شفيق وخورشيد باشا والمشهد الجديد القديم
فى ثورة مشابهة لثورة 25 يناير خرج الشعب المصرى سنة 1905 مطالبا بإسقاط الوالى الظالم خورشيد باشا، وكانت أياما عصيبة من الفوضى والمواجهات بين الشعب والنظام. قدم الشعب المصرى فى تلك الثورة الكثير من التضحيات، وأصر المصريون
على إقالة خورشيد باشا وتعيين الضابط محمد على مكانه ولم يتراجعوا أمام التخويف أو المغريات حتى جاء الفرمان العثمانى بالإستجابة لثورة الشعب بإسقاط خورشيد باشا وتعيين قائد عسكره محمد على واليا على البلاد. وهكذا نجحت الثورة ولكن سرعان ماتراجع الوالى الجديد عن وعوده للثوار وتخلص من قيادات الثورة وحول مصر إلى سلطنه يملكها هو وأبناؤه من بعده. وكثيرا ما كنت أقول فى نفسى بأسى وحزن عندما أقرأ صفحات المعاناة والظلم والتهميش والإستعباد التى عاشها الشعب المصرى فى ظل حكم أبناء محمد على لما يقرب من 150 عاما " لقد نجحت الثورة ولم ينجح الشعب المصرى". نعم نجحت الثورة فى إقتلاع الحاكم الظالم ولكن لم ينجح الشعب المصرى فى إقتلاع الأفكار السلبية والإعتقادات الخاطئة التى زرعوها فى نفسه، فبدلا من أن يطالب الشعب المصرى بإختيارحاكمه من بين المصريين أو على الأقل أن يكون للمصريين دور فى الحكم كان مطلبهم الوحيد بعد ماقدموه من تضحيات حتى نجحت ثورتهم أن يتولى قائد عسكر الوالى الظالم الحكم ويجلس على كرسى الرئاسة ليحقق لهم مطالبهم. فيبدو أن سنين الظلم وبطش الظالمين والمستعمرين قد أفقدت الشعب المصرى الثقة فى نفسه حتى أنهم ظنوا أنه إما هؤلاء العسكر وقائدهم محمد على أو الفوضى وعدم الإستقرار. ويبدوا أنهم ظنوا كما نظن الآن أنه ليس من بين المصريين الذين سجنوا وعزبوا من يصلح أو يستطيع أن يكون حاكما لهذا الوطن العظيم لأنه ليس من بينهم من كان رجل دولة أو من تدرب على أمور الحكم وممارسته. وعندما أسمع هذا الكلام الآن ممن يريدون إنتخاب شفيق أو يساعدون على ذلك بالدعوة لمقاطعة الإنتخابات أتساءل عن فائدة التاريخ!!. إننا نكرر نفس الخطأ بعد كل إنتصار حتى ونحن فى أوج الفرحة بنصر أكتوبر العظيم نجد الرئيس السادات رحمه الله يقول كلمته المشهورة إن 99% من اللعبة بيد أمريكا، أى أن هذا الشعب العظيم الذى عبر القناه فى أصعب الظروف وإنتصر فى أحلك الأوقات لا يملك من اللعبة غير 1% فقط ولا يستطيع أن يؤثر فى مجريات الأحداث. وهكذا ضاعت ثمار النصر بسبب عدم الثقة فى النفس والإعتقاد بأننا غير قادرون على تحقيق ما نريد. وهكذا حول الأعداء النصر بتدخلهم فى شؤننا إلى خراب وضياع وتأخر ومرض وجهل، كما حول أبناء محمد على الثورة الناجحة على خورشيد باشا إلى قهر وظلم وفساد لما يقرب من قرن ونصف. فى بداية كتاب قوة التحكم فى الذات للرائع العبقرى والمفكر العالمى العظيم الدكتور إبراهيم الفقى رحمه الله نقرأ قصة بليغة أتذكرها كلما رأيت أو سمعت من يدعوا لإنتخاب شفيق حيث قال: عندما كان الفيل الأبيض الصغير عمره شهران وقع فى شباك الصيادين فى أفريقيا وتم بيعه لرجل ثرى يملك حديقة حيوانات متكاملة. وأرسل المالك الثرى الفيل على الفور إلى بيته الجديد فى حديقة الحيوان بجوار بيت المالك حيث قام العمال بربط أحد أرجل الفيل بسلسلة حديدية قوية وفى نهاية هذه السلسلة وضعوا كرة كبيرة من الحديد الصلب، شعر الفيل بالغضب الشديد من جراء هذه المعاملة القاسية، وعزم على تحرير نفسه من هذا الأسر،
د. حسين ياسين الجازوى
أمين عام حزب الوسط بالفيوم