رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مصر وروسيا .. تحديات ومصالح مشتركة

يمكن استنتاج عدد من النتائج والدلالات والرسائل المهمة التي تمخضت عن زيارة الرئيس بوتين لمصر على مختلف مستويات العلاقة بين الدولتين سواء من الناحية السياسية أو الاقتصادية أو الأمنية والاستراتيجية وعلى مستوى القضايا ذات الاهتمام المشترك، فضلا عن النتائج والتداعيات الإقليمية والدولية وتزايد القدرة على المناورة وتحقيق مزيد من الاستقلالية والمرونة في السياسة الخارجية للدولتين، ويمكن في هذا الإطار الإشارة إلى الملاحظات التالية:

أولا: البعد التاريخي للعلاقات المصرية الروسية فهي علاقات قديمة وبلغت ذروة قوتها في العهد الناصري بصفة خاصة مع اتجاه مصر نحو المشروعات القومية العملاقة مثل السد العالي ومصانع الحديد والصلب والمساعدات في المجال العسكري ومجال التسليح والذي جعل العلاقة قوية ووثيقة بين مصر والاتحاد السوفيتي السابق، وأخذت هذه العلاقة تستعيد زخمها وقوتها في الآونة الأخيرة وخصوصا عقب ثورة 30 يونيو وفي إطار توجه السياسة الخارجية المصرية نحو تحقيق مزيد من المرونة والتوازن واستعادة الدور سواء على المستوى الإقليمي أو الدولي والاهتمام الوثيق بالقارة الآسيوية في إطار ما يعرف بسياسة التوجه نحو الشرق والمقصود به روسيا والصين والهند ودول النمور الآسيوية واليابان، فضلا عن التوجه نحو الجنوب أي نحو القارة الأفريقية ذات الأهمية الحيوية والاستراتيجية بالنسبة لمصر إضافة إلى التوجه نحو الخليج والمنطقة العربية والتوجه نحو الغرب مما يضفي المرونة والاستقلالية على السياسة الخارجية المصرية.
ثانيا: إن زيارة الرئيس الروسي لمصر يمكن النظر إليها في إطار ما يعرف بالمصطلح السياسي والدبلوماسي بدبلوماسية القمة، أي دبلوماسية القادة والزعماء وهي من الأنماط المستحدثة نسبيا من الدبلوماسية والتي تتسم بالقدرة على اتخاذ القرارات بسرعة وفي فترة زمنية قصيرة تتحقق النتائج المطلوبة وهو ما حدث خلال الزيارة التي قام بها الرئيس الروسي لمصر أو ما سبقها من زيارة للسيد الرئيس إلى روسيا، وخصوصا أن هذه الزيارات المتبادلة تأتي في فترة تتسم بوجود مظاهر للتشابه بين مصر وروسيا، حيث خضعت الدولتان لضغوط خارجية خصوصا روسيا عقب أزمة أوكرانيا وفرض الحصار عليها من الغرب والولايات المتحدة، ولذلك فإن هذه الزيارة تبعث رسالة للغرب أن روسيا تستطيع كسر الحصار المفروض عليها، وأن مصر في سياستها تتسم بالاستقلالية وعدم التبعية لأحد بعد فترة عقود زمنية كان يبدو العالم فيها بالنسبة لمصر كما لو كان يقتصر على الولايات المتحدة والغرب، وبالتالي فإن إحدي النتائج المهمة والمؤثرة لهذه الزيارة أن مصر وروسيا تستطيعان اتخاذ موقف أكثر مرونة واستقلالية في المجال الخارجي.
ثالثا: إن التقارب المصري الروسي يحقق مصالح متبادلة للطرفين، فالعلاقات السياسية الناجحة تتسم بتحقيق مصالح متبادلة لأطرافها، وهذا ما ينطبق على العلاقات المصرية الروسية، فمصر تحقق مصلحة اقتصادية وسياسية واستراتيجية من هذه الزيارة والتي تأتي من حيث التوقيت قبل فترة وجيزة من انعقاد المؤتمر الاقتصادي الدولي في مصر مما يعني أن روسيا تدعم هذا التوجه من

جانب مصر وترسل رسالة للعالم أن مصر قادرة على النمو الاقتصادي ويتوافر فيها المناخ الملائم لذلك، فضلا عن إمكانية التأثير الإيجابي لروسيا على عديد من الدول التي تتفق معها في هذا التوجه، كذلك هناك تعددية في آفاق التعاون في مجالات الطاقة والتصنيع ومشروع تنمية محور قناة السويس، فضلا عن الموقف المشترك تجاه القضايا الإقليمية المهمة والتعاون في مجال مكافحة الإرهاب والذي يهدد الجميع بالإضافة إلى التعاون في المجال الأمني والعسكري والصناعات العسكرية وتطويرها وتوقيع مذكرات تفاهمم بشأن الاستثمار وإقامة محطة نووية لتوليد الكهرباء، فضلا عن المصالح الروسية والمتمثلة في كسر العزلة ولعب دور في حل القضايا الإقليمية فضلا عن الحصول على الصادرات المصرية خصوصا في فترة تعاني فيها روسيا من ظروف الحصار الغربي، بالإضافة إلى فتح مجالات للاستثمارات الروسية في مصر ذات المجالات المتعددة من الاستثمار الواعد والمرتفع العائد.
رابعا: إن العلاقات المصرية الروسية وتقويتها ووصولها إلى درجة العلاقات الاستراتيجية ليست على حساب طرف آخر وليست موجهة إلى طرف بالذات،فإذا كانت مصر في سياستها الخارجية تتجه نحو الشرق فإنها تتجه أيضا إلى الجنوب أي نحو القارة الأفريقية وهي تتجه أيضا نحو الغرب ويمكن الإشارة إلى زيارة الرئيس في فترة سابقة لفرنسا وإيطاليا وكلاهما من الدول المؤثرة في الاتحاد الأوربي، وهذا كله ليس مناوئة للولايات المتحدة أو موجها ضدها فمصر دولة اقليمية مؤثرة في منطقتها، والولايات المتحدة قطب مؤثر في العالم ولا توجد مصلحة لأي من الطرفين أن تصل العلاقات بينهما إلى درجة القطيعة، بل هي محاور متعددة ومتنوعة تتحرك عليها السياسة الخارجية المصرية مما  يعطي لها مزيدا من الاستقلالية والمرونة وهو حق مشروع لأي دولة دون أن يكون ذلك موجها لأي طرف، ونتوقع أن تكون هناك نتائج ايجابية سريعة لمثل هذه اللقاءات يشعر بها الوطن والمواطن في مصر

أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة