رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

حول العلاقات المصرية الأمريكية

سعدت في الأيام القليلة الماضية بتلقي هدية قيمة من سعادة السفير الدكتور أمين شلبي ذي التاريخ الحافل في مجال الدبلوماسية والثقافة والمدير التنفيذي للمجلس المصري للشئون الخارجية، وهي أحدث كتبه والمعنون «العلاقات المصرية الأمريكية» والتي مرت بعديد من التطورات وموجات من المد والجزر خلال أكثر من ستة عقود أعقبت قيام ثورة 23 يوليو وتوقعات كل طرف من الآخر ومدى تحقق هذه التوقعات، واستمرارية العلاقات المصرية الأمريكية كأحد المحاور والاهتمامات الرئيسية للدولتين رغم ما يحدث من تغيرات في البيئة والظروف الدولية أو الإقليمية أو المحلية، ورغم تغير أشخاص القادة والزعماء خلال هذه العقود الطويلة وكذلك رغم تغير النظام الدولي نفسه، وهو ما يعتبره المؤلف انعكاسا لعلاقة استراتيجية تربط الطرفين وتظهر فيها المصالح المشتركة ومجالات التعاون والتي تفوق عوامل الاختلاف وتضمن استمرارية العلاقات بين الدولتين.

وينقسم الكتاب موضوعياً إلى عدة مراحل في تناول العلاقات المصرية الأمريكية:
أولا: العلاقات المصرية الأمريكية في عهد الناصري، حيث يتناول الكتاب في هذا القسم السياسة الخارجية المصرية تجاه الولايات المتحدة منذ العهد الملكي وتوقعات مصر بتأييد الولايات المتحدة لموضوع اجلاء القوات البريطانية فضلا عن الحصول على أسلحة حديثة للجيش المصري وإن كانت الظروف التي أعقبت الحرب العالمية الثانية وظروف الحرب الباردة قد أثرت على اتجاه السياسة الأمريكية في تلك الحقبة، ورغم ما كانت تتوقعه مصر من الولايات المتحدة في ظل النظام الثوري الذي أعقب عام 1952 من بناء الجيش والأسلحة والتنمية وخصوصا السد العالي وما حدث من آثار سلبية في علاقة الطرفين نتيجة التحولات في السياسة الخارجية المصرية، فإن الأمر لم يخل من مظاهر التعاون ظهرت في حالات سياسية واقتصادية متعددة وإن استمر المد والجزر في العلاقات المصرية الأمريكية في النصف الأول من الستينيات حتى وقوع عدوان 1967 وما أعقبه من تزايد خضوع الولايات المتحدة للنفوذ الصهيوني وتأثيره.
ثانيا: العلاقات المصرية الأمريكية في عهدي السادات ومبارك، حيث استمر الرئيس السادات في خلال السنوات الأولى من حكمه وحتى حرب أكتوبر يتبع المبادئ العامة للسياسة الناصرية ثم فتح قنوات اتصال مع الدبلوماسية الأمريكية عقب حرب أكتوبر، ما أدى إلى التوصل إلى اتفاقية كامب ديفيد 1978 والتي تمت برعاية أمريكية وأعقبها توقيع معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية في 1979، وترتب على ذلك أن العلاقات بين الدولتين وصفت بكونها استراتيجية وخصوصا مع حصول مصر على معونات عسكرية واقتصادية أمريكية عقب توقيع اتفاقية كامب ديفيد، وأصبح لدى الرئيس السادات قناعة بأن الولايات المتحدة تمتلك أوراق اللعبة وضرورة الحفاظ على العلاقة الاستراتيجية والتعاون معها، وعمل الرئيس الأسبق مبارك على مواصلة سياسة التعاون مع الولايات المتحدة والالتزام باتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية بالإضافة إلى التعاون مع الولايات المتحدة في منطقة الخليج ووصل هذا التعاون إلى ذروته في مشاركة مصر عسكريا في الائتلاف الدولي الذي شكلته الولايات المتحدة لتحرير الكويت، وعقب أحداث سبتمبر 2001 أصبح موضوع الإرهاب ومقاومته والتعاون مع مصر في هذا المجال

من أهم ما يشغل اهتمامات الإدارة الأمريكية، وإن كانت هناك نقاط للتجاذب أيضا في العلاقات المصرية الأمريكية في عهد مبارك مثل سحب مصر سفيرها في تل أبيب عقب الغزو الإسرائيلي للبنان في 1982 وحادثة الباخرة الأمريكية أكيلولاروا عام 1986، وبلغت الغيوم مداها في عهد الرئيس بوش الابن والذي تبنت ادارته نظرية الترويج للديمقراطية في الوطن العربي وهو ما فسرته الإدارة المصرية بأنه محاولة لتقويض مصر.
ثالثاً: العلاقات المصرية الأمريكية عقب 25 يناير و30 يونية
اتسم الموقف الأمريكي عقب 25 يناير بالتردد والارتباك ثم انحاز لمطالب الشعب المصري وطالب الرئيس أوباما الرئيس المصري بالتنحي، ولعل التحول المهم في العلاقات جاء بعد الانتخابات الرئاسية المصرية عام 2013 وانتخاب رئيس ينتمي للإخوان وترتب على ذلك اعتقاد لدى القوى السياسية المدنية أن الولايات المتحدة ساعدت الإخوان على الوصول للسلطة وقد جاءت ثورة 30 يونيو 2013 ضد نظام الإخوان وتبني القوات المسلحة لهذه الثورة وإعلانها في 3 يوليو 2013 خلع الرئيس ليضفي مزيداً من التردد في الموقف الأمريكي ونتج عنه توترات في العلاقات المصرية الأمريكية وخفف منها تراجع الرئيس أوباما في موقفه واعلانه في بيانه أمام الجمعية العامة أن الرئيس مرسي لم يحكم ديمقراطيا وأساء استغلال السلطة، وفي نفس الوقت جاء من تصريحات المسئولين المصريين ما يؤكد الحرص على العلاقات وتنقيتها من الشوائب وإن العلاقات قد عادت إلى حالتها الطبيعية.
ويمكن القول في النهاية أننا إزاء كتاب قيم ودراسة موضوعية تستحق القراءة والاهتمام سواء لدى الباحثين أو لدى الساسة، وخصوصا أنها تجمع بين خبرة الباحث الأكاديمي الجاد وبين تاريخ طويل لقامة من قامات الدبلوماسية المصرية الوطنية، وفي اعتقادي أن الدرس المستفاد من هذا العمل المتميز هو أنه في مجال العلاقات المصرية الدبلوماسية فإن لمصر دورها وتأثيرها الإقليمي في منطقتها، والولايات المتحدة قطب مؤثر على مستوى العالم وأنه لا توجد مصلحة للطرفين أن تصل العلاقات بينهما إلى درجة القطيعة أو التباعد غير المحسوب.