عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

المؤتمر الاقتصادي والانطلاق نحو المستقبل


شهدت مصر منذ الثالث عشر من مارس 2015 ولمدة ثلاثة أيام انعقاد المؤتمر الاقتصادي الدولي لدعم مصر والذي عقد في مدينة شرم الشيخ المصرية والذي سيكون له العديد من الآثار والنتائج الاقتصادية والسياسية الإيجابية والتي تشهدها مصر في الفترة القادمة، ويمكن في هذا الإطار الإشارة إلى الملاحظات الأساسية التالية:

أولا: إن هذا المؤتمر قد شهد نجاحا منقطع النظير رغم كافة الظروف والتحديات التي تشهدها مصر، ويعبر هذا النجاح عن نفسه على مستويات متعددة تتمثل في الإعداد الجيد للمؤتمر والحضور الكثيف لمختلف دول العالم ومن مختلف القارات ومشاركة أعداد كبيرة من زعماء وقادة الدول وكبار مسئوليها سواء من المنطقة العربية أو القارة الآسيوية أو أوروبا والولايات المتحدة وأفريقيا واستراليا، إضافة إلى حضور هيئات ومنظمات ذات طبيعة دولية مما يعكس مدى الاهتمام الذي يوليه العالم لهذا المؤتمر والرغبة في انجاحه، كما يعكس أيضا الأهمية الكبيرة التي يوليها العالم لمصر ودورها في الإقليم والمنطقة، كما حظى المؤتمر باهتمام عالمي مكثف من الناحية الإعلامية، إضافة إلى الفرص الاستثمارية الهائلة من خلال هذا المؤتمر وأوجه الدعم المختلفة المقدمة للاقتصاد المصري، والتي من شأنها تدعيم وتحفيز الاقتصاد المصري نحو النمو والانطلاق إلى التقدم، حيث يوجد في النظريات الاقتصادية ما يسمى الدفعة الكبرى في عملية التنمية ويتوقع أن يكون هذا المؤتمر بمثابة الدفعة الكبرى للاقتصاد المصري للانطلاق نحو التقدم والتنمية.
ثانيا: إن العبر والدروس التي يمكن استخلاصها من نجاح المؤتمر الاقتصادي الدولي في شرم الشيخ تتمثل في أن مصر قادرة بتضافر جهود شعبها وقيادتها على مواجهة التحديات المختلفة وقهر الصعوبات، وأن يكون نجاح هذا المؤتمر نموذجا يحتذى به للنجاح في مجالات أخرى متعددة، حيث بدأ الإعداد للمؤتمر مبكرا من خلال لقاءات على مستوى القمة مع زعماء وقادة وكبار المسئولين في دول أوروبية وعربية وآسيوية وأفريقية وتنسيق ومشاورات على مستوى وزراء الخارجية والوزراء المعنيين، فضلا عن التسويق الإعلامي للمؤتمر والمقدرة التنظيمية الكبيرة علي استقبال الزعماء والقادة والوفود المشاركة في المؤتمر، والعرض الجيد للخطط الاستثمارية الواعدة في مصر وأن يكون ذلك كله في اطار تخطيط زمني وعرض للجدوى الاقتصادية لتلك المشروعات المختلفة، بالإضافة إلى الجهود المبذولة لتأمين المؤتمر وجلساته والوفود المشاركة، وقد أدى تضافر هذه الجهود في النهاية إلى الإسهام في هذا النجاح الكبير للمؤتمر.
ثالثا: كما يتطلب الأمر أيضا أن تكون هناك مساهمة فعالة لرجال الأعمال المصريين ورؤوس الأموال المصرية في صياغة المستقبل الاقتصادي والاستثماري لمصر وبحيث يؤدي تضافر هذه الجهود المصرية والعربية الدولية إلى انطلاق الاقتصاد المصري نحو آفاق رحبة، وأن تكون هذه الاستثمارات وفقا لاستراتيجية اقتصادية استثمارية طويلة الأمد

وبما يحقق أكبر فائدة ممكنة لمصر وشعبها وللمستثمر سواء كان مصريا أو عربيا أو أجنبيا، وربما يساعد على تحقيق ذلك أيضا بدرجة مرتفعة من النجاح مدى القدرة على تحقيق الاستقرار بأشكاله ومستوياته المختلفة سواء كان هذا الاستقرار سياسيا أو أمنيا أو تشريعيا، ويقصد بالاستقرار التشريعي عدم إحداث تغييرات فجائية في القوانين والتشريعات المتعلقة بالاستثمار تنعكس سلبا على المستثمر، فالمطلوب في جميع الأحوال طمأنة المستثمر على أمواله وأصوله وأرباحه حتى يمكن ضخ المزيد من الاستثمارات.
رابعا: إن هناك درجة كبيرة من الترابط بين الاعتبارات السياسية والجوانب الاقتصادية، وبحيث لا يمكن الفصل بينهما فصلا تحكميا، فرغم أن هذا المؤتمر لدعم مصر هو في المقام الأول مؤتمر اقتصادي إلا أنه يطرح آثاره السياسية بالضرورة والمتمثلة في استعادة مصر لدورها اقليميا ودوليا، وأن نجاح مصر اقتصاديا واستقرارها أمنيا يؤثر على وينعكس بالضرورة على المنطقة بأكملها سواء من الناحية الاقتصادية أو من الناحية الأمنية ومقاومة الإرهاب، وذلك على نحو ما جاء في الكلمات التي ألقاها زعماء وقادة الدول خلال جلسات المؤتمر.
ويمكن القول إن نجاح هذا المؤتمر الدولي عن مستقبل مصر الاقتصادي، والذي نأمل أن يكون له صفة الاستمرارية، ربما يشجع على تنظيم مؤتمر سياسي قومي لبحث التحديات السياسية التي تواجه مصر والمنطقة وأفضل الطرق لمواجهتها، وخصوصا ما يتعلق بمواجهة الإرهاب، فضلا عن رسم استراتيجية سياسية لمصر ذات طابع مؤسسي يتم العمل على تحقيقها وانجازها بصرف النظر عن الأشخاص (رؤساء الوزارة، والوزراء والمحافظين وكبار المسئولين) بحيث يأتي كل مسئول وكل وزارة بإضافة جديدة إلى ما سبق وصولا إلى تحقيق هذه الاستراتيجية وبما يحقق المزج الناجح بين المتطلبات السياسية والمتطلبات الاقتصادية لمصر وشعبها وهي تنطلق نحو صناعة المستقبل.

أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة