رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

الجرعات المفقودة

بداية، أرجو ألا يعتبر البعض أن حكاية الجرعات المقصود منها المخدرات والعياذ بالله، بالرغم أننا طبقاً للتقييم العلمى والعملى شعوب مُخدرة! ولأن الموضوع يتعلق بمستقبلنا كشعوب يصنفها المتقدمون علمياً دولاً متخلفة, فالجرعات المفقودة هى المتعلقة بالثقافة السياسية ومعايير الاختيار, واقتصاديات الدول وكيفية زيادة الثروة وعدالة توزيعها, والحياة الاجتماعية والثقافية وكيفية تطويرهما, والخطاب الدينى والقيمى وكيفية ملاءمتها لظروف الزمان والمكان والمجتمع.

لقد استطاعت ثورتا 25 يناير و30 يونية المجيدتان أن تحققا أهدافهما التى تمحورت حول الإصلاحات الدستورية, لنستطيع صياغة دستور يؤسس لدولة حقيقية ونظام سياسى واقعى يلفظ الأفكار المتجمدة وعلى رأسها وجود الديكتاتور العادل والحزب الواحد.. البعض لا يعتبر أن هذا ليس كافياً وهو فى حقيقة الأمر قد لمس الخط الفاصل بين الصواب والخطأ.
لا يكفى أن تقوم بثورة أو ثورتين لتغيير النظام الحاكم ولكن لابد لمن يقدرون على الصياغة والفعل أن يغيروا منظومة النظام الذى كان حتى لا يتم استنساخه، ويبدو أن الشغل الشاغل للكثيرين هو مكافحة الإرهاب وهذا بالقطع لابد له من أن يكون على رأس القائمة, والجرعة الأمنية المقدمة هى حتى الآن على المستوى المقبول, ولكن لابد من أن هناك أشياء لا تحتمل التأخير أو الإخفاء لحين الانتهاء الأمنى من جرعاته, هناك بعد رأس الأولويات كيفية اختيار نواب الشعب والمقاييس التى لابد من أخذها فى الاعتبار وإلا صار البرلمان كسابقيه، إما من المنتفعين أو من الجهلاء المتعصبين، لم نجد من يتحدث للعامة ولا الخاصة عن مقاييس الاختيار وكأن هذه جرعة لا لزوم لها بالرغم من أن التجربة أثبتت أنها أساسية لعلاج أخطاء الاختيارات.
يبدو أن الإعلام قد انشغل فيما هو أهم ونسى أن هناك ما هو مهم أيضاً؟.. لم نجد من يتحدث عن النظم السياسية وما هو ملائم لدولة مركزية مثل مصر وما هو أفضل السبل لتحقيق الفصل بين السلطات والأهم التوازن بينها, لا يكفى أن تكتب دستوراً عصرياً بدون وضع القواعد الإجرائية لجعل هذا الفصل والتوازن واقعاً ملموساً,

وأيضاً كأن هذه الجرعة مؤجلة لحين ميسرة بالرغم من أهميتها لتصحيح الخطأ فى اتخاذ القرار سريعاً ولرقابة السلطات لبعضها البعض لتقليل الفساد؟.. هل يجب على العامة والبعض من الخاصة التغاضى عن الفهم الصحيح للعدالة الاجتماعية وأنها فى أبسط تعريفاتها «أن يعمل كل فرد بمنتهى الإخلاص والإتقان ويتكفل المجتمع بإعطائه حقوقه بدون نقصان»؟.. هل يستمر العامة والخاصة فهم العدالة الاجتماعية على أنها مجموعة من الحقوق وحسب؟.. وهل هذه الجرعة فى هذا الزمن الذى نحياه وهذه المشكلات والأمراض التى نعانيها ليس لها لزوم لنصمت ونمتنع عنها؟.. وهل هذه الهلوسة التى تدور بين المتطرفين من كل الأطياف كخطاب دينى وثقافى وقيمى لا تحتاج إلى جرعات مستمرة من الخطاب الدينى الصحيح والقيمى المستقر والثقافى الرشيد حتى تنجو العقول من آثار التغييب والتطرف والحماقة؟.. وهل ستظل العقول تفكر والحناجر تعبر عن هذا الاقتصاد الريعى والطفيلى ولا توجد جرعات منضبطة لتفعيل الاقتصاد المنتج والمثمر؟.. أين المناظرات بين أصحاب الرؤى فى الأحزاب وأين الحوارات بين أصحاب النقد والتحليل وأين الندوات لأصحاب الفكر والحلول, لا يكفى أن نجعل وقتنا الراهن ملكاً لجرعات الأمن وفقط, لا يكفى الأمن لنفوز فى المعركة المستمرة بين التخلف والتقدم, الجرعات المفقودة تجعلنا على شفا الخسارة حتى إن نجحنا أمنياً!.. يحيا الشعب المصرى حراً كريماً.


استشارى جراحة التجميل