رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

العزاء مقتصر على تشييع الجنازة، وشكر الله سعيكم جميعا

لم يكن يجول بخاطرى، أن يصدر حكم المحكمة فى قضية موقعة الجمل، قبل أن يكون هناك متهمون تثبت عليهم الجريمة، فالمحكمة ترى ما تشاء فيما قدم إليها بشأن من اتهموا، لكن لم أتوقع الحكم في القضية إلا بالإدانة، أو ظهور متهمين آخرين، ونحن أهم قضية قتل للأبرياء فى تاريخ الثورة،

وألا يتم التعجيل بحكم البراءة طالما رأت المحكمة أن المقدمين إليها كمتهمين بالقضية أبرياء، فقد استوقفني الحكم حيث ذكرت حيثياته أن القاضي اطمأن لأقوال المتهمين، ولم يطمئن لأقوال الشهود! فهل الطمأنينة الشخصية للقاضى لا تقع تحت التأثير، فهذا القاضى لابد أنه عايش الثورة، وشاهد موقعة الجمل بعينه، كما رأتها أعين العالم ، فتلك القضية كانت تحتاج لقاض ذى مواصفات خاصة، يؤمن بالعدالة وعدالة القاضى نفسه وحكمه بذاتيته على القضية فى حالة قصور الأدلة، فالقضية فارقة،  والحادثة كانت السبب الرئيس فى نجاح الثورة، فلولا صمود المصريين فى تلك الساعة التى هاجم فيها البلطجية بالجمال ميدان التحرير، ما نجحت الثورة، ولولا سقوط الشهداء وإصرار الباقين على نجاح الثورة، لانتهت الثورة وبقى النظام.
إن الحكم ببراءة المتهمين الذين يعتبرون الأضلع الرئيسية في النظام السابق، إهانة للثورة، وإهانة للشهداء، وسقوط لنزاهة القضاء، وعدم حيادية القاضى، بل يعتبر تاريخاً أسود للقضاء الأسود، ولا يخفى على المصريين، أن القضاء المصرى مؤسسة ضمن مؤسسات الدولة، أصابها الفساد كما أصاب غيرها، ولا يمكن لأحد أن ينكر أن القضاء المصرى استولى عليه أشخاص تنتمى لعائلات محددة، وفقاً للمحسوبية ، وافتقر لنزاهة الاختيار ودقة المهمة التى يجب أن يقوم عليها أشخاص ذوو اختيار فائق العناية.
وليت الأمر يقتصر على ذلك، بل سيمتد لما هو أبعد، فهؤلاء المتهمون، سيطالبون بالتعويض، إنه نوع من التهريج،

والاستخفاف بالشعب المصرى، أن يصبح أعضاء النظام السابق، الذين وإن تمت تبرئتهم فى تلك القضية، فهم متهمون بالفساد السياسي، الذى أضاع شعباً بكامله، وأفسد تاريخ دولة طيلة عقود، وحوّل شعبها لأفقر الشعوب، بنهبه ممتلكاتها، فلم يترك شيئا بالدولة إلا إما سرقه، أو أفسده، إن هؤلاء متهمون فى قضايا أخرى، قضايا الفساد السياسى، وأعتقد أن تلك التهم ظاهرة، ولا تحتاج أدلة، ليطمئن لها القاضى.
إننا الآن نحتاج لقرارات شجاعة من رئيس الدولة، الأول: إعادة محاكمة كل رموز النظام السابق، وبأدلة جديدة، وفتح تحقيق شامل مع كافة الأجهزة التى قصرت، أو امتنعت، أو عرقلت تقديم الأدلة مثل الشرطة والمخابرات وغيرها، والثانى: محاكمة تلك الرموز بقضايا الفساد السياسي، بإصدار تشريعى من رئيس الجمهورية فى هذا الشأن، الثالث: إقالة النائب العام، لتقصير النيابة فى تقديم الأدلة الكافية، والأخير: اللجوء إلى القرارات الاستثنائية لتحقيق العدالة فى القضايا التى يعجز فيها القضاء عن تحقيق ذلك.
إن تبرئة المتهمين فى قضية قتل المتظاهرين بموقعة الجمل، إهانة للمصريين، وإهانة لحق الشهداء، وأصبحت القضية الآن كما يقول أصحاب المتوفى " العزاء مقتصر على تشييع الجنازة".
-----------
الكاتب الصحفى والمحلل السياسى والاقتصادى
[email protected]