رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

الزراعة المصرية،من ينقذها من التدهور ؟

مصر بلداً زراعية منذو التاريخ ،وحضارتها قامت على الزراعة ،وكانت سلة غذاء لكثير من الدول والشعوب،بل كان وضع الزراعة المصرية ايام الملكية افضل بكثير من الوقت الراهن ،تتمتع بظروف مناخية متنوعة ملائمة لكثير من المحاصيل والزروع

،شمس وارض ومياة وعمالة مميزة وخبرة فلاح زراعى لا يوجد مثيله ،لديه خبرات معرفية متراكمة تضاهى خبراء الزراعة ،فماذا حدث للزراعة المصرية لكى تصل الى تدهور غير مسبوق ؟وهل هذا التدهور سوف يستمر ام هناك بالفعل خطط لانقاذ الزراعة المصرية واعادتها الى بعض ما تمتلك من مميزات تنافسية ونسبية عالميا ؟.

كانت كليات الزراعة فى مصر فى فترة من الفترات هدف للطلبة ويسعى الكثيرين للالتحاق بها ،وكان خريجى الزراعة يتمعتون بمزايا واحترام مجتمعى عال لا يقل عن كليات الطب والهندسة ، وايجاد فرصة عمل لخريجى الزراعة كان امراً سهلاً ،بل كان هناك عجزا لسد احتياجات سوق العمل من المهندسين الزراعيين،والعاملين بقطاع الزراعة ،وتمتعوا بالحصول على اجراً يفوق كليات عملية كثيره ،ومنذو بداية الثمانيات بدأت تدهور كليات الزراعة ،وقل الاقبال عليها من طلبة الثانوية العامة،وتفضيل المعاهد المتوسطة والكليات الادبية عليها ،وازداد ذلك فى خلال الخمس سنوات الاخيرة حتى اصبحت كليات الزراعة لا يصلها العدد المطلوب من الطلبة ،اى هناك نقص فى احتياجات كلية الزراعة بعكس جميع الكليات الاخرى .

ومن المتوقع اذا لم يتم معالجة الاسباب وراء تلك الظاهرة ان تنقرض كليات الزراعة خلال عشرة سنوات ،وان يكون هناك عجزاً مزمنا فى خريجيها !! فما هى اسباب عدم الاقبال على كليات الزراعة فى دولة اساساً زراعية فى المرتبة الاولى،وماذا يمكن عمله لمعالجة هذا الخلل ؟ وتتلخص اهم اسباب تلك الظاهرة فى :
1- اهمال الدولة للقطاع الزراعى،وفساد القائمين على الوزارة لعدة عقود ،مما اصاب الوزارة بالشلل،وما انتج عن ذلك من تناقص زيادة الاراضى الزراعية التى يجب ان تتزايد لتتوافق مع معدلات زيادة السكان،والاعتماد على الاستيراد بدلا من انتاج السلع الزراعية ،التى كانت مصر تتمتع بميزة نسبية وتنافسية فيها ،فاصيبت تلك المحاصيل الاستراتيجية الهامة مثل القطن بالتراجع عالمياً ،ونقصت التنافسية لبقية المحاصيل مثل البطاطس والبرتقال والبصل ،علاوة على انتشار الاوبئة والمبيدات الفاسدة ،والفساد والرشوة الذى اهلك الوزارة وبالتالى الزراعة المصرية ،وانعكس ذلك على قلة الطلب على المهندسين الزراعيين وخريجى كليات الزراعة .
2- الاهمال الشديد لنقابة المهندسين الزراعييين،وعدم قيامها بدورها الاساسى فى خدمة ورعاية اعضائها ،وذلك بسبب الفساد وعدم وجود ادارة كفىء تدير النقابة .
3-القصور الشديد فى مناهج التعليم بكليات الزراعة ،وتخلف تلك المقررات الى يرجع تدريسها الى الستينات ،وعدم كفاءة اعضاء هيئة التدريس بتلك الكليات ،انعكس على خريج مهندسين زراعيين ذو خبرة ضعيفة للغاية وعدم المقدرة على مسايرة متطلبات الممارسة الفعلية للمهندسين الزراعيين ،فعلى الرغم من ان كليات الزراعة ،عملية ،الا انها لا تقوم سوى بالتدريس وفقا لمناهج دون تدريب جاد وحقيقى على ارضية الواقع .
4- عدم تدريب المهندسين الزراعيين على ممارسة المهنة فعلياً ،بانشاء تدريب متعدد وعلى عدة مراحل ،يتعرف خلاله المهندس الزراعى على كيفية التعامل الحقيقى مع الزراعة فى الواقع .
5- عدم ايمان الفلاحيين فى مصر بدور وقدرة المهندس الزراعى وبالتالى عدم الاستعانة بهم فى الزراعة وفى الاشراف على الاراضى الزراعية ،لاعتقادهم بفقرهم العلمى لهولاء الخريجيين وعدم قدراتهم على الممارسة الفعلية ،علاوة على ان الفلاح المصرى عنيد للغاية ولا يفضل الاستعانة بغيره فى ادارة شوؤنه ،بل يعتبر نفسه لدية معلومات ومعرفة افضل بكثير من المهندس الزراعى ، وبالتالى عدم الاستعانة به .
6- السمعة السيئة للجمعيات الزراعية

والتعاونية والتى يديرها او يعمل فيها المهندسين الزراعيين ،وفساد تلك المؤسسة فى التعامل مع المزارع او فى التمويل ،انعكس على عدم الاستعانة بالمهندسين الزراعيين فى الاشراف على الاراضى الزراعية ،ومن ثم زيادة الطلب عليهم .
7- غياب مفهوم اهمية البحث العلمى ، ودور البحوث الزراعية فى تنمية قطاع الزراعة،وذلك ايضاً بسبب عدم وجود سياسية زراعية تهتم بضروريات الزراعة وما يمكن ان يقوم به المهندسين الزراعيين من تطبيق للتكنولوجيا الحديثة فى ذلك المجال ويالتالى سوف يخلق حلقة وصل بين المزارع والبحوث الزراعية مما يحدث زيادة على الاستعانة بالمهندسين الزراعيين .

ان قضية عدم الاقبال على كليات الزراعة ترتبط ارتباطاً وثيقاً ،بسوق العمل ،اى العرض والطلب على خريجى تلك الكليات ،فاذا انخفض الطلب عليهم ،قل الاقبال على تلك الكليات ،وهذا ما حدث فى مصر،واذا لم يتم معالجة تلك المشكلات السابقة والاهتمام بخريجى الكليات الزراعية ،فى بلد اساساً زراعية ،سوف يؤثر على الزراعة ككل وعلى انخفاض حاد فى عدد المهندسين الزراعيين ،وربما تنقرض كليات الزراعة فى خلال عشرة سنوات،اذا لم ينتبه المسؤلين لتلك المشكلة  وبعد قيام الثورة ، ننتظر ان يقوم على ادارة وزارة الزراعة ونقابة الزراعيين وكليات الزراعيين اشخاص مؤمنيين باهمية دور المهندس الزراعى،والاهتمام به فيمكن زيادة الاقبال على تلك الكليات وتستعيد مصر مكانتها الزراعية مرة اخرى .

الزراعة قاطرة التنمية واساس لحدوث نهضة فى مصر ،لكن يجب ان يكون القائمين على تلك الوزارة مؤمنيين بالتطور المذهل فى هذا القطاع من تقنيات حديثة فى المبيدات والتقاوى والاسمدة وطريقة الزراعة ، وتدريب والاستعانة بالخبراء ذو الخبرة من انحاء العالم للوقوف على اخر التطورات الحديثة فى الزراعة ،وتسطيع استعياب عددا من العمالة وتعتبر منتج للتجارة والصناعة .

بخصوص توزيع الاراضى على الخريجيين فهذا نفس السيناريو العقيم الذى سارت عليه الوزارة سابقا ،دون معرفة ما الاساس الذى يتم التوزيع عليه تلك الاراضى؟ ولمن ؟وهل بالفعل لا يوجد فساد كما كان ايام النظام السابق ؟ واذا تم ذلك فهل المستلمون لتلك الاراضى يستطيعون بالفعل زراعتها ام يتكرر اسلوب استلام اراضى ثم يتم تهجيرها او بيعها دون الاستفادة التى خصصت من اجلها ؟انا اطالب بوقف توزيع تلك الاراضى حتى تستقر الاوضاع فى مصر ويصبح هناك شفافية ووزارة مسؤلة يمكن محاسبتها بدلا من استغلال التوقيت فى تمرير قرارات غير واضحة المعالم .!!
[email protected]