رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

إلى السادة وزيرى الاستثمار والتخطيط

في رسالتي الأولي الموجهة للسيد وزير المالية طرحت عليه بعض الأفكار التي يمكن مناقشتها علي نطاق أوسع مع المجموعة الاقتصادية لعلها تساعد علي الخروج من الأزمة المالية والاقتصادية التي تمر بها البلاد.

ورسالتي اليوم للسيد وزير الاستثمار والسيد وزير التخطيط والذي يقع علي عاتقهما مهمة تنمية الاستثمارات وجلب استثمارات جديدة وتهيئة مناخ الاستثمار العام بالدولة طبقاً لخطة موضوعة مسبقة مبين مدخلاتها ومخرجاتها التي تتمشي مع الاحتياجات التي تتطلبها التنمية الاقتصادية للبلاد وبما تحقق للأجيال الحالية والقادمة العيشة الكريمة دون عناء.
من قراءتي للسيرة الذاتية لكل منكما لم ألاحظ أن لكم الخبرة السابقة في مجال تنمية الاستثمار أو التخطيط الاستراتيجي للتنمية الاقتصادية، وبالتالي أصبحت مهمتكما من الصعوبة التي تحتاج إلي مجموعة متخصصة لمعاونتكما في أداء مهمتكما وبما يحقق الغرض من وجودكما علي رأس هاتين الوزارتين.
أرجو ألا يؤخذ كلامي هذا علي أنه انتقاص لما لديكما من خبرة ولكني أقصد هنا الخبرة المتميزة في مجال التخطيط الاستراتيجي والمالي لدولة تعاني من ترد اقتصادي فاحش ووضع مالي محرج، وفي حاجة إلي خبراء علي درجة كبيرة من الخبرة في كيفية التخطيط الاستراتيجي لاقتصاديات الدول التي تعاني مثل هذه المشاكل.
ولا يخفي علينا أن من أهم المشاكل التي قد تعيق أية خطوات للإصلاح المالي والاقتصادي التردي في الأوضاع الأمنية وعدم الاستقرار السياسي.
لقد عقد السيد الدكتور رئيس الوزراء مؤتمراً حول مشروع تنمية محور قناة السويس، ولقد جاء انعقاد هذا المؤتمر في وقت غير مناسب ولم يجد القبول من الشارع المصري، خاصة أنه يتحدث عن مشروع له صلة بالأمن القومي وطرحه في هذا الوقت يبين أن السيد رئيس الحكومة يحاول أن يمتص غضب الشارع مما يعانيه الشعب المصري من ارتفاع في تكاليف المعيشة مع محدودية دخولهم، ولكن الوعود بالرخاء القادم لن تؤتي ثمارها، الشعب يريد أن يشعر أن هناك مشاريع تحقق له احتياجاته الفورية وليس المستقبلية.
وعليه فإن مهمتكما هو العمل علي توجيه كافة طاقات الوزارتين للبحث عن المشاريع القائمة فعلاً، التي تعاني من مشاكل مالية أو نقص في المواد الخام أو نقص في العمالة المدربة والعمل علي حل هذه المشاكل التي تحقق للعاملين بها مطالبهم التي يعملون من أجلها.
لقد تعجبت مما أعلنه السيد وزير التخطيط أنه لن يكون هناك خصخصة لأي من شركات قطاع الأعمال العام، ومع اعتذاري للسيد وزير التخطيط هذا قرار غير مدروس، هناك شركات قطاع أعمال عام تعاني من مشاكل مالية عديدة وسوء إدارة فلماذا لا نفكر بأسلوب آخر أكثر إيجابية وهو أن يتم خصخصة هذه الشركات بعرضها فقط للمستثمرين المصريين، علي أن يكون لكل العاملين بها حصة مجانية في رأسمال الخصخصة لا تقل عن 40% «مثلاً» وتطرح باقي الأسهم بعد تقييمها للاكتتاب العام من المصريين، وبذلك نحقق للعاملين بهذه الشركات فرصة الحصول علي إيرادات من توزيعات الأرباح عن أسهمهم مع ما قد يحققونه مستقبلاً من أرباح رأسمالية ممثلة في قيمة الأسهم التي خصصت لهم مع وجود إدارة خاصة جديدة تعمل علي تعظيم حقوق الملاك لهذه الشركات وهم جميعاً مساهمون متساوون في الحقوق والالتزامات.
إن المشكلة ليست في الخصخصة حتي نرفضها ولكن المشكلة في كيفية تطبيقها بما يحفظ حقوق العاملين وأصول هذه الشركات.
مصر غنية بثرواتها الطبيعية والمعدنية وآثارها التاريخية، التي لم تستثمر حتي الآن والمطلوب أولاً أن يتم تحديد هذه الأماكن المتوافر فيها هذه الثروات وإعداد استراتيجية تهيئتها لاستقبال الاستثمارات، ويتطلب هذا أولاً تنفيذ البنية التحتية لهذه القطاعات من الدولة، ومشاريع البنية التحتية في حد ذاتها هي جزء من استراتيجية التنمية الاقتصادية للدولة من حيث ما ستحققه من توفير آلاف من فرص العمل وزيادة حصيلة ضرائب الدخل من الأرباح التي تحققها الشركات التي تقوم بأعمال تنفيذ مشاريع البنية التحتية، ومن ثم البدء في إنشاء المجمعات السكنية المتكاملة والمجمعات الصناعية والزراعية وغيرها من المجمعات المنتجة.
إن محور قناة السويس الذي يعتبره السيد الدكتور رئيس الحكومة أنه المشروع المنقذ للاقتصاد المصري، لا يمكن تنفيذه إلا إذا تمت أعمال البنية التحتية لهذا المحور وليس فقط لهذا المحور وإنما لمنطقة قناة السويس بالكامل ومدنها الثلاث.
إن مايعلن عنه يومياً عن توقيع اتفاقيات لمشاريع هنا وهناك دون أن يكون هناك أولاً خطة استراتيجية للتنمية الشاملة للدولة كل ذلك يعتبر مراوغة من الحكومة الحالية لتغطية فشلها في أداء مهامها.
نعم الشعب المصري متعطش لمشاريع جديدة حتي يجد أبناؤنا فرصة العمل والحصول علي دخل يمكنه من معيشة كان يحلم بها ولكن الوعود الجوفاء لن تشفي ظمأ هؤلاء الشباب الذي ضاعت أحلامه.
إن الاستثمار في آثارنا الفرعونية، خاصة تلك الموجودة في معارض خارج البلاد قد يحقق للدولة إيرادات تسد عجز موازنتها وتزيد وتساهم في تمويل المشاريع الاستثمارية الجديدة خاصة مشاريع البنية التحتية، ولكن الأمر يحتاج إلي من هم علي دراية ومعرفة كيف يتم استثمار هذه الآثار وتحقيق هذا الدخل الذي نتحدث عنه، إننا لسنا أقل من دولة الصين حين استخدمت الدخل من استثمار آثارها منذ ما يقرب من 25 عاماً حتي وصل اقتصادها إلي هذه الدرجة من القوة واحتلت المراكز المتقدمة بين دول العالم اقتصادياً وصناعياً.
إننا في حاجة إلي عقول لها القدرة علي الابتكار والمعرفة والبعد عن الأفكار التقليدية التي اكتسبت من العمل الحكومي الروتيني لسنين طويلة، العالم يتغير ونحن ما زلنا في عالم حفظ الأضابير، إننا في حاجة لمن يستطيع أن يصنع القرار ويتخذه وليس لمتلقي القرار وينفذه دون حتي أن يناقشه.
لقد قمت مع مجموعة من الخبراء الماليين والاقتصاديين والمهندسين في كافة المجالات وحاولنا أن نصنع شيئاً لبلدنا مصر وجاء المنتج هو خطة استراتيجية للتنمية الشاملة لمصر وكيف ستكون مصر عام 2050.
ومن واقع دراساتنا وجدنا أن مصر في حاجة إلي مشاريع بنية تحتية لكافة قطاعات التنمية ومنها سيناء بالكامل وقناة السويس ومدنها الثلاث ومشروع منخفض القطارة والساحل الشمالي الغربي وكافة محافظات الدولة، وبلغت التكلفة الأولية لهذه المشاريع المتمثلة في إمدادات مياه الشرب والري ومحطات الطاقة الكهربائية والطرق الداخلية والمحورية حوالي 85 مليار دولار أمريكي، علي أن تنفذ هذه المشاريع علي مدار ثلاث سنوات تبدأ بعدها المشاريع الاستثمارية المنتجة في كافة المجالات والقطاعات نشاطها.
قد يكون هذا المبلغ مزعجاً لمن يسمعه وإنما هي حقيقة يجب أن نعلمها، ولن تكون هناك أي مشكلة في تمويل هذه المشاريع ذاتياً دون اللجوء إلي أي مستثمر عربي أو أجنبي ولكن سيتم تمويلها كما سبق أن أشرت من استثمار آثارنا الفرعونية وكأن الله سبحانه وتعالي قد حبا مصر بهذه الآثار وحفظها لنا حتي تكون هي المنقذ لمصر الخالدة مما تعانيه من مشاكل مالية واقتصادية وتحقق لهذا الشعب الرخاء والعيشة الكريمة وتضع مصر في مقدمة الدول الصناعية والاقتصادية الكبري والشعب المصري يصبح من أغني شعوب العالم.
ومهما تحدثنا عن التنمية الاقتصادية وبرامجها يجب أن نأخذ في الاعتبار أنه لن يحدث أي تقدم، إلا إذا تم القضاء علي الانفلات الأمني وتحقق التوافق السياسي.
إن مهمتكما صعبة وتحتاج إلي جهد كبير وخبرة ومعرفة غير عادية والقدرة علي الابتكار والبعد عن الأفكار التقليدية، وإذا كنتما تدينان بالوفاء لهذا البلد ولن تجدا في أنفسكما القدرة علي أداء هذه المهمة عليكما الاعتذار عنها وتركها لمن يكون قادراً عليها.

----
الرئيس السابق لحكومة الوفد الموازية