الاحاديث، والأخبار، لا يعدو كونه كلام عام، ولا يصل إلى حقيقة الواقع الذى لابد معه أن يكون مبيناً بالأرقام والمؤشرات الاقتصادية، فهناك العديد من المعايير الاقتصادية التي بمقدورها الحكم على قدرات أي اقتصاد،

ومدى قدرته على الصمود أو الخروج من الأزمات، لكن الأمر الآخر الذى يجب تناوله أن ما ينشره بعض الإعلام يشير إلى المتسبب في الأزمة الاقتصادية الحالية التي تعيشها مصر، وأن سياسة الرئيس مرسى الاقتصادية، أو الإخوان المسلمون كانا سبباً في ذلك، مما وجب معه أن اعرج على حقائق، من افلس مصر؟ ثم البحث في علاج هذا الخلل الاقتصادي، وكان ضرورياً الرجوع بالذاكرة للخلف، منذ عامين، أي قبل الثورة، للحكم على الاقتصاد المصري عند ترك مبارك للحكم، حتى نستطيع أن نتبين من الواقع الذى كان، وما تبعه خلال فترة رئاسة د. مرسى.
ورغم تباين التقديرات الرسمية وغير الرسمية في أواخر عام 2010،  تشير تقديرات المجالس القومية المتخصصة في مصر إلى أن 46% من المصريين - خاصة منهم النساء والأطفال- لا يحصلون على الطعام الكافي ويعانون من سوء التغذية، وتفيد التقديرات المنشورة إلى أن 35% من النساء و53% من الأطفال في مصر لا يحصلون على الطعام اللازم مما يشكل خطورة على هاتين الفئتين اللتين تعدان الأكثر هشاشة، وتتفاوت نسبة الفقر ما بين المحافظات الحضرية (6.6%) والمناطق الريفية (41.4%). ووفقًا لأحدث تقرير عن "خريطة الفقر" التي أصدرتها وزارة التنمية الاقتصادية فقد بلغ عدد القرى الأكثر فقرًا 1141 قرية، ويبين أحدث تقرير صادر عن التنمية البشرية بالوطن العربي لعام 2010 أن نسبة الفقر في مصر-التي يقارب سكانها ثمانين مليونا- تبلغ 41%، ويتبين من خريطة الفقر التي تضمنها التقرير أن أكثر من مليون أسرة فقيرة تعيش في الألف قرية الأكثر فقرًا، ويبلغ إجمالي عدد سكانها خمسة ملايين نسمة يمثلون 46% من إجمالي سكان هذه القرى، وأوضح أن نسبة الفقراء في هذه القرى نحو 54% من إجمالي سكان الريف الفقراء في مصر، ونحو 42% من إجمالي السكان في الجمهورية مشيرا إلى أن ثلاث محافظات بالوجه القبلي (أسيوط والمنيا وسوهاج) تضم 794 قرية يشكل فيها الفقراء 82% من إجمالي عدد الفقراء بالألف قرية الأكثر فقرًا، ويوضح التقرير أن نسبة غير المتعلمين بالفئة العمرية (18–29 سنة) تصل إلى 27%، مبينا أن أكثر من 20% من الأطفال يعانون من العديد من أوجه الحرمان.
ووفق دراسة لليونيسيف عن "فقر الأطفال والتفاوت في مستويات معيشتهم عام 2010"،أشار التقرير إلى أن حوالي 20% من السكان ضمن الفئات الفقيرة التي تعاني من صعوبة في الالتحاق بالمدارس، وأن الشباب الفقير يلتحق بأي وظيفة متاحة، سواء كانت مؤقتة أو موسمية  كمخرج من الفقر، وكان تقرير الأمم المتحدة للتنمية البشرية قد أشار إلى أن نحو 14 مليون مصري يعيشون تحت خط الفقر، بينهم أربعة ملايين لا يجدون قوت يومهم، لتبقي مصر في المركز الـ111 بين دول العالم الأكثر فقرًا في العالم، لكن باحثين مصريون أشارون في حينه إلى أن نسبة الفقراء في البلاد تصل إلى ما يقارب 55% من الشعب المصري، وأن هذه النسبة قابلة للارتفاع.
إن إجمالي ما تم سرقته خلال فترة النظام السابق من ثروات مصرية يقدر بأكثر من تريليون دولار طبقاً لتقارير دولية، أي يقترب من ميزانية مصر منذ عام 1981 حتى سقوطه، وأن هذا الفساد والإفقار للشعب كان وفق للسياسات التي وضعتها حكومات النظام المتعاقبة، في ظل منظومة فساد مالي وإداري كان يسيطر عدة شخصيات، ألا يكفى مشاهد الفساد في كل ممتلكات الدولة من ارضى زراعية وتبوير واستغلال وبيع لأشخاص بالأمر المباشر ؟ ألا يكفى نهب البنوك والشركات العامة والمشاريع القومية ؟ ألا يكفى نشر الجهل والتخلف والمرض في المجتمع ؟  ألا يكفى القضاء على الأخلاق والثقافة والقيم ؟  ألا يكفى البطالة والبلطجة والمخدرات والعصابات الإجرامية التي ظهرت علينا فجأة وهم نتاج النظام السابق ؟ ألا يكفى المعتقلات والسجون ومن كانوا يقضون أعواماً دون محاكمة ؟ ألا يكفى التخويف والرعب والظلم الذى كان ينتهجه

جهاز امن الدولة في حق المواطنين ؟ ألا يكفى انتشار السرطان والفيروسات والمبيدات والأدوية الغير صالحة التي قضت على صحة المصريين ؟ ألا يكفى الرشوة والمحسوبية في التعيينات والوظائف حتى أصبحت مؤسسات الدولة ملكية خاصة ؟ ألا يكفى هجرة علماء وعقول مصر إلى الخارج  بحثاً عن فرصة عمل ؟ ألا يكفى أن تصبح مصر مستوردة لغذائها ودوائها وتتحكم فيها دول العالم ؟ ألا تكفى إهانة المصريين العاملين في الخارج دون النظر اليهم ؟ ألا يكفى قتل الأبرياء وإحداث الفتن والصراعات بين العائلات وبين طوائف الشعب لتحقيق أهداف سياسية للنظام ؟ ألا يكفى تعاون النظام مع العدو إسرائيل وإعطاء ظهره للأشقاء العرب والدول التي يمكن أن تحقق مكاسب لمصر ؟ ألا يكفى أن يكون اكثر من نصف الشعب المصري فقير ونحو خمس الشعب تحت خط الفقر ؟ ألا يكفى أن اكثر من ثلثي الشعب يعانى من الأمية ؟ ألا يكفى .....ألا يكفى ............!!
مما لاشك فيه، أن النظام السابق، هو من سعى إلى إفقار مصر، وإفساد كل أوجه الحياة بها، وندرك أن فترة الرئيس الحالي غير مسؤولة إلا عن بطئ تحقيق معدلات سريعة ومؤثرة في علاج تلك المشكلات، ولا يغفر له سوى عدم الاستقرار السياسي، وتغلغل الفلول، والثورة المضادة في أركان الدولة، وأننا نرى أن هناك توجهات جديدة نحو تحقيق العدالة الاجتماعية ورفع الظلم وتكافؤ الفرص، في إصدار قرارات وقوانيين جديدة، بعضها صدر بالفعل والآخر في الطريق للعمل به، فتلك الأرقام، وهذه التقارير السابقة، تشير إلى معلومات ومؤشرات خطيرة تخص المجتمع المصري، وان تلك الخطورة تكمن في الفقر والبطالة والأمية، وهذا يحتاج لجهد غير عادى من الحكومة التي سوف تتولى المسؤولية ،فان تلك المشاكل تحتاج لخطط وبرامج غير تقليدية للإسراع في تخفيف شدة ووطأة سوء الحياة المعيشية للمصريين وتقليل الفوارق الطبقية ومحاربة الفساد، لان هؤلاء الفقراء هم نتاج لسوء التخطيط، وعدم عدالة التوزيع والتهميش والفساد في توزيع الدخل القومي، ولن تتمكن أي حكومة من إنصاف تلك الشرائح إلا بإعادة سياسيات الدولة فيما يخص العدالة الاجتماعية وإعانة الفقراء بطريقة دائمة مدروسة وليس بالطرق العقيمة التي كان ينتهجها النظام السابق، الفقراء والعاطلين في مصر بعد الثورة لا يستطيعون الانتظار اكثر من ذلك، لانهم اكثر الفئات التي تدفع فاتورة الثورة، ولم يصل اليهم نتائج هذا التغيير، فهؤلاء لا يعنيهم بالدرجة الأولى الصراعات السياسية، ولا من سوف يتولى الحكم من عدمه، بقدر أن ما يشغلهم أن يجدوا ما يعنيهم على الحياة اليومية، في توفير دخل يومي بطريقه يحصلون على الضروريات ،فلا يحلمون بالترفيه، وإنما بحياة عادية ،لان الانتظار اكثر من ذلك يقتل هؤلاء فهل سوف تقوم الدولة بالقضاء على الفقر ..ام على الفقراء ؟
الكاتب الصحفى والمحلل السياسى والاقتصادى
[email protected]