رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

دعوة الرؤساء المرشحين للرئاسة إلي تبني المشروع النووي بالضبعة

تباينت مواقف الرؤساء المرشحين من مشروع المحطة النووية بالضبعة فمنهم من أغفل التعرض لمسالة الطاقة كلية ومنهم من أدلي دلوه وقرر تغطية الإحتياجات المستقبلية من الطاقة معتمدا فقط علي استخدام الطاقة الشمسية

ولم يسعوا للأسف إلي إستشارة خبراء تخطيط الطاقة في مصر ودون حتي الإشارة إلي أن قرارهم النهائي سيكون متمشيا مع توصيات خبراء تخطيط الطاقة في مصر وخبراء الطاقة النووية وخبراء الطاقة المتجددة وطبقا لما يقرره المجلس الأعلي للطاقة والمجلس الأعلي للاستخدامات السلمية للطاقة النووية .

ورغم تصوري معرفة الجميع بحاجة مصر المتزايدة من الطاقة لتحقيق التنمية الأقتصادية والإجتماعية المنشودة ولتحلية مياه البحر وأتصور معرفتهم بمحدودية مصادر الطاقة من الغاز الطبيعي والبترول في مصر، إلا أن الرؤساء المرشحين اختلفوا بخصوص وسيلة توفير هذه الطاقة كما أن معظهم لم يتناول هذه القضيةالهامة بالإستفاضة اللازمة والمنهجية العلمية المطلوبة .

فها هو الأستاذ/ أبوالعز الحريري والفريق حسام خير الله والأستاذ /خالد علي والأستاذ/ حمدين صباحي والدكتور/ عبدالمنعم أبوالفتوح والدكتور/ محمد سليم العوا جميعهم يتحدثون عن الطاقة الشمسية وكأنها هي المنقذ لمشكلة الطاقة في مصر ولم يذكروا علي الإطلاق أهمية الطاقة النووية في إنتاج الكهرباء بل ولم يذكروا إطلاقا المشروع النووي بالضبعة وكأنه أصبح نسيا منسيا. وإليهم أود الإشارة أن أي دولة في العالم, بما فيها دول  معدل سطوع الشمس بها مثل مصر أو أفضل, لابد أن توفر لديها محطات طاقة أساسية ( أي تعتمد علي الطاقة النووية أو الفحم أو المساقط المائية أو الغاز الطبيعي أو البترول) وتدعمها فقط بالطاقة الشمسية وطاقة الرياح وأنواع الطاقة المتجددة الأخري. لقد فاتهم أن إستخدام الطاقة النووية في مصر ضرورة حتمية بالإضافة إلي تشجيع إستخدام مصادر الطاقة المتجددة ومنها الشمس والريح. و فاتهم أنه لا يمكن من الناحية الفنية والأمنية والإقتصادية الإعتماد فقط علي طاقة الشمس والرياح أو أي من مصادر الطاقة المتجددة  لتوفيرسنويا حوالي 3000 ميجاوات كهرباء إضافية. فاتهم أن دولة مثل الصين ، رغم أنها ثالث دولة علي مستوى العالم في إحتياطي الفحم وبها أكبر محطة طاقة رياح علي مستوى العالم وتبني أكبر محطة كهرباء علي مستوي العالم باستخدام مساقط المياه ولديها محطات طاقة شمسيـة ،  ومع ذلك تبني 26 محطــة نووية لتـوليد الكهرباء في آن واحد .... فاتهم أن الولايات المتحدة الأمريكية بها أكبر إحتياطي فحم علي مستوى العالم ومع ذلك بها 104 محطة نووية شغالة لإنتاج الكهرباء وما زالت تبني المزيد ... فاتهم أن روسيا بها علي مستوي العالم ثاني إحتياطي فحم وأول إحتياطي غاز طبيعي ومع ذلك تبني حاليا عشر محطات نووية في آن واحد ... تناسوا أن السويد بها مساقط مائية يمكن باستغلالها توفير جميع احتياجات السويد من الكهرباء ومع ذلك تغطي الطاقة النووية بها 50% من احتياجاتها الكهربية والأمثلة كثيرة

وهناك مرشحون رئاسة آخرون لم يذكروا موضوع الطاقة إطلاقا في برامجهم الانتخابية, علي قدر علمي, وكأن كل ما يبغونه من تنمية إجتماعية وإقتصادية ليست بحاجة علي الإطلاق إلي المزيد من الطاقة ومن هؤلاء الرؤساء المرشحون الدكتور/ عبدالله الأشعل والدكتور/ محمد فوزي عيسي والسيد محمود حسام والمستشار هشام البسطويسي .

والعجيب أن الدكتور مهندس/ محمد مرسي أشار في برنامجه تحت عنوان "قطاع الكهرباء (الطاقةالمتجددة والتقليدية)" إلي حاجة مصر إلي توفير حوالي 2000 ميجاوات كهرباء سنويا غير أنه لم يذكر صراحة الطاقة النووية لإنتاج الكهرباء رغم علمي أنه يؤيد استخدام الطاقة النووية لتوفير الإحتياجات المتزايدة من الطاقة الكهربية. والعجيب أنه رغم أن الدكتور محمد مرسي هو رئيس حزب الحرية ةالعدالة, الذي يمثل الأغلبية في مجلس الشعب, إلا أنه لم يعلن عن أي تحرك في مجلس الشعب نحو إتخاذ قرار يوصي بسرعة البدأ في تنفيذ المشروع أو علي الأقل يوصي بالتحرك لإزالة التعديات علي موقع الضبعة ومحاسبة المسئولين عن سلب ونهب وتدمير أجهزة ومعدات ومنشآت الموقع والإستيلاء علي الأرض وخلق واقعا جديدا عليه, وكذلك محاسبة الذبن تسببوا في إثارة أهل الضبعة ضد المشروع النووي بترويج المعلومات المغلوطة. إن المشروع, الذي يشمل إقامة مجطات نووية تصل إلي  8 محطات, يتسبب تأخيره في خسارة مادية تصل إلي مليار دولار أمريكي شهريا, أي مع طلعة كل شهر تأخير تخسر مصر حوالي 6 مليار جنيه مصري بدون حساب الخسائر الأخري الناجمة عن تصاعد الأسعار وعن المزيد من إستنزاف للغاز الطبيعي والبترول. أعجب كيف ينام من عليهم إتخاذ القرار وهم يعلمون أنه مع كل صباح تخسر مصر حوالي 200 مليون جنيه بسبب تأخير تنفيذ المشروع ليوم واحد.
أما الفريق أحمد شفيق فقد أبدي تأييده للطاقة النووية في إنتاج الكهرباء وكذلك السيد/ عمرو موسي. وكلاهما أبدي تفهما كاملا للمشروع النووي وأهميته في توفير الطاقة اللازمة للتنمية الأجتماعية والأقتصادية غير أنهما لم يفصحا عن الخطوات اللازمة لتحقيق ذلك, وإن كان عمرو موسي تناول الموضوع بصورة أشمل وأكثر تحديدا حيث أعلن في برنامجه ما نصه:
" بات وضع استراتيجية جديدة لضمان أمن الطاقة المصري أمراً ملحاً، كهدف في حد ذاته، وكضمانة لا غني عنها لاستمرارية جهود التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وهو ما يطرح برنامجي الانتخابي معالمه الرئيسية استناداً إلى المحاور التالية: إعطاء إشارة البدء للبرنامج النووي السلمي المصري، والذي أصبح في رأيي ضرورة أمن قومي، أخذاً في الاعتبار الحاجة الملحة لتأمين احتياجات مصر المستقبلية المتزايدة من الطاقة – ولتحلية المياه – بفعل الزيادة السكانية وتسارع معدلات التنمية الاقتصادية، ولكن أيضاً – وعلى نفس القدر من الأهمية – كأحد ركائز تحول المجتمع المصري إلى مجتمع للعلم والمعرفة المعتمدة على البحث العلمي المتقدم. وتعظيم تنافسية الاقتصاد المصري على قاعدة من تحويل البحث العلمي إلى تطبيقات عملية في كافة القطاعات الاقتصادية، وعلى رأسها الزراعة والصناعة والتعدين، وفي إيجاد حلول مبتكرة للتحديات التنموية الضخمة التي تواجه مصر. في هذا الصدد، أرى ضرورة:
1. الإصلاح المؤسسي الشامل، بفصل هيئة الطاقة الذرية، وغيرها من مؤسسات المنظومة النووية المصرية عن وزارة الكهرباء، ونقل تبعيتها لرئيس الجمهورية مباشرة.
2. المراجعة الشاملة للبنية التشريعية المنظمة للأنشطة النووية في مصر، وعلى رأسها القانون رقم 288 لعام 1957 والقانون رقم 7 لعام 2010.
3.وضع استراتيجية شاملة لتطوير الاستخدام السلمي للطاقة النووية لأغراض تأمين الطاقة وتوليد الكهرباء، وصولاً بمساهمة القطاع إلى 25% بحلول عام 2025.
4.إعطاء إشارة البدء وتفعيل الخطوات التنفيذية لمشروع الضبعة دون مزيد من التأخير أو التلكؤ، مع إعطاء الأولوية المطلقة لاعتبارات الأمان النووي.)"
وعليه أدعوا, كخبير في الشئون النووية والطاقة وكاستشاري في جدوي محطات القوي الكهربية, الرؤساء المرشحين للرئاسة إلي التيقن أنه لامخرج من أزمة الطاقة والمياه في مصر دون تبني استراتيجية إستخدام الطاقة النووية (وعلي رأسها المشروع النووي بالضبعة) مدعومة بتشجيع استخدام الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة الجوف أرضية وغيرها من مصادر الطاقة المتجددة.
ومن المفيد هنا الإشارة إلي توصيات ندوة " الطاقة النووية في اطار رؤية متكاملة لمنظومة الطاقة في مصر ومدي صلاحية موقع الضبعة"، والتي عقدت يوم الثلاثاء الموافق  4 ابريل 2012، بمقر جمعية المهندسين المصريين وبتنظيم من الجمعية ومن نقابة المهن الهندسية.ومنتدي الهندسة الإستشارية وشارك فيها الدكتورمهندس ماجد خلوصي نقيب المهندسين و الدكتورمهندس محمد شاكر وكيل أول النقابة ونخبة

من المسئولين عن تخطيط الطاقة في مصر ومن المتخصصين في الطاقة النووية وفي الطاقة المتجددة بالوزارات والجامعات ومراكز البحوث, والتي شرفت بالمشاركة في أعمالها, وذلك عسي أن يجد الرؤساء المرشحون الوقت الكافي للإطلاع عليها وتضمينها في خططهم وبرامجهم.. فقد أنتهت الندوة إلى توصيات عديدة أهمها:- 
1. التوسع فى بدائل الإمداد بالطاقة باستخدام الطاقة النووية والطاقة المتجددة للحفاظ على موارد الطاقة البترولية (الزيت والغاز الطبيعي) وترشيد استخدامها كمواد خام لصناعات البتروكيماويات وصناعات أخرى.
2. حتمية دخول مصر فى برنامج متواصل لبناء محطات نووية لتوليد الكهرباء وتحلية المياه حيث أن ذلك يمثل قضية حياة أو موت ويعتبر ضرورة ملحة للحفاظ على استمرار عجلة النمو الاقتصادي والاجتماعي والحفاظ على حق الجيل الحالي والأجيال القادمة فى الحصول على الحد الأدنى مما يلزمهم من طاقة ومياه.
3. أهمية تطوير البحوث التي تهدف إلى تطوير تكنولوجيات الطاقة المتجددة والأنظمة المصاحبة لها لزيادة قدرتها التنافسية وخفض تكلفتها.
4. الإسراع باتخاذ القرار ببدء تنفيذ المشروع النووي المصري في موقع الضبعة المخصص بالقرار الجمهوري الصادر عام 1981، والذي أجريت عليه دراسات مستفيضة منذ أواخر السبعينيات ولمدة ثلاثين عاما أكدت جميعها صلاحيته لإنشاء وتشغيل محطات نووية (تصل إلي ثماني محطات نووية) مع توافر كافة عناصر الأمان للإنشاء والتشغيل العادي وأثناء الحوادث مع الحفاظ علي سلامة البيئة ومكوناتها.
5. ضرورة التعامل مع المشروع النووي المصري كمشروع قومي إستراتيجي وحيوي لأغراض التنمية الاقتصادية والاجتماعية والتكنولوجية والإستراتيجية علما أن المشروع لا يكلف الدولة أعباءا مالية إضافية ويغطي تكاليفه من الوفر الاقتصادي الذي يحققه خلال خمس أم ست سنوات فقط من عمرتشغيل المحطة النووية البالغ ستون عاما.
6. التصدي للإعتداءات على موقع مشروع المحطة النووية بالضبعة الذي أدى إلى تدمير كل الأجهزة والمنظومات والمنشآت بداخله، وضرورة إخلاء الموقع من كل التواجدات والإشغالات غير القانونية، وتحديد المحركين الأساسيين لهذه الاعتداءات والتعامل معهم بكل حزم، وفي ذات الوقت يجب تفهم المعاناة الحقيقية لأهالي مدينة الضبعة والتعاطف معهم والعمل على حل مشاكلهم ليس فقط لضمان جيرة طيبة مع المحطة النووية، ولكن أساسا لتحقيق العدل وهو أحد الأهداف الرئيسية لثورتنا، وفي هذا الإطار يجب:
• النظر في تعويض أهالي الضبعة الذين كانوا يقيمون بالموقع بقيمة تعادل قيمة المقابل المالي لواضعي اليد الذي حصل عليه جيرانهم عام 1981 مع فوائدها حتى عام 2011
• بحث تقديم حوافز خاصة لأهالي الضبعة مثل: استفادة الأهالي من منتجات المحطة النووية (مياه و/أو كهرباء) بأسعار منخفضة بعد انتهاء المشروع، وأن يحصلوا من الآن على الكهرباء بأسعار تفضيلية وإعطاء الأولوية في التعيينات بالمحطة النووية لأهالي الضبعة إذا ما توافرت فيهم المؤهلات المطلوبة، وغيرها.
7. ضرورة الإهتمام بالإعلام الجماهيري بالقضايا المتعلقة بالطاقة النووية واستخداماتها الفعالة في توليد الكهرباء وتحلية مياه البحر، لتوضيح الحقائق وإزالة و تقليل المخاوف المرتبطة بها.
8.  تبنى منهجية للتخطيط المتكامل للطاقة فى مصر وإعداد إستراتيجية وطنية متكاملة للطاقة يتم ترجمتها إلى خطط زمنية قابلة للتنفيذ، وقد يكون نواة ذلك البدء فى تشكيل لجنة وطنية للتخطيط المتكامل للطاقة تضم ممثلي قطاعي البترول والكهرباء والخبراء الآخرين تقوم بإعداد هذه الإسترتيجية لمناقشتها على المستوى الوطني تمهيداً لإعلانها فى صورتها النهائية.
9. حتمية الإسراع فى تبنى سياسة واضحة المعالم والمسئوليات نحو رفع كفاءة الطاقة فى جانبي الإمداد والاستهلاك وتوفير الاستثمارات اللازمة لذلك.

وأختم قولي بالهمس في أذن كل من الرؤساء المرشحين أنه آن الأوان أن تعيش مصر عصر المؤسسات . وأقصد أن يكون الرأي بناءا علي المشورة وليس قرارا فرديا ولتكن سياسة الرئيس القادم أن يكون معه مجموعات استشارية من أهل الخبرة والتخصص (بدون أجر) في كل من المجالات السياسية والأقتصادية والاجتماعية والتمويلية ومجالات الطاقة والمياه والزراعة وغيرها, هذا ما تفعله كل الدول المتقدمة والنامية علي حد سواء .إنتهي عصر معاناة مصر من الرئيس الملهم والرئيس الذي يعطي التعليمات والتوجيهات في كل مناحي الحياه وكأنه الوحيد الذي يعلم وكأن مصر ليس بها متخصص غيره ؟ إنتهي عصر معاناة مصر من الرئيس "الودني" إذا همس له أحد من بطانته مؤيدا لفلان أو معارضا لفلان أو مؤيدا لمشروع أو معارضا لمشروع آخر عمل الرئيس بما سمع منه وضاربا بكل المعايير ومبادئ اتخاذ القرار عرض الحائط.... كفانا حكم الفرد وكفانا فردية وأنانية الرأي. عودة إلي عصرالمؤسسات والإستعانة بأهل الخبرة والتخصص.وعودة إلي تفعيل دور المجالس القومية المتخصصة ودعمها بمزيد من الخبرات والإمكانيات.

كاتب الرسالة حاصل علي جائزة الدولة التشجيعية في العلوم الهندسية عام 1986 وحاصل علي نوط الاستحقاق من الطبقة الاولي عام 1995 وحاصل علي جائزة نوبل عام 2005 ضمن مفتشى الوكالة الدولية للطاقة الذرية مناصفة مع الدكتور محمد البرادعي مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية في ذلك الوقت.

---

خبير الشئون النووية و الطاقة
كبير مفتشين بالوكالة الدولية للطاقة الذرية (سابقا)