عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

رسالة مفتوحة إلي السيد رئيس الجمهورية عن المشروع النووي

أكتب هذه الرسالة إلي السيد الرئيس الأستاذ الدكتور المهندس محمد مرسي بعد أن كثر اللغط حول المشروع النووي بالضبعة وبعد أن زاد الجدل حوله من أناس إما يبغون الشهرة الإعلامية علي حساب الحقائق العلمية أو يجرون وراء مصالح خاصةعلي حساب مصلحة الوطن

أو بدون قصد معتقدين في أنفسهم التفرد في العلم والخبرة أكثر من هيئات ومؤسسات بأكملها يعمل بها متخصصون في كل فروع المشروع النووي بدءا من دراسات المواقع وانتهاءا باستراتيجيات التمويل وتوفير الوقود النووي والتشغيل والصيانة والتعامل مع النفايات النووية.
في جميع البلاد المتقدمة – وأحسب مصر منهم – تكون مسئولية أي مشروع نووي منحصرة في جهتين لاثالث لهما وهما الجهة المنفذة للمشروع النووي والمشغلة له والجهة الرقابية  تقوم الجهة المنفذة والمشغلة للمشروع النووي (وفي مصر هي هيئة المحطات النووية) بالتخطيط للمشروع بعمل دراسات الجدوي ثم دراسات المواقع ثم وضع المواصفات وإعداد الكوادر وإعداد الإستراتجيات المختلفة وخطط الطوارئ الإشعاعية وخطط الإعلام الجماهيري وخطط التشغيل والصيانة وغيرها. أما الجهة الرقابية (وهي في مصر هيئة الرقابة النووية والإشعاعية وهي جهة مستقلة تابعة لرئيس الوزراء) وهي تمثل عين الشعب علي جميع المشروعات النووية والإستخدامات الإشعاعية وتراقب الأجواء المصرية والأغذية من الناحية الإشعاعية. هذه الجهة الرقابية هي المنوط بها إعطاء تراخيص صلاحية الموقع لإقامة المنشأة النووية وتعطي التراخيص الأخري في جميع مراحل إنشاء المشروع وتشغيله وحتي تكهينه.
هذه هي السياسة النووية في جميع بلدان العالم... جهة منفذة للمشروع النووي وجهة رقابية.
أما أن يقوم بين الحين والآخر كل من ليس له صفة من مدعي التخصص والمعرفة من خارج هاتين الجهتين بالحديث إلي وسائل الإعلام المرئي والمقروء والمسموع بما يثير الفتنة والبلبلة وذلك بغير علم ولاتمحيص وبدون الرجوع إلي أي من الجهتين المعنيتين فهذه هي الفوضي بعينها وهي التي تؤدي إلي تأجيج الشعور المضاد للمشروع النووي دون أي أساس علمي أو موضوعي.
وكخبير للشئون النووية والطاقة وكبير مفتشين بالوكالة الدولية للطاقة الذرية سابقا ولفترة حوالي العشرين عاما مما أتاح لي التفتيش علي المئات من المنشآت النووية من مفاعلات نووية ومنشآت تصنيع الوقود النووي ومعالجة الوقود المستعمل وتخزين النفايات النووية وإثراء اليورانيوم ومراكز الأبحاث النووية وغيرها وكحاصل علي جائزة نوبل ضمن مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية مناصفة مع الدكتور محمد البرادعي عام 2005 وكحاصل علي وسام الإستحقاق من الطبقة الأولي عام 1995 وكحاصل علي جائزة الدولة النشجيعية في العلوم الهندسية عام 1986 ومن منطلق عملي السابق بهيئة المحطات النووية في الثمانينات وأول التسعينات ومن منطلق خبرتي في التدريس بالجامعات والإشراف علي العديد من رسائل الماجستير والدكتوراة ونشر العشرات من الأبحاث العلمية والمشاركة في العشرات من المؤتمرات العلميةداخل البلاد وخارجها وكمهندس إستشاري في جدوي محطات القوي الكهربية ومنها النووية, أسوق هذه النقاط إلي سيادة الرئيس لعلها تكون شموعا مضاءة في نفق مظلم:
1. الطاقة الشمسية  وطاقة الرياح وغيرهما من الطاقات المتجددة لا يمكن ان تكون بديلا عن الطاقة النووية. وبدون الدخول في تفاصيل فنية دعونا ننظر علي سبيل المثال إلي الصين. الصين لديها ثالث احتياطي فحم علي مستوي العالم كما لديها أكبر محطات مساقط مائية علي مستوي العالم وكذلك لديها مساحات شاشعة تصلح لمحطات قوي كهربية تعمل بالطاقة الشمسية, وخاصة أن بها متوسط سطوع شمسي أعلي من مصر في العديد من المواقع, كما لديها محطات رياح من أكبر المحطات علي مستوي العالم. ومع ذلك فإن الصين لديها 16 محطة نووية شغالة وتنشيء حاليا 26 محطة نووية في آن واحد ... ومنها نصل إلي خلاصة القول أنه لابد من الإعتماد علي الطاقة النووية في إنتاج الكهرباء مدعومة بمحطات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وجميع مصادر الطاقة المتجددة الأخري. وهذا يحقق تنويع مصادر الطاقة وتأمينها وهي سياسة إنتاج الكهرباء التي تتبعها كل دول العالم.
2. .إستخدام الطاقة الشمسية, وغيرها من مصادر الطاقة المتجددة, يكون مفيدا لتغطية الإحتياجات الكهربية للمدن الجديدة والمناطق النائية وغير المأهولة بالسكان أو أعمدة الإنارة العامة أو تغطية الإحتياجات الكهربية المنزلية أو للنوادي ومراكز الشباب والمباني العامة وذلك عن طريق تجهيز أسطح هذه المباني بالمرايا الشمسية وإنتاج الكهرباء مباشرة بالطريقة المعروفة بإسم الطريقة الفوتوفولتية.
3. إستخدام الطاقة النووية في مصر لإنتاج الكهرباء بات مسألة حياة أوموت نظرا لمحدودية مصادر الطاقة التقليدية في مصر
4. القول أن العالم يفكك مفاعلاته غير صحيح وليست ألمانيا أو سويسرا أو أيطاليا مثالا لجميع دول العالم. فها هي الصين تبني 26 محطة نووية في آن واحد, وروسيا تبني  16محطة نووية في آن واحد, والهند بها 7 محطات نووية تحت الإنشاء في آن واحد, وكوريا الجنوبية تبني 3 محطات نووية في آن واحد, أما اليابان وسلوفاكيا وأوكرانيا وباكستان فلدي كل منهم محطتين نوويتين تحت الإنشاء, كما أن الأرجنتين والبرازيل وفنلندا وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية بكل منهم محطة نووية تحت الإنشاء. بل هناك دول تعداد سكانها في حدود العشرة ملايين ومع ذلك بها العديد من المحطات النووية الشغالة مثل السويد (حوالي 9 مليون نسمة) وبها 10 مفاعلات نووية شغالة لتوليد الكهرباء, وفنلندا (حوالي 5 مليون نسمة) وبها 4 مفاعلات نووية شغالة وواحدة أخري تحت الإنشاء, وجمهورية التشيك (حوالي 10 مليون نسمة) وبها 6 مفاعلات نووية شغالة, وبلجيكا (حوالي 11 مليون نسمة) وبها 7 مفاعلات نووية شغالة. وهاهي أوكرانيا (التي وقع بها حادث مفاعل تشيرنوبيل عام 1986) يوجد بها 15 محطة نووية شغالة وتبني حاليا محطتين إضافيتين. وهذه البيانات طبقا لإحصائيات الوكالة الدولية للطاقة الذرية حتي أول أغسطس من العام الحالي (2012). كما أن إيران بدأت العام الماضي تشغيل أول محطة نووية بها والإمارات بدأت في إنشاء أربع محطات نووية بها وستدخل التشغيل تباعا بدءا من عام 2017, وستتعاقد علي أربع أخري تالية. وهاهي السعودية تعلن عزمها إنشاء 16 محطة نووية علي أراضيها ورصدت لها 100 ألف مليون دولار وعلي ان يبدأ تشغيل أول محطتين في خلال عشر سنوات ويستكمل تشغيل جميع المحطات بحلول عام .2030 وغيرهم العديد من دول العالم
5. إذا كانت المحطة النووية الأولي ستكون بنظام تسليم المفتاح فليس معني ذلك التبعية للدول الأجنبية. فالخطة موضوعة لتحقيق نسبة مشاركة محلية وصناعات وطنية بنسبة لا تقل عن 20% في المحطة الأولي وتزيد هذه النسبة تدريجيا في المحطات النووية التالية وصولا إلي هدف تصنيع المحطة النووية بالكامل محليا. وهذه الخطة ليست ابتداعا وإنما هي ذات السياسة التي اتبعتها فرنسا واليابان وكوريا والهند وغيرها وجميعها تصنع مفاعلاتها الآن بالكامل... كما نخطط مستقبلا لإمكانية التصنيع المحلي للوقود النووي وخاصة ان لدينا إحتياطيات مناسبة من خامات اليورانيوم اللازمة للمشروع النووي.
6. القول أن المحطة النووية ستكون هدفا سهلا للقصف العسكري قول غير سليم وغير منطقي ولا يجب التعويل عليه وإلا ما بنينا السد العالي ولا أي مشروعات صناعية عملاقة. كما أن هذه المحطات النووية ستخضع للتفتيش النووي الدولي وبما يضمن الاستخدامات السلمية لها وبالتالي فلن تكون هناك أي ذريعة لأي دولة أجنبية بالإقدام علي قصفها عسكريا. ومع ذلك فإن تصميم المحطة النووية يمنع تسرب أي مواد مشعة للبيئة الخارجية في حالة تعرض المحطة للقصف العسكري المتعمد أو عن طريق الخطأ.
7. لا محل لتخوف البعض من أي تسريبات إشعاعية من المحطة النووية وقولهم أن الرياح ستنشر هذه التسريبات الإشعاعية لتغطي الدلتا والقاهرة وتعرض جميع سكانها للإخطار الإشعاعية والأمراض السرطانية ,وبدون الدخول في مناقشات علمية ليس هذا محلها, دعونا ننظر إلي خريطة المحطات النووية الشغالة في فرنسا, وعددها 58 محطة نووية, وكيف أنها منتشرة حول العاصمة باريس ومن جميع الاتجاهات بل وعلي أنهار المياه العذبة. فهل فرنسا ليست حريصة علي صحة شعبها أو علي أمان الباريسيين. ولننظر أيضا إلي المحطات النووية في الولايات المتحدة

الامريكية, وعددها 104 محطة نووية شغالة, ومنتشرة حول مدينة نيويورك والعديد من المدن الأمريكية ومن جميع الإتجاهات. فلماذا الأمريكان لايخافون التسريبات الإشعاعية من هذه المحطات النووية وهم يتعايشون حولها منذ عشرات السنين.
8. تمويل المحطة النووية لا يشكل أي أعباء مالية علي الدولة أوعلي الإقتصاد المصري, بل العكس سيجلب استثمارات جديدة للدولة  فالشركات الموردة للمحطة النووية ملتزمة بتقديم عروض تمويلية للمحطة تغطي 85% من المكون الأجنبي و15% من المكون المحلي وتسدد هذه القروض من العائد الذي توفره المحطة النووية خلال فترة تشغيلها حيث أن المحطة النووية الواحدة توفر سنويا حوالي مليار دولار فقط من فرق تكلفة الوقود النووي عن وقود الغاز الطبيعي أو البترول وبذلك تغطي المحطة النووية تكاليفها في خلال أربع أو خمس سنوات من تشغيلها وبقية فترة تشغيلها (العمر الإفتراضي لها 60 عاما خلافا لمحطات الطاقة الشمسية التي لايتعدي عمرها الافتراضي حاليا 25عاما) تكون وفرا صافيا للدولة
9. الكوادر المدربة متوفرة بمصر, ويجري توفير برامج تدريبية مستمرة لهذه الكوادر, غير أن التدريب التخصصي علي إنشاء المحطة النووية وتشغيلها وصيانتها فقد تضمنته مواصفات المحطة النووية ويلتزم به المورد للمحطة النووية، حيث يلزم توفير هذا التدريب التخصصي علي المحطة النووية المعنية والتي يتم التعاقد عليها.
10. أن أي اكتشافات جديدة, متوقعة, للغاز الطبيعي يمكن توفير استثمارها للأجيال القادمة أوترشيد استخدامها لأغراض التسخين أوللصناعات البتروكيماوية أو لوقود السيارات أولأغراض التصدير. فيجب ألا يثنينا ذلك عن المشروع النووي. ولنأخذ روسيا مثالا, وبها أكبر احتياطي غاز طبيعي في العالم, ومع ذلك لديها 33 محطة نووية شغالة كما تبني حاليا 16 محطة نووية في آن واحد، كذلك الإمارات المتحدة, وهي ثالث دولة علي مستوي العالم في احتياطي الغاز الطبيعي, فقد بدأت بالفعل في إنشاء أول محطة نووية بها. وذلك منذ شهرين مضت وهي إحدي أربع محطات نووية تم التعاقد علي إقامتها في الإمارات وجاري التعاقد علي أربع محطات نووية أخري
11. أن هذا المشروع سيؤدي إلي طفرة في التنمية الإجتماعية والإقتصادية, وفي إدخال صناعات جديدة ورفع جودة الصناعة المحلية. وفي تشغيل الآلاف من العمالة المصرية المدربة, بالإضافة إلي إمكان استخدام المحطات النووية مستقبلا في تحلية مياه البحر.
12. أن أول المنتفعين من المشروع النووي هم أهل الضبعة وما حولها حيث سيوفر فرص عمل متميزة ومراكز تدريب ومستشفيات ومياه وكهرباء ومراكز شباب وأسواق تجارية ضخمة ومدارس وجامعات وغيرها.
13. أن هذا المشروع سيكون مزارا سياحيا للعديد من شرائح المجتمع المصري والعربي والأفريقي ومثالا علي ذلك ما يحدث في جمهورية التشيك وأوكرانيا والنمسا واليابان وحتي ألمانيا.
14. ليس هناك أي مبرر للتخوفات من الإشعاعات النووية المنبعثة من تشغيل المحطات النووية فهي تقل عن المتوسط العالمي للإشعاع في الطبيعة بمقدار أكثر من عشرة آلاف مرة بل وتقل مائة مرة عن الإشعاعات النووية المنبعثة من تشغيل المحطات المدارة بالفحم.
15. نقل المشروع من موقع الضبعة يعني قتل المشروع نهائيا لخمسة أسباب أولها ماالذي يضمن قبول أهالي الموقع الجديد بإقامة المشروع علي أراضيهم لأنهم سيتساءلون لو المشروع آمنا فلم تقرر نقله من الضبعة وإذا كان غير آمن فلم يقبلون إقامته بأراضيهم. وثانيها فقدان ثقة الشركات الموردة والوكالة الدولية للطاقة الذرية في جدية مصر في إقامة المحطات النووية وخاصة في ظل ثلاثة محاولات فاشلة سابقة وثالثها خسارة جميع الأموال التي تم صرفها علي موقع الضبعة بالإضافة إلي نفقات تأهيل الموقع الجديد ورابعها تأخير المشروع (المتمثل في إقامة ثماني محطات نووية) لفترة حوالي أربع سنوات مما يسبب خسارة أكثر من 32 مليار دولار فقط من فارق تكلفة الوقود النووي عن الوقود التقليدي وخامسها تسرب المزيد من الكوادر المصرية المتخصصة للعمل بالخارج.
وعليه نناشد السيد رئيس الجمهورية بالآتي:
1. سرعة إتخاذ قرار البدء في تنفيذ المشروع النووي المصري وخاصة أن المواصفات جاهزه للطرح فورا وبعد أن تم الإنتهاء من تحديثها على ضوء الدروس المستفادة من حادث زلزال تسونامي اليابان كما تم مراجعتها بواسطة المكتب الإستشاري وورلي بارسونز وبواسطة خبراء الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالإضافة إلى مراجعتها من قبل اللجنة التي تم تشكيلها من الخبراء المصريين في التكنولوجيا النووية وجميع فروع الجيولوجيا والمياه الجوفية والتيارات البحرية والزلازل والأرصاد الجوية وغيرها من مجالات دراسات المواقع.
2. سرعة اتخاذ الإجراءات اللازمة لإخلاء موقع الضبعة المخصص بالقرار الجمهوري الصادر عام 1981 وإزالة جميع التعديات عليه وإنهاء جميع الأنشطة به وخاصة أنشطة المحاجر التي تضر بصلاحية الموقع ضررا بالغا.
3. سرعة النظر في طلبات أهالي الضبعة وصرف التعويضات المناسبة لهم بلا إفراط أوتفريط وذلك توفيرا لحسن الجوار ولضمان تعاونهم الكامل مع هيئة المحطات النووية في إقامة المشروع النووي القومي.
4. تخصيص مساحات وقت كافية بالقنوات الإعلامية المختلفة, من صحافة وتليفزيون  وإذاعة وغيرها, لتوعية الجماهير بالطاقة النووية ومدى أمنها وأمان تشغيلها ومدى الفائدة التي ستعود على الإقتصاد القومي من تنفيذ مشروع المحطات النووية في مصر لإنتاج الكهرباء بالإضافة إلي تحلية مياه البحر مستقبلا.
5. حظر حديث غير العاملين بالجهة المنفذة والعاملين بالجهة الرقابية عن المشروع النووي المصري ومحاسبة مروجي الإشاعات ومثيري الفتن حول المشروع النووي بالضبعة

خبير الشئون النووية و الطاقة
كبير مفتشين بالوكالة الدولية للطاقة الذرية (سابقا)
[email protected]