رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

علاقة الشرطة والمواطنين.. رشيد نموذجا

تثار بين فترة وأخرى  بعض المشكلات المرتبطة بطبيعة العلاقة بين الشرطة والشعب، أو بين الشرطة والمواطنين، وتنجم هذه المشكلات في المقام الأول عن عدم الالتزام بتطبيق صحيح القانون

وعدم المعرفة بالحقوق والواجبات التي يكفلها القانون لكل طرف ويترتب على ذلك تكرار حدوث المشكلات والتي يمكن أن تتصاعد في بعض الأحيان وتؤدي إلى نتائج غير مرغوب فيها، ولعل من أحدث أمثلة ذلك ما حدث في مدينة رشيد خلال الأسبوع الماضي حيث توفي أحد الأشخاص المحتجزين في مركز شرطة رشيد وذكرت بعض الروايات أنه تعرض لعملية تعذيب داخل المركز نتج عنه الوفاة وهو ما نفته الشرطة، كما ذكرت بعض الروايات الأخرى أن هذا الشخص قد قام باعتراض رجال الأمن خلال قيامهم بإلقاء القبض علي أحد الأشخاص وحدث اعتداء على رجال الأمن مما أدى إلى القبض عليه، وأعلن عن وفاته في اليوم التالي وهو ما فسره البعض بتعرضه لأعمال تعذيب ونتجت عنها الوفاة، وحدثت تظاهرات أمام مركز الشرطة ،وعلى الطريق الدولي وتدخلت قوات الأمن وأصيب بعض الأفراد المتظاهرين كما أصيبت بعض السيارات على الطريق الدولي نتيجة لهذه الأعمال ،ويمكن في هذا الإطار الإشارة إلى الملاحظات التالية:-
أولا: إن الأمر يتطلب إجراء تحقيق نزيه ومستقل ومحايد في هذه الواقعة وذلك نظرا لتعدد الروايات وتضاربها وتوضيح ما هو الخطأ الذي حدث من أي طرف وأدى إلى هذه التداعيات وهل هناك اعتداء من المواطن قبل القبض عليه على رجال الأمن وإذا كان قد حدث ذلك فما هي نوعية هذا الاعتداء (لفظي - بدني - بآلة حادة.. ........الخ)؟ وهل هناك تجاوزات حدثت من رجال الأمن خلال القبض عليه أو عقب القبض عليه وهل تعرض لعملية تعذيب أدت إلى وفاته أم لا؟ وخصوصا هذه ليست الحالة الأولى من نوعها بل حدثت حالة مماثلة منذ فترة قريبة، مما يجعل هناك أهمية خاصة لمثل هذا التحقيق المستقل وتعلن نتائجه للمواطنين.
ثانيا: إن هناك قواعد وإجراءات قانونية لابد من مراعاتها خلال القبض على المواطن أو عقب القبض عليه، ومنها على سبيل المثال ضرورة الحصول على إذن النيابة العامة (فيما عدا حالات التلبس) ومن حق المتهم أن يكون له محام للدفاع عنه وألا تساء معاملته أو يتعرض لإهانة عقب القبض عليه، وبمعنى آخر فإن القانون والدستور يكفل حقوقا معينة للمتهم لابد من مراعاتها ويقدم إلى القضاء لإصدار حكمه بالإدانة أو البراءة ،كذلك فإن رجل الأمن يمثل هيبة الدولة وأداتها في تنفيذ القانون والقبض على المتهمين ومن غير المتقبل تحت أي ظرف أو مبرر الاعتداء على رجال الأمن أو مقاومتهم او الإساءة لهم بأي شكل من الأشكال ،لأن ذلك كله من الأعمال التي يجرمها القانون ،وإذا كان للمواطن حقوقه التي يجب صيانتها وتوفير الحماية له والتي يكفلها القانون حتى لو كان متهما فإن لرجل الأمن أيضا حقوقه باعتباره مواطناً في المقام الأول وباعتباره رمزا لهيبة الدولة وأداة لتنفيذ القانون.
ثالثا: ضرورة تنفيذ القانون وتطبيقه على الجميع وفي

كافة الحالات، سواء بالنسبة لرجل الأمن إذ حدث منه تجاوز للقانون  أو عدم الالتزام بقواعده أو انتهاك حقوق وحرية المواطن أو تعذيبه حتى ولو كان متهما، أو قيام المواطن بالتعدي على رجال الأمن أو الإساءة إليهم بأي شكل من الأشكال، فالقانون في النهاية هو الذي يضبط وينظم العلاقة بين المواطنين جميعا وبين الدولة وأجهزتها المختلفة بما في ذلك جهاز الشرطة ،ولذلك فالعلاقة بين الشرطة والمواطنين ليست علاقة شخصية أو ثأرية بل هي علاقة موضوعية تتمثل في تطبيق صحيح القانون وتوقيع الجزاءات القانونية من جانب القضاء على المتهمين الذين تثبت إدانتهم.
رابعا: إنه من المرغوب فيه في جميع الأحوال الاستفادة من الأخطاء وعدم تكرارها وخصوصا في مثل هذه الظروف الدقيقة والمرحلة الصعبة التي يمر بها الوطن والظروف الصعبة التي يعاني منها المواطنون، حيث أن هذه الواقعة ربما لا تعبر عن حدث فريد من نوعه وإنما يمكن أن تكون قابلة للتكرار في أماكن أخرى، والخطورة هنا أن مثل هذه الأحداث والوقائع يمكن أن تستغل من جانب بعض الأطراف (في الداخل أو الخارج) ويتم تسييسها ويتم من خلالها الإساءة لجهاز الشرطة بأكمله رغم كل ما يبذله من جهود جبارة للحفاظ على أمن الوطن وأمن المواطن وربما يكون من المرغوب فيه العمل على الحيلولة دون ظهور أو تكرار مثل هذه الحوادث واحتوائها في حالة ظهورها، بالإضافة إلى محاسبة من يتجاوز القانون، فضلا عن المكاشفة والمصارحة بحقيقة الأوضاع حتى لا تحدث عملية تضخيم لبعض الحوادث وحتى لا تنتشر الإشاعات والتي تستخدم كسلاح من أسلحة الحرب النفسية،وربما يكون من المرغوب فيه توعية المواطنين بأن لهم حقوقاً يكفلها القانون والدستور وعليهم أيضا التزامات ومسئوليات وواجبات بمقتضى كونهم مواطنين، وضرورة الحفاظ دائما على التوازن المطلوب بين الحق والواجب بينما من جانب الشرطة يتطلب الأمر تحقيق التوازن المطلوب بين تطبيق القانون والحفاظ على حقوق المواطن وكرامته حتى تكون العلاقة بين الشرطة والمواطنين في إطارها الصحيح.
أستاذ العلوم السياسية