رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

التفكير والإحترام فريضة وطنية

فى زمن الغوغائية وإنتشار الفضائيات وتعدد القنوات وإختلاط الأصوات والتسابق لنشر الأخبار وإثارة الجماهير وتهييج الناس وإعتبار الوطنية هى الجرأة فى السب والشتم وعدم الإحترام، وأن ضرب المسؤلين وإهانتهم فى الجنازة الوطنية للشهداء الأبطال رجولة وشجاعة وإنتقام للدم المهدر، وأن التسرع فى توجيه الإتهامات بلا دليل وقبل إتضاح الصورة ومعرفة الحقائق هو العقل والحكمة ودليل الفهم، وأن الإعتداء

على الصحفيين والكتاب هو الطريق لتغيير الأفكار والآراء، فى هذا الوقت الملىء بكل هذه السفاهات وأكثر، هل نجد من يقدرون المسؤلية ويقدرون خطورة مانحن فيه ومانحن مقبلون عليه بسبب السطحية والعشوائية وغياب الإحترام واللجاجة والفرقة وإشتداد الخصام فيسارعوا بالوقوف على ناصية الميادين والفضائيات والإزاعات والجرائد والمجلات كما وقف عملاق الأدب العربى عباس العقاد على ناصية القرن الماضى صارخا أن التفكير فريضة إسلامية فيصرخوا فينا قبل ضياع الوطن وفوات الأوان موقظين لنا جميعا ومنبهين بأن التفكير والإحترام فريضة وطنية.   إن الواجب الذى تحتمه الظروف وتقتضيه الأحوال الآن هو إحترام المنافس والمخالف والتعقل والدعوة إلى العقل وإعمال الفكر التى يجب أن يتبناها عقلاء الوطن وأبنائه المخلصين.   إن أشد ما أحزننى فى جريمة الإعتداء على جنودنا فى أحداث رفح هو المتاجرة بمصائبنا والإفطار على دم شهدائنا وأبنائنا فى رمضان!!.  فعندما ورد الخبر على وكالات الأنباء رحت أتابع الأخبار بقلق وأتقلب بين المواقع والقنوات والإزاعات محاولا أن أفهم أو أعرف شيئا يخفف ما أنا فيه من حيرة وفزع فلم أجد متابعة أوعرض للأحداث يفى بالغرض، ولكن صراخ وعويل وأصوات وإتهامات كل يدعى الفهم ويدعى الحكمة والعلم ويحاكم ويصدر الأحكام همه أن لا تفلت الفرصة من يده وأن يصفى حسابه مع الخصوم السياسيين والمخالفين فى الرأى وأن يستغل الحدث لتحقيق أقصى مايستطيع من مكاسب سياسية وجماهيرية وتوجيه أشنع الصفات والإتهامات والقضاء على الخصوم بالضربة القاضية. فإذا كان ماحدث من إعتداء يعد جريمة ضد كل القيم والأعراف فإن الأسوأ منه هو إستغلاله والمتاجرة به!!.  وغير مقبول أن يقول قائل إن المصيبة أفقدت الناس عقولهم فراحت أحاسيسهم تنزف ومشاعرهم تتالم، وذلك لأن تدمير الوطن حزنا كتدميره تعصبا وجهلا لا يقل جرما ولا يعفى من المسؤلية، ومن ناحية أخرى لأنها ليست المرة الأولى التى تتعرض فيها مصر لمثل هذه الأحداث فقد تعرضت بلادنا لما هو أشنع وأفظع فكان التكاتف والتعاضد والتوحد هو سيد الموقف.  فماذا حدث لكى يكون رد الفعل على هجوم إرهابى غادر جبان على الحدود المصرية أن تشتعل مصر من الداخل وينفرط عقدها وتفقد صوابها مما يسهل أمر هزيمتها على أعدائها، وإذا كان الأمر كذلك فعدة ضربات غادرة متفرقة أومتتالية مما لايكلف العدو شيئا يفى بالغرض

ويحقق الهدف.  إن نجاح أى دولة فى مواجهة أعدائها وتحقيق أهدافها لا يكون فقط بقوة سلاحها وأعداد شعبها أو جيشها ولكن الأهم من ذلك هو حب الوطن وصلابة المجتمع وتماسك نسيجه وتوافق أبنائه وهذا هو السلاح الرادع الذى إستخدمته مصر فى مواجهة الأعداء والمستعمرين على مر العصور.  وحروب 65 و67 و73 خير شاهد على ذلك بل إن نكسة 1967 رغم قسوتها لم تستطع النيل من صلابة المجتمع ووحدته وعزيمته.  وما قامت ثورة 25 يناير وما نجحت إلا بهذه الروح ولن تحقق الثورة أهدافها إلا بهذه الروح ولكن ما يجب أن يكون فى الحسبان حتى نتحرك بخطى ثابته للأمام هو أن الثورات تسقط الأنظمة وتهدم الأسوار وتفتح السجون وتحرر الناس والعقول لكن بناء الأوطان لايكون إلا بالتعقل والعمل والإحترام والفهم والتعاون.  فليس المهم أن يكون من نختاره هو الأفضل على الإطلاق لرئاسة الدولة والحكومة وتشكيل المجالس فيكفى أن يتوفر فى من نختاره الإخلاص والقدرة على القيام بالعمل لكن الأهم من ذلك الإتفاق على وسيلة الإختيار والتوافق على طريقة تداول السلطة وإحترام من يتولاها ومساندته لأنه لايمثل نفسه ولن ينجح وحده، فليس كل من حكموا أمريكا عظماء وليس كل من حكموا أوربا عباقرة لكن توافق الشعوب ورضاها وتعاونها مع حكامها وإحترامها لإختياراتها كان الأساس الأول للتقدم والنجاح.  إن أجمل ما فى الديمقراطية الغربية أن المعارك الإنتخابية التى يتطاير فيها شرر الأعصاب وتتصارع فيها الأحزاب والتيارات والأفكار صراعا يصل لأقصى مدى ينقلب كل ذلك بردا وسلاما وتهانى وتعاون وإحترام بمجرد إعلان نتيجة الإنتخابات.  أما عندنا فحدث ولا حرج ويكفى مانراه وما وصلنا إليه لننادى بكل قوة ونصرخ فى كل إتجاه لإحياء الفكر وإعمال العقل والتأكيد على أن التفكير والإحترام فريضة وطنية.