الجرعات المفقودة
بداية، أرجو ألا يعتبر البعض أن حكاية الجرعات المقصود منها المخدرات والعياذ بالله، بالرغم أننا طبقاً للتقييم العلمى والعملى شعوب مُخدرة! ولأن الموضوع يتعلق بمستقبلنا كشعوب يصنفها المتقدمون علمياً دولاً متخلفة, فالجرعات المفقودة هى المتعلقة بالثقافة السياسية ومعايير الاختيار, واقتصاديات الدول وكيفية زيادة الثروة وعدالة توزيعها, والحياة الاجتماعية والثقافية وكيفية تطويرهما, والخطاب الدينى والقيمى وكيفية ملاءمتها لظروف الزمان والمكان والمجتمع.
لقد استطاعت ثورتا 25 يناير و30 يونية المجيدتان أن تحققا أهدافهما التى تمحورت حول الإصلاحات الدستورية, لنستطيع صياغة دستور يؤسس لدولة حقيقية ونظام سياسى واقعى يلفظ الأفكار المتجمدة وعلى رأسها وجود الديكتاتور العادل والحزب الواحد.. البعض لا يعتبر أن هذا ليس كافياً وهو فى حقيقة الأمر قد لمس الخط الفاصل بين الصواب والخطأ.
لا يكفى أن تقوم بثورة أو ثورتين لتغيير النظام الحاكم ولكن لابد لمن يقدرون على الصياغة والفعل أن يغيروا منظومة النظام الذى كان حتى لا يتم استنساخه، ويبدو أن الشغل الشاغل للكثيرين هو مكافحة الإرهاب وهذا بالقطع لابد له من أن يكون على رأس القائمة, والجرعة الأمنية المقدمة هى حتى الآن على المستوى المقبول, ولكن لابد من أن هناك أشياء لا تحتمل التأخير أو الإخفاء لحين الانتهاء الأمنى من جرعاته, هناك بعد رأس الأولويات كيفية اختيار نواب الشعب والمقاييس التى لابد من أخذها فى الاعتبار وإلا صار البرلمان كسابقيه، إما من المنتفعين أو من الجهلاء المتعصبين، لم نجد من يتحدث للعامة ولا الخاصة عن مقاييس الاختيار وكأن هذه جرعة لا لزوم لها بالرغم من أن التجربة أثبتت أنها أساسية لعلاج أخطاء الاختيارات.
يبدو أن الإعلام قد انشغل فيما هو أهم ونسى أن هناك ما هو مهم أيضاً؟.. لم نجد من يتحدث عن النظم السياسية وما هو ملائم لدولة مركزية مثل مصر وما هو أفضل السبل لتحقيق الفصل بين السلطات والأهم التوازن بينها, لا يكفى أن تكتب دستوراً عصرياً بدون وضع القواعد الإجرائية لجعل هذا الفصل والتوازن واقعاً ملموساً,
استشارى جراحة التجميل