عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

المشروع النووي في انتظار القرار

لقد وعد السيد الأستاذ الدكتور مهندس رئيس الجمهورية محمد مرسي أثناء حملته الإنتخابية  أن ملف المشروع النووي هو أول ملف علي مكتب سيادته فور توليه الرئاسة وأنه لابد من إقامة أربع محطات نووية علي الأقل بموقع الضبعة كضرورة  من ضرورات مشروع النهضة ..

وبغض النظر عن وعد السيد الرئيس, حيث الصورة أمام سيادته أشمل وأوسع من التي نراها نحن، فإن مشروع  إقامة المحطات النووية بالضبعة يحتاج إلي سرعة اتخاذ قرار لايخرج عن أحد الثلاثة بدائل الآتية:

1)  البدء في تنفيذ المشروع النووي وإقامة المحطات النووية بموقع الضبعة .
2)  نقل المشروع إلي موقع آخر خلاف موقع الضبعة .
3)  إلغاء المشروع النووي تماما وعدم العودة للتفكير فيه مرة أخري .

وفي جميع الأحوال يلزم سرعة اتخاذ القرار، أيا كان البديل الأول أم الثاني أم الثالث. لأن تأجيل اتخاذ القرار يتسبب في المزيد من إهدار المال العام والوقت والجهد ومزيد من الإحباط وفقدان الثقة والمصداقية.

فإذا كان القرار هو البديل الأول وهو البدء في تنفيذ المشروع النووي فلا يوجد مبرر لأي تأخير في إصدار القرار وخاصة أن المشروع النووي المتمثل في إقامة حتي ثماني محطات نووية بإجمالي قدرة كهربية تصل إلي 13000 ميجاوات كهرباء يتسبب في خسارة مادية حوالي 800 مليون دولار شهريا ( أي حوالي 50 مليار جنيه مصري) وكفانا أن تأخير المشروع العامين الماضيين فقط من بعد الثورة قد كلفنا خسارة حوالي 16 مليار دولار, أي ما يعادل ثمن أربع محطات نووية كالتي تعاقدت عليهما الإمارات المتحدة, وذلك فقط من فرق تكلفة الوقود النووي عن الغاز الطبيعي أو البترول. ولا أجد سببا لتأخير القرار خاصة أن هذا المشروع هو مشروع استثماري ويغطي تكاليفه خلال أربع أو خمس سنوات من تشغيله كما أنه يوفر عائدا صافيا سنويا للدولة لا يقل عن مليار دولار سنويا, علي مدي عمر المحطة النووية البالغ ستون عاما, فضلا عن نهوضه بالصناعة المحلية وجودتها وتوفير متطلبات التنمية الإقتصادية والاجتماعية من الطاقة وخاصة في ظل نضوب مصادر الطاقة من الغاز الطبيعي والبترول . وهنا يجدر الإشارة إلي أن مواصفات المحطة النووية تستلزم من المورد للمحطة النووية توفير عروضا تمويلية تغطي 85% من المكون الأجنبي و 15% من المكون المحلي وتسدد من عائد المحطة النووية بعد تشغيلها وبالتالي فإن المشروع  لن يضيف أعباءا مالية جديدة علي الدولة.

أما إذا كان القرار هو البديل الثاني فإن نقل المشروع إلي موقع آخر سيتسبب في تأخير المشروع فترة من 3-5 سنوات لعمل الدراسات اللازمة للموقع الجديد وتأهيله لإقامة المحطة النووية. وهذا البديل له سلبيات تتمثل في إهدار ما أنفق من اموال علي موقع الضبعة حتي بات الآن هو أقدم موقع علي مستوي العالم استكملت دراساته وتأهيله لإقامة المحطات النووية به ولم يتم إقامة المحطة النووية به حتي الآن . كذلك فإن تأخير المشروع لفترة 3-5 سنوات سيكلف الدولة خسارة تترواح بين 24-40 مليار دولار نتيجة فرق تكلفة الوقود النووي عن الوقود البديل من الغاز الطبيعي أو البترول . أضف إلي ذلك تكاليف ما سيتم إنفاقه علي الموقع الجديد لتأهيله لإقامة المحطات النووية به ... هذا ناهيك عن الإحتمال الكبير لرفض أهالي الموقع الجديد لإقامة المحطات النووية بأراضيهم حيث أنهم سيقولون أنه إذا كانت المحطات النووية آمنة فلماذا تم نقلها من موقع الضبعة وإن لم تكن آمنة فلماذا نقبل نحن بها في أراضينا.

     أما إذا كان القرار هو البديل الثالث وهو إلغاء المشروع النووي تماما وعدم العودة للتفكير فيه, فهنيئا لمصر باستيرادها المزيد من الغاز الطبيعي والبترول لمحطاتها التقليدية أو باستيرادهـا الكهـرباء من الإمارات المتحـدة أو أسبانيا أو تركيا كما تستـورد حاليا معظـم غذاءها وصنـاعـاتها ... وهنيـئا لمصـر بتسرب كوادرها العاملة المــدربة للعمل بالخارج ... وهنيئا لمصر أن تكون أقـل من الدول التي تمضي قدما في برامجها النووية علي

قدم وساق مثل الإمــارات المتحـدة (بها أربع محطات نـووية تحت الإنشاء) وإيـران (بها محطـة نوويـة شغـالة) والسعـودية (التـي رصـدت 100 مليـار دولار لإنشاء 16 محطة نووية) ... وهنيئا لمصر أن تتخلف عن بنجلاديش التي تمضي قدما في إقامة أول محطة نووية بها وغيرها الكثير من دول العالم . نذكر من هذه الدول الصين التي تنشئ حاليا 27 محطة نووية في آن واحد, وكوريا والهند التي تنشئ كل منها خمسة محطات نووية في آن واحد, وروسيا حيث تنشئ حاليا 10 محطات نووية في آن واحد, وغيرها العديد من الدول. حتي أن أوكرانيا (التي وقع بها حادث مفاعل تشيرنوبيل عام 1986) يوجد بها حاليا 15 محطة نووية شغالة وتبني حاليا محطتين إضافيتين.. واليابان ذاتها, التي وقع فيها حادث مفاعلات فوكوشيما, بها حالي مفاعلين تحت الإنشاء. بالإضافة إلي الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وكندا وأسبانيا والأرجنتين وليتوانيا وباكستان وكازاخستان وسلوفاكيا وهولندا وغيرها. وهناك دول مثل فرنسا تساهم الطاقة النووية بها بحوالي 80% من إجمالي إنتاج الكهرباء بأراضيها, بل هناك دول تعداد سكانها حوالي العشرة ملايين وبها العديد من المحطات النووية الشغالة مثل السويد (حوالي 9 مليون نسمة) وبها 10 مفاعلات نووية شغالة لتوليد الكهرباء وفنلندا (حوالي 5 مليون نسمة) وبها 4 مفاعلات نووية شغالة وجمهورية التشيك (حوالي 10 مليون نسمة) وبها 6 مفاعلات نووية شغالة وبلجيكا (حوالي 11 مليون نسمة) وبها 7 مفاعلات نووية شغالة.

الحسنة الوحيدة في هذا البديل الثالث, وهو إلغاء المشروع النووي تماما وعدم العودة للتفكير فيه مرة أخري, هو إيقاف إهدار المزيد من المال العام فيما لا طائل منه طالما لا يوجد نية صادقة لتنفيذ المشروع النووي. وبذلك يمكن حل هيئة المحطات النووية لتوليد الكهرباء وتوفير مرتبات العاملين بها وتوفير ما ينفق من ميزانية علي تدريب العاملـين وتأهيلهم وما ينفق علي بيت الخبرة الإستشاري.

أناشدك يا سيادة الرئيس بسرعة اتخاذ القرار أيا كان فأنا اتحدث من موقعي الفني والعلمي أما سيادتكم فلديكم الصورة كاملة ومن جميع نواحيها سياسيا واقتصاديا واستراتيجيا. وأيا كان قراركم فعلينا الالتزام به والعمل بما جار فيه ...

وفقكم الله جميعا ووفقنا لما فيه خير هذا الوطن ورفعة شأنه


كبير مفتشين بالوكالة الدولية للطاقة الذرية (سابقا)
وخبيرالشئون النووية و الطاقة
[email protected]


    كاتب المقال حاصل علي جائزة نوبل عام 2005 ضمن مفتشى الوكالة الدولية للطاقة الذرية مناصفة مع الدكتور محمد البرادعي ,مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية في ذلك الوقت, وحاصل علي جائزة الدولة التشجيعية في العلوم الهندسية عام 1986, وحاصل علي نوط الاستحقاق من الطبقة الاولي عام 1995.