مزايدات أصولية
لقد فعل خيراً حزب الوفد بإعلانه المستمر في جريدته الغراء أنه مع الدولة المدنية الديمقراطية وأن الشريعة الاسلامية هي المرجعية الأساسية للتشريع، الا ان ذلك قد سحب البساط من تحت أقدام البعض حيث ان مشروعهم السياسي المتاح والمباع هو المزايدة علي الشريعة الاسلامية سلباً أو ايجاباً، بل ان الذين كانوا يعترضون علي الشريعة الاسلامية كمصدر للتشريع قفزوا الي الاحتكام بها واليها، عند ذلك الحد من المواقف السياسية التي نستطيع القول ان الجميع قد اتفق علي ان المرجعية الاسلامية للتشريع هي في نطاق الدولة المدنية الحديثة والتي تعلي من قيم الديمقراطية وأن الشعب هو مصدر السلطات مما جعل التنافس علي اكتساب الود الشعبي يندرج تحت غطاء الأعمال لا الأقوال! ولأن البعض قد أدرك ان العمل السياسي يحتاج أولاً الي عمل وثانياً الي سياسة وثالثاً الي سياسيين، ولأن ثالثاً وثانياً مفقود تماماً لدي البعض من الأصوليين »ليس بالضرورة الإسلاميين بل البعض منهم علمانيين« فان المزايدة الأصولية قد أصبحت الآن علي أشدها بين الطرفين علمانيون واسلاميين! عندما يخرج علينا البعض بأن أحكام الشريعة لا تطبق وأنه الحارس الأمين علي تطبيقها فإن الموقف يزداد غموضاً وتعقيداً لدي الكثيرين حيث ان الفهم الحقيقي للشريعة اصبح مفقوداً لدي هؤلاء المدعين بأن التشريعات الاسلامية لا تطبق وهو أيضاً بالقطع مفقود لدي هؤلاء الرافضين لتطبيق التشريعة الإسلامية! ياللهول؟! عندما تقع كلمات المناطحة بين الطرفين علي الأسماع ينقسم المخ الي النقيضين حيث ان الفريق الذي يدعي انه اكثر اسلاماً من الاخرين يتعامل مع البشر علي اختيارين إما أن تكونوا ملائكة او هناك الويل والثبور وعظائم الأمور، والفريق الآخر الذي يدعي انه اكثر عقلانية وتقدمية يطالب البشر اما ان يكونوا تروساً في الماكينة خاصتهم واما الويل والثبور وعظائم الأمور ايضاً!! ونحن محشورون بين ان نكون ملائكة أو تروساً، طيب مينفعش نكون بني آدمين وبس؟؟!!! وهو ما يولد حالة من الفزع والهلع لدي البعض حيث ان المجهول اصبح السمة الغالبة،فما بين من يطالب بتفعيل التشريعات وما بين مطالب بالغائها أساساً! عند هذه الحالة من المزايدة بين الطرفين وهي مزايدة تدل علي مراهقة سياسية عند البعض أو عدم فهم عند البعض الآخر كان يجب ان نستعيد ذاكرة الكتابة لتوضيح بعض النقاط ان الشريعة الاسلامية في الحدود وغيرها تتسم بالمرونة الفائقة وعندما يحتج البعض بانها نصوص قطعية الدلالة قطعية الثبوت اعتماداً علي النص بأن »ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون« هم في الحقيقة قد تغافلوا أو غفلوا عن قوله تعالي »وما يعلم تأويله الا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا« أي أن فهمهم للنصوص حتي القطعي الدلالة قطعي الثبوت لا يمكن ان يكون مطلقاً ونهائياً، عند ذلك نستطيع تقديم دليل علي هذه المرونة في الشريعة الإسلامية احتجاجاً بما يدعونه، وهو ان قطع اليد للسارق ليس مطلقاً وهو أيضاً يحمل العفو في الآية الثانية