عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

شفيق وخورشيد باشا والمشهد الجديد القديم

فى ثورة مشابهة لثورة 25 يناير خرج الشعب المصرى سنة 1905 مطالبا بإسقاط الوالى الظالم خورشيد باشا، وكانت أياما عصيبة من الفوضى والمواجهات بين الشعب والنظام.  قدم الشعب المصرى فى تلك الثورة الكثير من التضحيات، وأصر المصريون

على إقالة خورشيد باشا وتعيين الضابط محمد على مكانه ولم يتراجعوا أمام التخويف أو المغريات حتى جاء الفرمان العثمانى بالإستجابة لثورة الشعب بإسقاط خورشيد باشا وتعيين قائد عسكره محمد على واليا على البلاد.  وهكذا نجحت الثورة ولكن سرعان ماتراجع الوالى الجديد عن وعوده للثوار وتخلص من قيادات الثورة وحول مصر إلى سلطنه يملكها هو وأبناؤه من بعده.  وكثيرا ما كنت أقول فى نفسى بأسى وحزن عندما أقرأ صفحات المعاناة والظلم والتهميش والإستعباد التى عاشها الشعب المصرى فى ظل حكم أبناء محمد على لما يقرب من 150 عاما " لقد نجحت الثورة ولم ينجح الشعب المصرى".  نعم نجحت الثورة فى إقتلاع الحاكم الظالم ولكن لم ينجح الشعب المصرى فى إقتلاع الأفكار السلبية والإعتقادات الخاطئة التى زرعوها فى نفسه، فبدلا من أن يطالب الشعب المصرى بإختيارحاكمه من بين المصريين أو على الأقل أن يكون للمصريين دور فى الحكم كان مطلبهم الوحيد بعد ماقدموه من تضحيات حتى نجحت ثورتهم أن يتولى قائد عسكر الوالى الظالم الحكم ويجلس على كرسى الرئاسة ليحقق لهم مطالبهم.  فيبدو أن سنين الظلم وبطش الظالمين والمستعمرين قد أفقدت الشعب المصرى الثقة فى نفسه حتى أنهم ظنوا أنه إما هؤلاء العسكر وقائدهم محمد على أو الفوضى وعدم الإستقرار.  ويبدوا أنهم ظنوا كما نظن الآن أنه ليس من بين المصريين الذين سجنوا وعزبوا من يصلح أو يستطيع أن يكون حاكما لهذا الوطن العظيم لأنه ليس من بينهم من كان رجل دولة أو من تدرب على أمور الحكم وممارسته.   وعندما أسمع هذا الكلام الآن ممن يريدون إنتخاب شفيق أو يساعدون على ذلك بالدعوة لمقاطعة الإنتخابات أتساءل عن فائدة التاريخ!!.  إننا نكرر نفس الخطأ بعد كل إنتصار حتى ونحن فى أوج الفرحة بنصر أكتوبر العظيم نجد الرئيس السادات رحمه الله يقول كلمته المشهورة إن 99% من اللعبة بيد أمريكا، أى أن هذا الشعب العظيم الذى عبر القناه فى أصعب الظروف وإنتصر فى أحلك الأوقات لا يملك من اللعبة غير 1% فقط ولا يستطيع أن يؤثر فى مجريات الأحداث.  وهكذا ضاعت ثمار النصر بسبب عدم الثقة فى النفس والإعتقاد بأننا غير قادرون على تحقيق ما نريد.  وهكذا حول الأعداء النصر بتدخلهم فى شؤننا إلى خراب وضياع وتأخر ومرض وجهل،  كما حول أبناء محمد على الثورة الناجحة على خورشيد باشا إلى قهر وظلم وفساد لما يقرب من قرن ونصف.  فى بداية كتاب قوة التحكم فى الذات للرائع العبقرى والمفكر العالمى العظيم الدكتور إبراهيم الفقى رحمه الله نقرأ قصة بليغة أتذكرها كلما رأيت أو سمعت من يدعوا لإنتخاب شفيق حيث قال:  عندما كان الفيل الأبيض الصغير عمره شهران وقع فى شباك الصيادين فى أفريقيا وتم بيعه لرجل ثرى يملك حديقة حيوانات متكاملة.  وأرسل المالك الثرى الفيل على الفور إلى بيته الجديد فى حديقة الحيوان بجوار بيت المالك حيث قام العمال بربط أحد أرجل الفيل بسلسلة حديدية قوية وفى نهاية هذه السلسلة وضعوا كرة كبيرة من الحديد الصلب، شعر الفيل بالغضب الشديد من جراء هذه المعاملة القاسية، وعزم على تحرير نفسه من هذا الأسر،

ولكن كلما حاول أن يتحرك ويشد السلسلة الحديدية كانت الأوجاع تزداد عليه فما كان منه بعد عدة محاولات إلا أن يتعب وينام،  وفى اليوم التالى يستيقظ ويفعل نفس الشىء لمحاولة تخليص نفسه، ولكن بلا جدوى ومع كثرة محاولاته وكثرة آلامه وفشله قرر الفيل أن يتقبل الواقع،  ولم يحاول تخليص نفسه مرة أخرى، وبذلك إستطاع المالك الثرى وعماله أن يبرمجوا الفيل على أنه غير قادر على تخليص نفسه لدرجة أنهم عندما غيروا الكرة الحديدية الكبيرة ووضعوا بدلا منها كرة صغيرة من الخشب لم يحاول الفيل الضخم تخليص نفسه نتيجه لما تبرمج عليه من أن محاولاته ستبوء بالفشل وستسبب له الآلام والجراح.  وكان كل من يسأل متعجبا عن كرة الخشب الصغيرة التى تقيد هذا الفيل الضخم الكبير لا يدرى أن الفيل قد تبرمج تماما بعدم قدرته وعدم إستخدام قوته الذاتيه.  وهكذا تلعب البرمجة الذاتيه لدى الشعوب بسبب سنين الظلم والقهر والخوف فتقتلع الثقة من النفوس حتى مع النصر،  فتجد من يتحدث عن الثوار وحق الشهداء ثم يريد مقاطعة الإنتخابات أو يدعوا لإنتخاب شفيق لأنه لا يثق فى الإخوان، ولم يعلم أن زمن الخوف قد مضى وأن ما يفعله هو الضعف والإنهيار بعينه فيبيع نجاحه بخوفه.  وتجد من يتحدث عن دم الشهداء والقصاص لهم ثم يذهب لينتخب من قتلهم وكأنه يكافىء القتلة.  وتجد من يرفض التصويت للإخوان بحجة أنه لا يريد إنتاج حزب وطنى جديد ثم يذهب لإنتخاب الحزب الوطنى القديم بل وينتخب رجل من أهم رجاله وأخلصهم للزعيم المخلوع فيعتبره مثله الأعلى.  والأغرب من ذلك أنك تجد من يقول إن السبب الرئيسى فى فساد الحاكم من كانوا حول الحاكم ثم يذهب لينتخب واحد ممن كانوا حول الحاكم الفاسد.   لقد نجحت الثورة بفضل هذا الجيل الذى لم تستطع البرمجة السلبية أن تؤثر على نفسه أو تفقده الثقة فى قدراته ومن الظلم أن يضيع هذا النصر بسبب الأجيال غير القادرة على التحرر من البرمجة السلبية والخوف بحجة المحافظة على الدولة والقضاء على الفوضى أو الخوف من الإخوان والرغبة فى الإستقرار.  أتمنى أن نقرأ التاريخ قبل أن نضع شفيق مكان خورشيد الظالم ونضيع دم وجهد وحلم الشباب الجميل.
د. حسين ياسين الجازوى
أمين عام حزب الوسط بالفيوم