عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

مصر ومعركة نهر النيل

هناك رأى يقول بأن المولى سبحانه وتعالي خلق نهر النيل ليندفع إلى الشمال ولا يستطيع أحد إعاقة ذلك، فالقرآن الكريم يؤكد أن مصر محفوظة ومؤمنة تاريخياً, وزير الخارجية الإثيوبى أكد ذلك رداً على مخاوف المصريين من سد النهضة، يقال إن إثيوبيا تريد الكهرباء ومصر تريد الماء ولا يوجد تصادم جذرى بحيث يمكن حل الأزمة مثل أى أزمة.. ورغم عدم ثقتى فى الحكومة الإثيوبية التى تتصرف بخبث ومكر واضح تجاه مصر، حيث قامت بالإعلان عن البدء فى تحويل مجرى النيل بعد ساعات من مغادرة الرئيس مرسى إثيوبيا، إلا أننى أعتقد تماماً فى أن إرادة الله شاءت أن تجرى المياه (التى جعلها الله سبباً لكل شيء حى) متجهة لمصر بما يكفى احتياجاتها.

إلا أن هذا لا يجعلنا نعتبر الأزمة مثل غيرها، خاصة أن التاريخ يؤكد أن حكام مصر منذ الفراعنة اهتموا بالنيل لدرجة التقديس، الملكة حتشبسوت أرسلت الجيش حتى وصل الصومال والحبشة لتأمين منابع النيل، فى العصر الحديث جلس محمد على باشا على عرش مصر وسأل المحيطين به: من أين يأتى النيل؟.. فقالوا إنه ينبع من هضبة الحبشة، فأرسل الجيش بقيادة ابنه إبراهيم لتأمين المنابع، وأصر الخديو إسماعيل على أن تكون حدود مصر النهائية عند منابع النيل، وضم موانئ مصوع وزيلع وبربرة، وأصبحت الحدود المصرية تنتهى عند الصومال وتضم أجزاء كبيرة من إثيوبيا ودولة إريتريا الحالية.
وهناك رأى, ونحن معه مع قناعتنا بالرأى الأول, يشير إلي أن السيطرة على المياه فى العالم الثالث تمثل هدفاً استراتيجياً للغرب لتحويل المياه إلى سلعة ضمن اتفاقيات دولية يتم هندستها بتمويل إنشاء سدود لإعادة توزيع حصص المياه, يعنى خصخصة المياه وإنهاء سيادة هذه الدول على الأنهار.. ونتذكر هنا بالونات اختبار منذ سنوات عندما تم تركيب عدادات مياه على الترع بالريف المصرى لبيع المياه فقام الفلاحون بتحطيم العدادات لإفشال المؤامرة.
نحن لا نطالب الرئيس والجيش بإعادة حدودنا إلى ما كانت عليه، ولا نطالب بإعلان الحرب على إثيوبيا، ولكننا نطالب بعدم التفريط فى نقطة واحدة من مياه النيل وإلا سيتمادى الطرف الآخر فى سلب حقوقنا المائية مثل ما حدث من تركيا تجاه مياه سوريا والعراق, لابد من تهديد كل من يحاول العبث بمياه النيل بأنه سيتم ضرب سد النهضة كحل اضطرارى أخير وكعبرة لمن يعتبر، نؤيد توجه مصر الحالى بالتفاوض مع إثيوبيا للحفاظ على الحقوق التاريخية فى مياه النهر، أما لو فشلت كل الجهود السلمية «لا قدر الله»، فأمامنا

خطوات تدريجية بداية من التهديد بالدعم العسكرى للمعارضة الإثيوبية وكذلك إريتريا فى صراعها مع إثيوبيا، وأخيراً لا يصبح أمامنا سوى الوقوف وراء جيشنا فى القيام بتوجيه ضربة جوية لتدمير السدود التى تهدد حصتنا فى المياه.
أما من يدعمون إثيوبيا ويخططون لإلحاق الأذى بمصر وشعبها، أشير إلى ما ذكره عدد من الخبراء السياسيين والعسكريين من أن مصر يمكنها أن تجعل أمريكا وإسرائيل يعيدون حساباتهم تماماً، من خلال استخدام ورقة واحدة فقط، وهى ورقة تسليح حركة حماس وإزالة القيود المفروضة عليها فى ضرب ومهاجمة إسرائيل فى العمق، بل إن مصر بإمكانها أن تناور بورقة إيران التى تعمل لها أمريكا ألف حساب, مصر لديها الكثير من الأوراق التى يمكنها أن تجعل أعداءها يفكرون ألف مرة قبل إلحاق الأذى بها لكن بشرط أن تتماسك القوى السياسية والاجتماعية جميعاً وراء الجيش فى إطار رؤية وطنية تتعالى على الانقسامات السياسية الداخلية بهدف الدفاع عن أهم عناصر قوة مصر وهو نهر النيل, هذا النهر لا هو إخواني ولا علماني ولا إسلامي ولا نصراني ولا ليبرالي ولا غير ذلك, نهر النيل مصري وطني تاريخي حضاري.. كتبت وأكدت كثيراً أن مصر ليست مثل أى دولة, مصر مستهدفة دائماً بإعاقتها عن مشروع الاستقلال الوطنى..  وأن أى نظام حكم فى مصر ليس أمامه إلا خياران متضادان لا ثالث لهما ولا وسط بينهما, الأول.. إما الاعتماد على الشعبية الداخلية لمواجهة الاستهداف الغربى والاسرائيلى (المتصادم مع ثقافة وكرامة ومصالح شعوبنا) وإما الاعتماد على  الهيمنة الخارجية بالانبطاح لهذا الاستهداف مثلما فعل المخلوع.. وأزمة نهر النيل ستثبت ذلك وتحدد الخيار بلا لبس.
رئيس جمعية المقطم للثقافة والحوار
[email protected]