رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ثورة 25 يناير وليلة 25 رمضان

إنتقلت مصر بالإعلان المكمل وإعلان نتيجة إنتخابات الرئاسة من المرحلة الإنتقالية إلى المرحلة الإرتباكية.  فقد كانت مصر فى المرحلة الإنتقالية دولة مدنية يديرها مجلس عسكرى معين قد تحمل المسؤلية فى ظروف إستثنائية، وكان من الطبيعى أن تكون مرحلة مليئة بالأخطاء والعثرات والقرارات غير الصائبة، فإدارة الحياة المدنية وتعقيداتها تختلف كل الإختلاف عن الحياة العسكرية

وإدارتها ومع ذلك فإنه لابد من الإعتراف أن وجود مؤسسة الجيش بما لها من هيبة وسمعة طيبة على رأس الدولة جعل المرحلة الإنتقالية رغم ما كان فيها من صعوبات ومطبات إلا أنها لم تخرج عن السيطرة وسارت فى الإتجاه الذى حدده الشعب يوم 19 مارس 2011 فى الإستفتاء على التعديلات الدستورية.  ولكن بدلا من أن تنتهى المرحلة الإنتقالية كما هو متفق بتسليم السلطة للرئيس المنتخب جاء الإعلان المكمل قبل إعلان نتيجة إنتخابات الرئاسة دراماتيكيا وخارج عن النص وليس متسقا مع السياق العام من حيث الرغبة فى تسليم السلطة أو إنتهاء المرحلة الإنتقالية.  وبهذا ثارت الشكوك وإختلطت الأوراق فأصبح لدينا رئيس منتخب لكنه ليس السلطة الأعلى فى البلاد ولا يملك إصدار القرارات وليس كامل الصلاحيات مما جعل البعض يطلق عليه رئيس بروتوكولى أى لزوم الوجاهة والتشريفات بينما السلطة التى تملك حق الرقابة وحق التشريع وحق إصدار القرارات سلطة معينة وغير منتخبة ولم يختارها الشعب.  لم تصبح الدولة مدنية فالرئيس المنتخب لم يتسلم السلطة كاملة كما لم تصير الدولة عسكرية لأن المجلس العسكرى قد إعترف بالرئيس المدنى المنتخب وأصبح الوضع أكثر تعقيدا وأكثر ضبابية وتحولت الدولة دون قصد أو نية إلى دولة عسكنية.  والعسكنى والعسكنية كلمتان كان ينطق بهما أحد زملائنا بالخدمة العسكرية حيث كان لديه خفة ظل وروح جميلة بالإضافة للثغة وتعثر فى نطق حرف الراء فكان يستغلها لإضفاء روح البهجة والسرور حيثما حل أو كان فكنا نضحك جميعا ولانتمالك أنفسنا عندما ينطق بها ويكررها كلما سأله أحد الضباط أو الجنود عن رتبته أو إسمه فلا يقول جندى مجند قبل إسمه كالمعتاد ولكن يجيب بصوت قوى وحازم عسكنى يافندم... فيتحول الموقف إلى مشاهد كوميدية مضحكة ومتتابعة.   وكنت أظن أن العسكنية لا وجود لها إلا فى هذه اللثغة اللطيفة لزميل الخدمة العسكرية حتى رأيتها رأى العين وعشناها جميعا بعد الإعلان المكمل وإعلان الدكتور محمد مرسى رئيسا!.  ومع أن العسكنية فى لثغة زميل الجندية كانت مضحكة وجميلة إلا أنها كانت فى واقع الدولة مقلقة ومخيفة فقد أصبح الوضع معقد وغير مفهوم حتى لدى الفقهاء الدستوريين ومشايخ القانون وتضاربت الأقوال والأفعال وأصبح من الممكن إثبات الشىء وعكسه وما يقوله الفقيه الفلانى يقول

عكسه الفقيه العلانى وما ينادى به هذا الفقيه ويعتبره من حق الرئيس ينفيه آخر ويعتبره تعدى على القانون ومدنية الدولة وتفاقم الوضع وإزداد سوءا لأن السياسيين والإعلاميين والفقهاء ومشايخ القانون كانوا يتحدثون عن حلول لواقع غير الذى نعيش فيه ودولة غير الدولة التى أصبحنا فيها فهم يتحدثوا عن الدولة المدنية أو العسكرية بينما الواقع غير ذلك تماما فقد تغير الحال وحدث المحال وصارت الدولة عسكنية وهم لا يدركون ذلك!.  ووسط هذه الضبابية والسلطة الحائرة بين المجلس العسكرى والرئيس المنتخب والخوف من أن ينزلق الوضع إلا مالايحمد عقباه جاءت أحداث رفح المؤسفة لتلقى بنا فى بحر من الحزن والريبة والقلق وندرك جميعا أن مصيرنا على هذا الحال هو الضياع والغرق.  ولكن فجأة وبلا مقدمات نكتشف أن الرئيس الذى إختاره الشعب يملك من الشجاعة والموهبة مالم نتوقعه ومايجعلة قادرا على حل المعضلة وإنقاذ الدولة فقد جاءت قراراته الجريئة يوم 12 أغسطس 2012 لتجعل ليلة 25 رمضان ليلة ثورية تعانق الفيوضات الرمضانية مليئة بالفرحة والأمل ولتستعيد الثورة التى كادت تضيع قبل أن تكتمل وتعلن للجميع تشييع النظام القديم وبداية عهد جديد ودولة مدنية جديدة ولكنها تضعه فى نفس الوقت فى المواجهة مع المسؤليات الضخمة وتجعله المسؤل الأول أمام المواطن عن المطالب العاجلة بإستعادة الأمن والقضاء على البلطجة وتوفير الحاجيات اليومية والقضاء على إنقطاع الكهرباء والفوضى المرورية وهى مسؤليات تحتاج لشجاعة وإقدام لا تقل بحال من الأحوال عن شجاعة قرارات إستعادة الثورة ولا تقل أهمية فكرامة المواطن هى المقياس والركن الأهم فى قوة الدولة ومدنيتها وعلى الرئيس أن يطمئن أنه كما كان الشعب معه فى قرارات إنقاذ الدولة فلن يخذله بل وسيسانده بقوة فى قرارات إنقاذ المواطن .