بأمر المرشد أم الرئيس ؟
النظام الديمقراطي للدول، يقوم على أساس أن الاختيار للشعب، وان غالبية الشعب هي التي تقرر من يحكم، وتعطى له تفويضاً لإدارة الدولة لفترة زمنية مقررة، فاذا أدارها بكفاءة وحقق ما يرغبه الشعب، تمسك به، واذا لم، قام بتغييره مرة أخرى باخر،
ويتم هذا بالانتخاب المباشر، لكل من يحق له الاختيار، ويتم ذلك في جميع المسؤولين الذين يختارهم الشعب بالانتخاب، وفقاً لأسس كل دولة، ومدى ونطاق اختيار المسؤولين بالانتخاب المباشر، وبالطبع فى النظام الديمقراطي يسعى كل فكر سياسي أن يصل إلى السلطة لتطبيق أفكاره، فاذا لم يقدر، يكون فى الصف الثاني، سواء مسانداً، أو معارضاً، وفى الدول المتقدمة، لا يوجد اختلافات جوهرية في الرؤيا بين الأحزاب صاحبة الأفكار السياسية المختلفة والمتنوعة حول المبادئ الرئيسية للدولة، وما يجب تحقيقه، لكن الاختلاف ربما في الطريقة، والنهج السياسي، فالكل يتفق على العمل على تقوية الدولة والمحافظة على مكانتها، والعمل على رفاهية الشعب، والمتفق فيه، أن وصول الفكر السياسي،-اقصد أصحابه -إلى السلطة سواء التشريعية (البرلمان )،أو الرئاسة، يكون بقدر قوة التيارات السياسية في الشارع ومدى تأييدها، فالقاعدة الشعبية هي أساس الاختيار للشخصيات ومن ينوب عن الشعب، وفى جميع الدول يسلم الأحزاب المتنافسة بنتائج الانتخابات، ويحترموا اختيارات الشعب، ويحاول كل حزب بعد كل انتخابات معالجة أخطاءه، والاستفادة من التجربة، حتى يستطيع مرة أخرى التواجد فى السلطة، لذلك يحدث نوعاً من التناوب بين الأحزاب السياسية على السلطة، كل ذلك وفقاً لقواعد ثابتة للديمقراطية، وكيفية احترامها، فالديمقراطية هي شعار الأمم المتقدمة، والتي تسعى لإيجاد مكانة راقية بين الأمم .
إلا أن هذا التصور - وان حدث بعضه - لم يكن بتلك الدرجة فى مصر، فعندما فاز الإخوان بالأغلبية النسبية فى البرلمان السابق، لانهم يمتلكون قاعدة شعبية حققت لهم نتائج سياسية قوية، اتهم الإخوان بان يريدون الاستحواذ على مجلس الشعب، وعلى السلطة في التشريع، مع أن أسلوب وقاعدة الانتخابات تتيح لهم حقهم في الحصول على اقصى مكاسب سياسية، وبدأ المنافسين للحرية والعدالة والنور، اتهامهم، والهجوم عليهم، ولا مبرر سوى انهم فازوا بأغلب المقاعد، فبدلاً من أن تسعى تلك الأحزاب الأخرى الضعيفة التي لا يوجد لها قاعدة شعبية، إلا بقدر ما حصلوا عليه من نتائج، أن يسعوا لكسب تأييد المواطنين، استخدموا سبلاً لا تتفق مع الديمقراطية، واصبح الإخوان كمن يدافع عنه نفسه، لأنه متهماً بان له التأييد الشعبي، فكيف يكون المنتصر متهماً، والخاسر هو صاحب الصوت المرتفع، هذا لأننا فى مصر، ولأننا في بداية طريق الديمقراطية، التي لا يزال- ليس الشعب -،بل السياسيين، يرودون أن يجعلوا منها ما يتناسب لهم، ويرفضون حقوق الآخرين، فالقاعدة يجب أن تسود على الجميع، أن يحترم الكل نتائج الانتخابات، ومن يخسر، إما أن يكون مسانداً، او معارضاً، حدث ذلك أيضا فى تأسيس لجنة الدستور، عندما أرادت الأغلبية أن تشكل الدستور، باعتبارها تحظى بتأييد غالبية الشعب الذى انتخبها، فاتهموا الأغلبية بانها تريد التكويش، فهل لو كانت الأغلبية من خارج الإخوان وسعوا كما سعى الإخوان لاتهموا بانهم يريدون التكويش ؟
وعلى نفس السياق، فاز الرئيس
إن شعار التكويش، الذى يستخدم للإخوان، هو شعار المفلسين سياسياً، والذين لا يجدون انفسهم فى المشهد، لعدم قدرتهم، أو أن ليس لديهم القاعدة الشعبية التي توفر لهم ذلك، فبدلاً من تلك الشعارات، يجب على من يطلقونها، أن يسعوا أن يجدوا لأنفسهم مكاناً، بأعمالهم، بالاندماج فى المجتمع، وخاصة الطبقات الفقيرة والمتوسطة، وان يسعوا لكى يثق فيهم المواطنين، ولعل شعاراتهم السياسية الأخرى تكون هي السبب، وان الغالبية من المصريين تثق فى التيار الإسلامي اكثر من غيره، وهى حقيقة ربما لا يراه هولاء، فكفاكم شعارات وهمية لا أساس لها .
---
الكاتب الصحفي والمحلل السياسي والاقتصادي
[email protected]