رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أحداث سياسية في شهر مايو

ترتبط الأحداث والقضايا السياسية ببعضها البعض في تتابع زمني مستمر وفي تراكم متواصل لكي تشكل التاريخ البشري والذي يمكن العودة إليه بين فترة وأخرى لاستخلاص الدروس والعبر سواء من التاريخ الحديث أو التاريخ المعاصر، ولذلك فإن الفائدة الحقيقية للتاريخ وأحداثه هي الاستفادة وعدم تكرار الأخطاء في

المستقبل وهذه هي عبرة التاريخ ودلالته، والذي يرتبط ارتباطا وثيقا بالسياسة وبحيث يمكن توضيح هذه العلاقة باعتبار أن التاريخ هو السياسة الماضية ،فأي حدث في وقت وقوعه يكون سياسة وعندما تمر عليه فترة زمنية يصبح بمثابة تاريخ ، ويمكن وفقا لهذا المنطق تناول قضيتين أو حدثين ارتبطا بشهر مايو،أولهما داخلي والثاني إقليمي ودولي وهما حركة التصحيح أو ما اصطلح على تسميتها ثورة 15 مايو، وهذا هو الحدث الداخلي ،أما الحدث الثاني فهو قيام دولة إسرائيل ومن مفارقات القدر أن الحدثين وقعا في 15 مايو وإن اختلفت السنة ،ويمكن الإشارة في ذلك إلى الملاحظات التالية:-
أولا: ثورة 15 مايو أو ثورة التصحيح في عام 1971 والتي أطلق عليها تسمية مؤامرة مراكز القوى والتي وقعت أحداثها عقب تولي الرئيس السادات بثمانية أشهر أعقبت وفاة الرئيس جمال عبدالناصر وتلخصت هذه الأحداث في تكتل مضاد للرئيس السادات من مجموعة من أفراد النخبة السياسية الحاكمة الأكثر تأثيراً ونفوذاً في مؤسسات الدولة المختلفة والذين تقدموا باستقالات جماعية بهدف إحداث فراغ مؤسسي ودستوري وتعبيرا عن موقفهم المضاد للرئيس السادات، والذي عبر فيما بعد عن موقفه إزاء هذه التطورات بأنهم أتاحوا له الفرصة الذهبية بهذا الموقف للتخلص منهم وإحداث تصحيح كان مطلوبا لثورة 1952، ويستخلص من ذلك الدلالات التالية:
أ- أن الثورات يمكن أن تصحح نفسها ودون أن يعني ذلك بالضرورة التناقض بين ثورتين مثل ثورة 1952 وثورة التصحيح على سبيل المثال،بل قد يكون الهدف هو التخلص من العيوب والسلبيات التي تظهر خلال الممارسة الواقعية مما يعني تنقيح الثورة وجعلها أكثر قدرة وتأثيرا.
ب- إنه من الأهمية بمكان تواجد مؤسسات قوية تتبنى مبادئ وأهداف الثورة وتضمن استمراريتها من الناحية الواقعية، ويمكن في هذا الإطار الإشارة إلى الحزب الكاريزمي الذي تحدث عنه عالم السياسة الشهير هوروتينر.
ج- إن الشعب عندما يكون طرفا هاما في المعادلة السياسية فإن ذلك يضمن النجاح وحدث ذلك في التأييد الشعبي الذي حصل عليه الرئيس السادات في تلك الفترة ضد من أطلق عليهم مراكز القوى مما ساعده على النجاح.
ثانيا: قيام دولة إسرائيل في 15 مايو 1948 عقب انتهاء الانتداب البريطاني على فلسطين مباشرة ،وبداية القضية الفلسطينية منذ هذا التاريخ أو ما اصطلح على تسميته بالصراع العربي الإسرائيلي

،ويمكن في هذا الإطار الإشارة إلى عدة ملاحظات هامة وهي:-
أ- إن القضية الفلسطينية تعتبر من أقدم القضايا والمشاكل السياسية وأكثرها تعقيدا، حيث أنه قد مر عليها أكثر من ستة عقود ونصف من الزمان دون الوصول إلى حل (عقب قيام دولة إسرائيل) بينما تعود جذور هذه القضية إلى تاريخ أقدم من ذلك وهو عام 1879 عندما انعقد المؤتمر الصهيوني الأول والذي تزعمه تيودور هرتزل، ووضع المخطط اللازم لإنشاء دولة لليهود في  فلسطين.
ب- إن القضية الفلسطينية تختلط فيها متغيرات وأبعاد متعددة سياسية واقتصادية وعسكرية ونفسية وديموجرافية وجغرافية، كما تختلط فيها الأبعاد المحلية والإقليمية والدولية في مركب شديد التعقيد وهذا يفسر استمراريتها لفترة زمنية طويلة دون حل.
ج- إن القضية الفلسطينية من أهم أسباب عدم الاستقرار السياسي في الشرق الأوسط واندلعت نتيجة لها عدة حروب عربية إسرائيلية في أعوام 1948 و1956 و1967 والاستنزاف و1973 فضلا عن اعتداءات متكررة على الدول العربية المجاورة لإسرائيل.
د- إنه إذا كانت هناك رغبة في تحقيق السلام بمعناه الحقيقي في منطقة الشرق الأوسط فإن ذلك يتطلب بالضرورة تكثيف الجهود الإقليمية والدولية للوصول إلى حل لهذه المشكلة التي لا تقتصر في آثارها على الأطراف المباشرة فقط بل ينعكس تأثيرها أيضا على العالم ككل.
هـ - إن حل الدولتين هو الحل الأفضل لكافة الأطراف بمعنى أن تتواجد دولة فلسطينية معترف بها وقابلة للاستمرارية وعاصمتها القدس الشرقية بجوار إسرائيل، وألا تكون مرجعية الدولتين (الفلسطينية والإسرائيلية) مرجعية دينية مما يعني ضرورة إعادة النظر في مبدأ يهودية الدولة أو الدولة اليهودية.
إنها مجرد أفكار وتأملات وقضايا يثيرها شهر مايو، لنأخذ منها العبر والدروس المستفادة وألا نكرر أخطاء الماضي ونحن ننطلق نحو المستقبل.

أستاذ العلوم السياسية –جامعة القاهرة