تعديلات وزارية جديدة ومشكلات قديمة
شهدت مصر في الأيام القليلة السابقة بعض التغيرات في وزارة رئيس الوزراء المهندس إبراهيم محلب، وترتب على هذه التعديلات استحداث وزارتين وتغيير ستة وزراء، وبذلك تصل نسبة التغيير إلى قرابة 20% من إجمالي أعضاء الوزارة وهو ما أثار تساؤلات عن توقيت التعديلات الوزارية وضرورتها وأهميتها، وما يمكن أن يترتب عليها من نتائج حالية ومستقبلية ويمكن في هذا الإطار الإشارة إلى الملاحظات التالية:-
أولا: إن الوزارة لها أهمية كبيرة باعتبارها تمثل السلطة التنفيذية والتي تعمل مع رئيس الجمهورية والذي يمثل قمة السلطة التنفيذية، والمهمة الرئيسية للوزارة هي تنفيذ القوانين وتطبيقها وتيسير حياة المواطن من خلال التغلب على المشاكل والعقبات التي تواجه المواطن في حياته اليومية ،ولذلك فإن الحكم على أي وزارة سلبا أو إيجابا يرتبط ارتباطا وثيقا بمدى قدرة الوزارة على حل مشاكل الجماهير والاستجابة لمطالبهم وفي حدود الإمكانيات المتاحة سواء على مستوى كل قطاع وزاري على حدة، أو على مستوى الوزارة ككل، وبالتالي فإن مدى نجاح الوزارة في مجابهة المشكلات الجماهيرية وعلاجها يترتب عليه الإحساس بالتقبل والرضاء عن الوزارة وعن النظام ككل وهو ما يترجم بالمصطلحات السياسية بتزايد درجة الشرعية السياسية، والعكس صحيح فإن الإخفاق في علاج المشاكل الجماهيرية يترتب عليه تراجع درجة الرضاء والتقبل لدى المواطنين وهو ما ينعكس سلبا على الشرعية.
ثانيا: إن هناك العديد من المشاكل التي يعاني منها المواطن في حياته اليومية والتي تنطوي على درجة من الاستمرارية، ولذلك يكون الحكم على نجاح أي وزارة مرتبطاً بمدى قدرتها على تحقيق إنجاز في علاج هذه المشكلات حتى لو كان هذا النجاح جزئيا بالنسبة لكل وزارة، حيث يؤدي تراكم هذا النجاح الجزئي إلى إحساس المواطن بتحسن نسبي في حدة ما يواجهه من مشكلات، ولعل أهم هذه المشكلات التي يعاني منها المواطن في حياته اليومية تتمثل في الآتي:
أ- المشاكل المرتبطة بالخدمات الأساسية مثل أنبوبة البوتاجاز والصرف الصحي ومياه الشرب والكهرباء والتي ترتبط بالحياة اليومية والمعيشية للمواطن وتؤثر عليها تأثيرا مباشرا.
ب- موضوع تطوير العشوائيات والتي تتراجع فيها الخدمات تراجعا شديدا وتكون المعيشة فيها في بعض الأحيان غير صالحة أو غير آدمية، وما يمثله ذلك من تداعيات اقتصادية واجتماعية فضلا عما يمثله ذلك من تهديدات أمنية.
ج- البيروقراطية الشديدة والتي تُصِعب من عملية تعامل المواطن مع الجهاز الإداري للدولة في حالات متكررة وتجعل المناخ ملائما لاستفحال ظاهرة الفساد الإداري.
د- تزايد أعمال العنف والتي تهدد المواطن في حياته اليومية سواء كان هذا التهديد نتيجة للعنف الإجرامي المرتبط بالأحداث الإجرامية مثل السرقة والخطف وغيرها، أو كان مرتبطا بالإرهاب
ثالثا: ضرورة وجود استراتيجية للعمل الوزاري، وبحيث تضمن التراكم في العمل والاستمرارية ويتطلب ذلك تحديداً لأهداف العمل الوزاري خلال فترة زمنية طويلة
رابعا: الاستقرار الوزاري، ويقصد بذلك تركيبة أو بنيان الوزارة والعلاقة بين أعضائها بالإضافة إلى الفترة الزمنية للوزارة، حيث يتطلب الأمر أن يكون هناك تجانس وتناغم بين أعضاء الوزارة وبحيث يعملون معا كفريق متجانس، دون حدوث انقسامات أو شللية داخل الوزارة، ويعمل الجميع على تحقيق هذه الاستراتيجية الموضوعة، أما من حيث الزمن فإن الأمر يتطلب أن تستمر كل وزارة لفترة زمنية معقولة حتي يمكنها تحقيق إنجازات فيما تقوم به من مهام وما تواجهه من مشكلات، فالعديد من المشكلات التي تواجه المواطن ليست جديدة أو مستحدثة، بل هي مشاكل لها استمرارية عبر سنوات طويلة وهو ما يعني عدم تحقيق إنجازات كبيرة في مواجهتها، وهو ما نأمل من الوزارات الجديدة أن تتغلب عليه حتى يشعر المواطن بتحسن في أحواله وتراجع ما يواجهه من مشكلات وهذا هو المعيار في تقييم أي وزارة.