عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تحية للسيد وزير المالية

صرح السيد وزير المالية بأنه تم اعتماد منشور إعداد موازنة الدولة عن العام المالى 2015/2016 وأهم ما شد انتباهى بمضمون هذا المنشور، هو ما أقره السيد وزير المالية من إعداد موازنة الدولة كـ «بداية» لعدد 9 وزارات بأسلوب موازنة البرامج والأداء وهو ما كنت أنادى به دائماً منذ حكومة الدكتور أحمد نظيف ووزير ماليته الدكتور يوسف بطرس غالى.

وللقارئ أن يعلم أن موازنة البرامج والأداء هى المتبعة فى إعداد الموازنات الحكومية لمعظم دول العالم منذ سنين طويلة لما تحققه من حسن استخدام مواردها المالية وتعمل على خفض عجز الموازنة أو مراقبته بحيث ألا يزيد علي المعدلات المقبولة كما يكفل لها أيضاً قياس نتائج تحقيق الأهداف أو البرامج المخطط لها والمعلن عنها مسبقاً.
عندما نتحدث عن موازنة البرامج والأداء يجرنا الحديث على مدى ارتباطها باستراتيجية التنمية الشاملة للبلاد، حيث إن كل وزارة تعد موازنتها على أساس الأهداف المطلوب منها تحقيقها فى نطاق استراتيجية التنمية الشاملة القصيرة والطويلة الأجل للبلاد ومن هنا تكمن أهمية وجود استراتيجية تنموية شاملة معلنة بخططها التنموية القصيرة الأجل والطويلة الأجل.
لقد أطلقت منذ فترة سابقة مشروع كيف تحول وزارتك إلى مشروع قومى، وكنت أقصد هنا أن يكون لكل وزارة هدف مطلوب تحقيقه فى نطاق الاستراتيجية التنموية الشاملة المعلنة، ولاشك أن تطبيق إعداد موازنة الدولة أو جزء منها على أساس موازنة البرامج والأداء سوف يحقق ما ناديت به كيف تحول وزارتك إلى مشروع قومى.
حيث إن الدولة فى بداية إعداد موازنتها المالية عن العام المالى القادم 2015/2016 وعليها أن تعد الموازنة المالية بشقيها التشغيلى والاستثمارى لكافة الوزارات الـ 36 بما فى ذلك الهيئات والمؤسسات الإدارية الحكومية العامة وطبقاً لمنشور إعداد الموازنة العامة فقط تسع وزارات سيتم إعداد موازناتها بأسلوب البرامح والأداء والباقى سيتم بنفس الأسلوب التقليدى المتبع منذ سنوات وسنوات طويلة والذى فى النهاية يصدر موازنة غير معبرة عن الاستراتيجية التنموية للدولة وأقل ما توصف به وقتها أنها كشف للإيرادات والمصروفات ودائماً يصاحبه العجز السرطانى المستمر.
حسناً ما فعل السيد وزير المالية بخطوته الجريئة بطلب إعداد موازنات 9 وزارات بأسلوب موازنة البرامج والأداء وهى الوزارات التى تتمتع بوجود إيرادات ذاتية لها يمكن بسهولة فصلها عن إيرادات الدولة الشاملة من مصادرها الأخرى.
من أمثلة هذه الوزارات وزارة الصحة وتتبع وزارة الصحة كافة المستشفيات ومراكز العلاج الطبى والمؤسسات العلاجية الحكومية على مستوى الجمهورية، وعندما نطبق إعداد الموازنة لوزارة الصحة عن العام المالى 2015/2016 يطلب من وزارة الصحة إعداد برنامجها التنموى بما يحقق نشر خدماتها الصحية والعلاجية لجميع من هم على أرض هذا البلد وفى جميع أنحاء الجمهورية وهى بهذا مطلوب منها إعداد موازنة تشغيلية وموازنة استثمارية، ومن واقع هاتين الموازنتين تستطيع الوزارة تحقيق أهدافها حيث أصبح عندها رؤية تنموية مستقبلية عليها تحقيقها فى الزمن القصير وهو العام الذى يعد عنه الموازنة ورؤية طويلة الأجل وفى نهاية العام يمكن قياس تحقيق هذه النتائج وهذا أهم ما تعمل على بيانه موازنة البرامج والأداء وهو ارتباط العمل بتحقيق نتائج مخطط لها مستقبلاً يمكن قياسها فى نهاية السنة المالية.
من الأمور المهمة التى يجب ذكرها هنا موضوع الصناديق الخاصة ومدى كثرتها وعدم وجود رقابة فعالة على استخداماتها، إعداد الموازنة بأسلوب البرامج والأداء سوف يقضى على هذا الخلل فى الصناديق الخاصة، حيث إنها ستضم لموارد الوزارة وتدخل ضمن التمويل اللازم لتغطية النفقات التى تتكبدها الوزارة لتحقيق أهدافها.
ولتوضيح ذلك أكثر للقارئ عندما تعد مثلاً وزارة الصحة موازنتها المالية عن العام المالى 2015/2016 تقوم بحساب تكاليف تقديم خدماتها الصحية لكافة أفراد الشعب من خلال الهيئة العامة للتأمين الصحى والمؤسسات العلاجية الأخرى وكذلك الموازنة الاستثمارية لها من حيث ما هو مطلوب من إنشاء وحدات علاجية جديدة لنشر خدمات الرعاية الصحية على مستوى البلاد فهى أيضا تقوم بحساب الإيرادات المطلوبة لتغطية هذه النفقات وما تحتاجه لموازنتها الاستثمارية، وبالتالى يدخل ضمن إيراداتها الذاتية ما تتحصل عليه ويقيد

لحساب الصناديق الخاصة أى تصبح هذه المبالغ أحد المصادر الرئيسية لتغطية مصاريفها، وبالتالى فهى ستقلل من العجز فى موازنتها المالية والذى يجب تغطيته خصماً على الموازنة العامة للدولة بخلاف بالطبع ما تحصل عليه من إيرادات مخصصة لها طبقاً لنص الدستور المصرى والاشتراكات المحصلة من خلال التأمينات الاجتماعية.
معنى هذا أن إعداد موازنة الدولة بأسلوب موازنة البرامج والأداء ليس فقط يعمل على حسن توظيف موارد الدولة وإنما أيضاً سيعمل على خفض عجز الموازنة بقيمة مبالغ الصناديق الخاصة على مستوى الجمهورية، حيث إنه فى هذه الحالة سيتم ضمها إلى الموارد المالية الذاتية لكل وزارة وتعتبر جزءاً من مخصصاتها فى الموازنة العامة للدولة تخضع فى تعاملاتها لرقابة الجهاز المركزى للمحاسبات.
وإذا كان السيد وزير المالية صرح بأنها تجربة سيتم تطبيقها على 9 وزارات فقط فليس معنى هذا أن نترك إعداد الموازنة لباقى الوزارات عن العام المقبل ليتم إعدادها بنفس الطريق التقليدية المتبعة فى السنوات السابقة التى تعتمد أساساً على نتائج العام السابق ومن ثم افتراض معدلات تنمية يتم بها زيادة الإيرادات والمصروفات بهذه المعدلات مما ينتج عنه تضخم فى بعض بنود الصرف أو الإيراد ومن ثم تكون النتيجة موازنة غير متوازنه تحمل عبء عجز مالى مغالى فيه نتيجة الأسلوب غير العلمى المتبع فى إعداد الموازنة.
وتجنبا لذلك واستكمالاً للخطوة الجيدة التى بدأ بها السيد وزير المالية فى إعداد الموازنة المالية للعام المالى 2015/2016 على أساس موازنة البرامج والأداء لعدد 9 وزارات أطالبه بأن يطبق مبدأ أو أسلوب الموازنة الصفرية فى إعداد موازنات باقى الوزارات والمؤسسات الإدارية الحكومية الأخرى وأيضاً فى موازنة البرامج والأداء حتى نصل إلى موازنة أقرب مما تعكس الوضع الاقتصادى للدولة.
من مميزات الموازنة الصفرية أنها تعمل على تلافى التضخم فى بنود المصروفات والتى تكون منقولة للموازنة الجديدة من الموازنة السابقة وهكذا ينتقل التضخم من عام إلى آخر وبالتالى يزيد من مبلغ عجز الموازنة ولكن  تطبيق أسلوب الموازنة الصفرية يكون على أساس تجاهل نتائج العام والأعوام السابقة ويتم التقدير للعام المقبل بناء على تقديرات جديدة تتناسب مع الاحتياجات الفعلية للسنة المقبلة لتحقيق الأهداف المخطط لها وبالتالى نقضى على التضخم والمغالاة فى التقديرات التى يتأثر بها عجز الموازنة.
أى أن تطبيق مبدأ الموازنة الصفرية وموازنة البرامج والأداء سيعمل على حسن استخدام موارد الدولة والذى يؤدى إلى خفض عجز الموازنة والقضاء على منظومة الصناديق الخاصة وفى النهاية قياس نتائج الأداء وتحقيق أهداف التنمية المعلن عنها.
وهذا كله يجب أن يكون مرتبطاً باستراتيجية تنمية شاملة معلنة تعكس موازنة الدولة نتائج تحقيق خططها قصيرة الأجل.


المستشار المالى والخبير الاقتصادى
الرئيس السابق لحكومة الوفد الموازية